الرئيسية / الأخبار / فلسطين
راضي أبو خضر: مئة عام وذاكرة ثرية..
تاريخ النشر: الثلاثاء 23/01/2018 06:53
راضي أبو خضر: مئة عام وذاكرة ثرية..
راضي أبو خضر: مئة عام وذاكرة ثرية..

طوباس: توقفت الحلقة (83) من سلسلة (أصوات من طوباس) لوزارة الإعلام مع المُعمر راضي عبد الله أبو خضر، وفيها وصف أحوال مدينته قبل عقود، وأعاد حكاياتها العتيقة، وتوقف طويلًا مع ذكريات الشتاء، حين كان المطر يرافق طوباس عدة أيام متواصلة، فيما كساها الزائر الأبيض غيرة مرة.
يقول: لم أستمع إلى النشرات الجوية في حياتي، وكلها (حكي فاظي)، وفي أيام زمان كنا لا نرى الشمس في الشتاء إلا في المناسبات، واليوم تغيرت الأحوال، وقلّ الخير، والأرض "ناشفة" حتى في المربعانية.
أجيال ومهور
يجلس أبو خضر في دكانه لبيع المواد القديمة، ويسرد: ولدت عام 1918، وتزوجت مرتين: الأولى عام 1942 والثانية عام 2006، وابنتي الكبيرة عمرها 73 عاماً، ولي 9 أولاد وبنات، أصغرهم شهد ( 9 سنوات)، وعمر (8 سنوات)، وعندي أكثر من 70 حفيدًا، ولا يصدق من لا يعرفني أنني والد شهد وعمر، ويحسبوني جدهم، وحفيدي الذي يحمل اسمي متزوج وعنده أطفال.
يملك أبو خضر ذاكرة جيدة، وروحاً مرحة، ويجيب سائليه: "عمري فوق الأربعين". ويضيف: كان المهر الأول الذي دفعته عام 1942 لزوجته الأولى رفقة صالح 50 جنيهًا فلسطينيًا، أما الثانية فمهرها خمسة آلاف دينار أردني.
وأبصر المُعمّر النور في طوباس، وانقطع عن دراسته بعد الصف الثالث، ويتذكر معلمه الأول الشيخ حريص من نابلس، ولا تفوته سيرة عمله الأول في بناء مخفر الفارعة (السجن القديم الذي ارتبط بتعذيب الأسرى خلال انتفاضة عام 1987)، وكان يصل إلى عمله ويعود منه مشياً، وأول أجر حصل عليه قرشين، ويتوقف عند نظام السخرة الذي فرضه الاحتلال البريطاني لرصف الطرقات بالحجارة.
يروي: بدأت بالعمل بعمر السابعة، وكنت أبيع البيض للجنود الإنجليز في معسكر البلدة، وفي أيام الشباب معاوناً لسائق الباص حافظ المحمود، واشتغلت مع الجيش العراقي بطوباس، وبدأت منذ عام 1950 في بيع الأدوات الخاصة بالزراعة والخيول، ومعظم بضاعتي لا يعرفها الجيل الجديد.
ويستضيف دكان أبو خضر أدوات قديمة كالحبال، وأكياس الورق، وشباك الصيد، وأبر وابور الكاز، وبعض الأدوات التي تعود لما قبل وصول التيار الكهربائي لطوباس، وأدوات الزراعة اليدوية.
يقول: كل شيء تغير، واختفت أدوات كثيرة مثل وابور الكاز( البريموس) والفوانيس والشنبر الذي كان يركب لها، والأحذية الجلدية( البوبلينية)، وألواح الدراس. ولم يعد أحد يطلب أدوات الحصاد والحراثة بكثرة مثل المنجل، والكالوشة، والغربال، والناطح، والمذراة، والكربالة، والمنساس، واللجام، إلا في المناسبات. وأولادي الصغار وبعض الكبار وجميع أحفادي لا يعرفون معظم ما أعرضه، وأكثر شيء رائج اليوم، الليف والمكانس. ولم نعد نجد البذور البلدية مثل البطيخ الجدوعي، والذرة البيضاء، والكوسا البلدي، والخيار، وكل حياتنا تغيّرت.
حكايات ومشي


سافر أبو خضر إلى تركيا ومصر والسعودية والشام، وسار بأقدامه عشرات المرات إلى جرش الأردنية، التي يسكنها معظم أولاده اليوم، ويحرص على تناول الزيت والزعتر واللبن والفلافل أحياناً، ويكثر من الملوخية، ومنعه الأطباء منذ سنوات عن اللحوم لإصابته بداء الملوك (النقرس)، ولم يُدخن في حياته، ويعاني أوجاع بعد إصابته بكسور قبل ثلاث سنوات.
يقول: كنا نمشي طوال النهار، ونصل في الليل بمعدل 15 ساعة حتى نصل جرش، ولم نكن نتعب، وكنا نستريح قليلاً، ولم تكن في طوباس غير سيارتين لجميل شاهين وسميح الرشيد، واليوم في كل بيت سيارة وأكثر.
يسرد: أحمل جواز سفر بريطاني، وتعاملت بالجنيه، والدينار، والشيقل، والجنيه المصري، والليرة السورية والتركية، وولدت زمن الدولة العثمانية، وعاصرت الحرب العالمية الثانية، والاحتلال الإنجليزي، والحكم الأردني، والاحتلال الإسرائيلي، والسلطة الوطنية، وعشت ثورة 1936، والنكبة، والنكسة، وحرب لبنان، والخليج، وأكتوبر، وانتفاضة 1987، وغيرها.
مذياع وحرب
ويواصل أبو خضر: كنا نتجمع في بيت المختار أنيس المحمود، ونسمع الأخبار من الراديو الخشبي الكبير، وأذكر جيدًا إسراع الناس لمعرفة أخبار الحرب العالمية الثانية بين دول الحلفاء ودول المحور.
يُنهي: أحمل جوالاً لا أحفظ رقمه، واستقبل بعض طلبات الزبائن عليه، وعندي هاتف أرضي منذ عشرين سنة. واستمع منذ مدة طويلة لإذاعة (لندن)، وقرأت صحف الدفاع، والمنار، وفلسطين، والجهاد، والقدس، والأيام، والحياة الجديدة، وأتابع المسلسلات البدوية الأردنية كل يوم، وافتقد الخبز الذي كنا نصنعه من الشعير والذرة البيضاء، وغابت حلوى السحسيات المصنوعة من الخبز الرقيق، ولم نعد نجد البطيخ الجدوعي، وصمت رمضان 88 مرة، وتوفي والدي عام 1959، ومات كل أبناء جيلي.
قصص وكواكب
بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس والأغوار الشمالية عبد الباسط خلف إلى أن"أصوات من طوباس" نقلت منذ عام 2013 عشرات القصص الإنسانية، ورصدت معاناة مواطني الأغوار، وتتبعت إبداعات شبابية ونسوية، وواكبت واقع القطاع الزراعي والبيئي والرياضي والثقافي.
وأضاف إن الوزارة أطلقت أيضًا برامج: (كواكب لا تغيب) الخاصة برواية قصص إنسانية لشهداء الحرية، و(ذاكرة لا تصدأ) المهتم بالتاريخ الشفوي وإعادة بناء القرى المدمرة عام 1948، و(نور) الذي يواكب مسيرة التربية والتعليم في المحافظة، بجوار سلسلة (قضية ومسؤول) المشترك مع جامعة القدس المفتوحة، والخاص بتوفير همزة وصل بين المسؤولين والمواطنين.


 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017