هاف بوست عربي | أمجد رفيق - رام الله
قرب الحاجز الذي تقيمه إسرائيل شمال محافظة رام الله والبيرة، وقف الصحفي عبد الحفيظ جعوان حاملاً هاتفه الجوال؛ ليبث مباشرة على صفحته بالفيسبوك، مواجهات اندلعت على مدخل المدينة. وهو مشهد انتظره أكثر من 10 سنوات لكي يتحقق. بعد أن وافقت إسرائيل أخيراً على منح الفلسطينيين تراخيص لاستخدام نظام 3G، فيما العالم يقترب اليوم من نظام 5g!
يقول جعوان، (37 عاماً)، الذي يعمل صحفياً منذ 15 عاماً، إن الفلسطينيين انتظروا 10 سنوات حتى يصبح لديهم نظام 3G مقدم من مزود فلسطيني بدل الإسرائيلي، الذي حاول استغلال غياب هذه الخدمة من أجل تسويق خطوط إسرائيلية في السوق الفلسطيني. وقال لـ"هاف بوست عربي": "ضحينا وانتظرنا المزود الفلسطيني طويلاً؛ حتى لا نذهب للإسرائيلي. نتمنى من المزود الفلسطيني أن يضحي ويقدم أسعاراً منافِسة".
بث الصحفي جعوان عدة فيديوهات على صفحته، ولم يُخفِ أن الأمر كان مفرحاً بالنسبة له، خصوصاً أن البث على الشبكات الاجتماعية يحظى باهتمام من قِبل الفلسطينيين، "مع مرور هذه السنوات الطويلة في العمل الإعلامي، لأول مرة استطعت أن أنقل بالبث المباشر على صفحتي الشخصية".
أطلقتْ شركات الاتصالات الفلسطينية الخدمة، رسمياً، الثلاثاء 23 يناير/كانون الثاني 2018، في الأراضي الفلسطينية، بعد أن أمضت 10 سنوات هي والسلطة الفلسطينية في التفاوض مع الجانب الإسرائيلي؛ ليسمح بتشغيل هذه الخدمة، حيث كان يرفضها لأسباب أمنية.
يقول جعوان: "خدمة ليست غريبة على العالم، نعرف ما هي، لكن على المستوى الفلسطيني هي خبرة جديدة".
30 دولاراً
لكن على ما يبدو، فإن مسألة السعر تبقى حاسمة بالنسبة للعديد من الفلسطينيين. فقد أعلنت شركات الاتصالات تسعيرة الخدمة، التي تبلغ نحو 30 دولاراً لكل 5 غيغا في الشهر.
وعن ذلك، علق صالح نوفل مغرداً على حسابه: "الغيغا أغلى من الجاجا (الدجاجة)"، فيما قال رماز نضال: "شر البلية ما يضحك".
ورغم أن هناك امتعاضاً بين صفوف الفلسطينيين؛ بسبب الأسعار، لم تُخفِ الفتاة زينة أبو حجلة وهي تهم إلى الخروج من بيتها إلى أحد مطاعم مدينة رام الله، فرحتها بإطلاق الخدمة.
زينة، (23 عاماً)، التي تعمل موظفة، أرادت فحص جودة الخدمة، فقامت بعدة سنابات وتغريدات من هاتفها الجوال. تقول وهي تلهث ماشية وبيدها الموبايل، "التقطت سيلفي كثيراً، صار تحميلها متاحاً في كل وقت الآن، لم يكن ذلك متاحاً بالماضي. لا شك في أن ذلك أمر جميل".
وصلت زينة إلى المطعم وجلست مع شقيقتها، وبدأتا بالحديث العام ثم التقطت صورة السيلفي المعتادة قبل أن تقوم بتحميلها على صفحتها على إنستغرام. تقول لـ"هاف بوست عربي": "قمت بتحميلها من 3G، كان سريعاً ومميزاً".
أضافت: "أشعر بأننا مثلنا مثل بقية دول العالم، ليس معقولاً أن يكون العالم يقترب من انطلاق خدمات 5G ونحن ليس لدينا هذه الخدمة التي صارت أحد مكونات الحياة الأساسية!".
وتعمل في الأراضي الفلسطينية شركتان فلسطينيتان للهواتف الجوالة؛ هما: "جوال" و"الوطنية"، وتنافس شركات إسرائيلية على توفير الخدمة في الأراضي الفلسطينية.
بعيداً عن بيت زينة، وداخل مكان العمل، جلست الفتاتان دينا رسلان (22 عاماً) ونادين خياط (22 عاماً)، لاستراحة قصيرة. وبدأتا حوارهما المعتاد. كلتاهما لديها رغبة دائماً في متابعة ما يجري حولهما من أخبار، ومن أحداث على الشبكات الاجتماعية.
تقول دينا: "نحن بلد مليء بالأحداث، نحتاج دوماً لأن نكون على اتصال بالإنترنت، فأحياناً تغلَق طرق، وتفتح أخرى، أو يحصل اقتحام أو أي حدث، لا بد أن نكون متابعين، حقيقة وجود الـ3G يسهل علينا الأمر".
أما نادين، فترى أن للخدمة أهمية بلا شك؛ لأن الإنترنت صار جزءاً أصيلاً من حياة الناس، ولأن الموبايل "مثل ظلنا لا يفارقنا أبداً". تقول: "بلا شك، الخدمة ستضيف الكثير للفتيات في فلسطين، خصوصاً محبي سناب شات، وإنستغرام، فأصبح اليوم التغريد أسهل ومن أي مكان ومن دون أي مشاكل خدمة الإنترنت".
ولا تشمل هذه الخدمة الجديدة قطاع غزة المحاصر. وقال وكيل وزارة الاتصالات الفلسطينية، سليمان الزهيري، لوكالة فرانس برس، إنه "بتوجيه من الحكومة الفلسطينية، نعمل على بدء عمل الخدمة في غزة، وشركات الاتصالات لديها الجاهزية للعمل هناك، غير أنها بحاجة إلى موافقة إسرائيلية".
وعكس زينة، ميساء أبو بكر (26 عاماً)، رغم أنها لم تخرج من منزلها، فإنها اختارت ارتداء أجمل ما لديها في خزانة ملابسها وخرجت إلى شرفة منزلها التي تطل على المدينة.
استغرقها التحضير نصف ساعة أمام مرآة غرفتها؛ كي تلتقط صورة سيلفي وتنشرها على فيسبوك، "نعم، تستحق الصورة كل تلك التحضيرات".
رفعت موبايلها ذي الغلاف الزهري، ابتسمت والتقطت الصورة، تقول: "أشعر بأنني أواكب الحضارة برفع أول صورة باستخدام موبايلي"، رفعت الصورة وهي تقف على شرفة منزلها العالية وتتأمل سماء رام الله.
المزيد: أخبار فلسطين