د.خالد معالي
تعتبر الصورة قوة لا تنافس في الحرب الإعلامية، خاصة مع التقدم الحاصل في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يريده الشعب الفلسطيني وبأمس الحاجة له، كي يبرز ويظهر حقيقة الاحتلال للأرض الفلسطينية.
ولمعرفة قوة تأثير الصورة وخطرها على الاحتلال، فان كتاب الاحتلال قالوا بان شريط الفيديو لعهد التميمي وهي تضرب جنديا، تحول لفيروس في شبكات التواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية العالمية، فحياة الشريط كانت يفترض أن تكون قصيرة كغيره من الأفلام التي نشرت في السابق الا انه جرى عكس ذلك.
وحول قوة الصورة كتب "المونيتور" العبري: ” لو استطاع السياسيون "الإسرائيليون" ضبط النفس وعدم الرد، لكانت الصفعة التي تعرض لها جندي "إسرائيلي "من فتاة النبي صالح نسيت خلال يومين، إلا أن سلسلة من الأخطاء الأمنية والإعلامية وحتى الثقافية حولتها لرمز فلسطيني ضد الاحتلال في جميع أنحاء العالم".
ونتذكر نحن الفلسطينيون ما كتبه صحفي من الاحتلال في صحيفة "يديعوت احرونوت" بتاريخ 11\9\2007 ، عن صورة محمد الدرة وهو ملقى أرضا مقتولا شهيدا بسبب رصاص الاحتلال، وكيف أن هذه الصورة قد سببت ضررا عظيما في تشويه صورة دولة الكيان حتى هذه الساعة.
وما زالت صورة الطفلة الأسيرة عهد التميمي تهز الاحتلال ويرتد صداها رغم مرور أسابيع عليها، فالروح المعنوية للجنود بدأت تضعف بشكل متزايد في الرأي العام "الإسرائيلي"، وزير التربية "الإسرائيلي" "نفتالي بينت" وصف الصورة بأنها كانت صعبة جداً، وقال أن النساء اللواتي صفعن الجنود يجب أن يقضين حياتهن في السجن، ووزير حرب الاحتلال "أفيغدور ليبرمان" قال أن التعامل مع الأسرة وبقية أفراد عائلة التميمي يجب أن يكون صارما ورادعاً.
ويحتار الاحتلال في قصة عهد، حيث انه عندما جيء بعهد لتمديد توقيفها في المحكمة العسكرية في عوفر، أدارت ظهرها ووقفت برأس مرفوعة، يحيط بها عناصر من الجيش والشرط، وبقيت صورتها تزين المواقع الإخبارية في جميع أنحاء العالم، وهي تنظر بفخر إلى القضاة بأن الشعب الفلسطيني ينظر إليها بطلة، بحسب وصف صحافة الاحتلال.
ووصلت صور الطفلة الشقراء إلى محطات مترو وحافلات في دول غربية عديدة، ومجلة “أتلانتيك نيوز” أطلقت على قصة عهد التميمي “رمز النضال الفلسطيني في عصر الإنترنت”، وشبكة CNN تعاملت مع القصة برسم السؤال، إن كانت عهد التميمي شخصية بطولية أم مجرد شغب.
وهكذا بات الاحتلال يخشى عهد، فعهد التميمي تحولت رمزا فلسطينيا سلط الضوء على الاحتلال للضفة الغربية، والآن لا توجد فرصة أن تخرج “إسرائيل” منتصرة من هذه القضية، تقول "المونيتور"، والتي تتابع بان قضية عهد التميمي وصلت حتى الثقافة" الإسرائيلية"، فوزير الحرب أصدر تعليماته للإذاعة العسكرية للجيش بعدم بث أغاني الشاعر" الإسرائيلي" "يونتان جيفن" بعد أن شبه التميمي ب آنا فرانك وجان دارك.
وحقيقة أم خيال، طالب السفير "الإسرائيلي" السابق في واشنطن "مايكل اورين "المسئول حاليا عن الدبلوماسية في مكتب رئيس حكومة الاحتلال انه يريد إجراء نقاش في الكنيست حول ما إذا كانت عائلة التميمي أسرة فلسطينية حقيقية أم إنهم ممثلون.
وتقارن " المونيتور" بين التصوير الخاص بوكالة الأنباء “فرنسا 2” والتي وثقت مقتل الطفل محمد الدرة مطلع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والذي تحول لاحقاً لرمز لتلك الانتفاضة، وبقي محمد الدرة رمزاً للانتفاضة الفلسطينية الثانية، والحالة نفسها تنطبق على قصة عهد التميمي، الصفعة التي خطفها الجندي كان يمكن نسيانها بعد يوم من وقوع الحادث، ولكن في وسائل الإعلام الدولية يتم الآن توجيه المزيد من الصفعات ل “إسرائيل” دون استخلاص للعبر.
وهكذا شهد شاهد من أهله على مدى قوة وتأثير الصورة، التي هي أقوى من ألف كلمة وتوثيق الحدث في فضح ممارسات الاحتلال وتعريته أمام العالم، وهذا يستدعي منا نحن الفلسطينيين دعم وتطوير الجسم الصحفي والإعلامي في الضفة الغربية وقطاع غزة، والحرص على عدم إهدار طاقاته أو إضعافه.