كتبت - شذى جعميصي
مكعبات إسمنتية منتشرة على طول الطريق من الأغوار الشمالية وصولا لمنطقة الحدود الأردنية، كتب عليها بالعربية والعبرية : "احذر منطقة ألغام!، منطقة إطلاق نار، احترس من الألغام، ممنوع الدخول مناطق عسكرية مغلقة" كل هذه المكعبات نصبت عام 2006 بعد قرار قيادة جيش الاحتلال بنصبها، لرفع المسؤولية عن جيش الاحتلال أثناء التدريبات العسكرية في حال حدوث أضرار مادية كانت أو بشرية.
بين عامي 1968- 2012 كانت عين الساكوت منطقة عسكرية ولم تكن سلطات الاحتلال تسمح للمزارعين بزراعتها، وفي هذه الفترة سمحت للمستوطنين استغلالها وزراعتها ونهب خيرات أراضيها، يقول المزارع زامل ضراغمة :"عام 2012 رفعنا قضية وصدر قرار المحكمة بإعادة الأراضي لأصحابها لكن لم يعد إلا جزء منها"
لم يسلم المزارعين من تعديات الجيش الإسرائيلي على أراضي المزارعين حتى بعد تسليمهم الأراضي، حيث يتم تخريب الأراضي وتدميرها وإلحاق الضرر بالمحاصيل ويؤكد ضراغمة :" تختلف الأضرار مع تغير السنين من اعتقالات وتخريب الأراضي وتجريف وضرب وإخطارات" وعلى نفسه يقول :" في السنة الماضية تم مصادرة مواتير المياه وقبل شهرين اعتدوا علي بالضرب"
لا تبعد أرض المزارع زامل سوى بضع أمتار عن منطقة الألغام لكنه مقاوما ومثابرا رغم الظروف حيث التف إلى ما وراء منطقة الألغام وزرع تلك المنطقة بالعنب في تحد واضح لقرارات الاحتلال بعدم زراعتها كونها للمستوطنين.
تعتبر الأغوار الشمالية منطقة خط الدفاع الأول بالنسبة للاحتلال، لأن حدود فلسطين التاريخية بحدود نهر الأردن، ومنطقة الأغوار تبعد عن نهر الأردن ما يقارب 4 كيلو متر فقط ما جعلها منطقة حيوية وحساسة .
ويتحدث مدير فرع أريحا لاتحاد لجان العمل الزراعي د.مؤيد بشارات عن الخسائر البشرية :" من عام 1998 هناك أكثر من 15 شهيد بسبب مخلفات التدريبات العسكرية" ويشير إلى أن هناك تدريبين عسكريين في السنة صيفا وشتاء ويعد التدريب العسكري الصيفي هو الأخطر لأن الحقول البعلية تكون في موسم حصاد وأي تدريبات عسكرية في المدفعية تعمل على نشوب الحرائق، ويستشهد بمثال :"كان هناك تدريبات عسكرية في سهل البقيعة في طمون وتم حرق أكثر من250 بالكامل نتيجة استخدام المدفعية"
يذكر أن حقل الألغام ممتد من منطقة الأغوار الشمالية وصولا للجزء الشمالي من البحر الميت بعرض80 متر تم تأسيسه بعد حرب النكسة، حيث كان الفدائيون يمرون ذهابا وإيابا من نهر الأردن للأراضي الفلسطينية أو العكس وهذا ما جعل جيش الاحتلال يؤسس منطقة الألغام لمنع الأفراد من الدخول والخروج عبر هذه المنطقة، وهو غزير بالألغام الفردية التي تعمل على بتر أجزاء من الجسم في حال الوقوف عليها.
وتمنع سلطات الاحتلال مربي المواشي من الوصول لمناطق الرعي، وهذا يهدد مصدر رزقهم وتكون تربية المواشي ذات تكلفة عالية خاصة في أيام التدريبات العسكرية لأن المزارع يعتمد على الأعلاف الصناعية لإطعام المواشي دون أن يرعاها، ويضيف د. بشارات أن هناك مؤسسات تعمل على تعويض المزارعين بعد 48 ساعة من الضرر حيث يتم بناء خيمة لهم وتزويدهم بالمواد الأساسية للبيت وترميمها في حال هدمها كما تعمل على إنشاء بركسات للمواشي في حال تعرضها للخطر.