رام الله (فلسطين) - خدمة قدس برس
شكك أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، نصر عبد الكريم، بقدرة السلطة الفلسطينية على تنفيذ قرار فك الارتباط الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح عبد الكريم في حديث لـ "قدس برس" اليوم الخميس، أن السياسات الاقتصادية التي انتهجتها السلطة الفلسطينية خلال السنوات الماضية، عقدت الخطوات لفك الارتباط مع الاحتلال وزادت من الهيمنة الإسرائيلية.
وقال إن السياسيات الحكومية للسلطة الفلسطينية التي تم تطبيقها خلال السنوات الماضية لم تكن باتجاه فكفكة العلاقات الاقتصادية مع الاحتلال.
وأضاف المحلل الاقتصادي: "السياسة الفلسطينية عمقت العلاقة مع الاحتلال وزادت التبعية لإسرائيل بحيث أصبح الارتهان الاقتصادي لها أكبر، مما سيعقد إجراءات فك الارتباط الاقتصادي مستقبلًا".
ونوه إلى أن موضوع فك الارتباط الاقتصادي مع الاحتلال، قد تم إثارته مؤخرًا بسبب التطورات السياسية وانسداد أفق التسوية وقرارات ترمب الأخيرة.
وتابع: "من ناحية سياسية مشروع ومطلوب ومنذ زمن كان على الفلسطينيين أن يبحثوا كيفية التخلص من هيمنة الاقتصاد الإسرائيلي، وكان على السلطة التفكير منذ البداية في تحديد العلاقة وجعلها في أضيق أشكالها".
ورأى نصر عبد الكريم، أنه كان من الممكن قبل هذه الفترة البحث عن بدائل كان يمكن توفرها بعيدًا عن الضغوط والأزمة السياسية في هذه المرحلة.
واعتبر أن العلاقات الاقتصادية التي تطورات مؤخرًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين خدمت الاحتلال، ومعظم منافعها ذهبت منافعها له، بل وتم توظيفها وتسخيرها من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لابتزاز وتطويع الفلسطينيين سياسيًا.
واستدرك: "القدرة على الدفاع عن الخيارات والتطلعات السياسية ستكون ضعيفة إذا لم تتوفر الاستقلالية الاقتصادية".
ورأى أنه "يوجد مجالات يمكن العمل عبرها لفك الارتباط مع الاحتلال اقتصاديًا، لكن القضايا الاستراتيجية الهامة من الصعب إحداث اختراق جوهري فيها بسبب الظروف الموضوعية".
وبيّن وجود "صعوبات ومعيقات كبيرة أمام خطوة السلطة الفلسطينية لفك الارتباط، وأنه لا يمكن إحداث فك الارتباط بالكامل وفورًا بل الموضوع تدريجي وجزئي"، مؤكدًا: "لكن هناك تبعات لأي قرار وتكاليف وأثمان باهظة يمكن دفعها، والبدائل غير متوفرة في الوقت الراهن".
ولفت النظر لوجود علاقات متشعبة في مختلف المجالات؛ لا سيما العمالة والمحروقات والماء وملف المقاصة التي تشكل جزءًا كبيرًا من ايرادات السلطة، والبنوك والتجارة (...).
ودعا الخبير الاقتصادي إلى إعادة الاعتبار للتجارة والصناعة الفلسطينية، وزيادة حصة المنتج الوطني في الأسواق المحلية، وخلق نزعة استهلاكية صوب المنتج الوطني مما سيدفع لتفكيك العلاقة مع الاحتلال.
ورجح إمكانية إزاحة "عملة الشيكل الإسرائيلي" عن التداول اليومي وأن لا يصبح العملة الوظيفية التي يحملها المواطنون للصرف على احتياجاتهم الاستهلاكية، "لكن ذلك بحاجة لجملة ترتيبات وإجراء عملياتي وقدرة على التصرف في الكتلة النقدية الموجودة بالشيكل".
وأضاف أن ذلك بحاجة إلى اتفاق مع الإسرائيليين لتوفير الدولار والدينار للحيلولة دون خلق أزمة سيولة، في حين يرى أن إصدار عملة جديدة هو خيار استراتيجي وبحاجة لبحث موسع، والشروط الموضوعية الآن غير متاحة لتطبيقه.
وأعلنت حكومة التوافق الوطني الفلسطيني، مؤخرًا، عن الشروع بإعداد الخطط والمشاريع لخطوات فك الارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي، بناء على القرارات الأخيرة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وأشارت إلى أن الخطوات الفلسطينية القادمة في هذا الشأن ستحرض على أن يشمل فك الارتباط التحرر من قيود اتفاق باريس الاقتصادي، بما يلبي متطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني.
وقالت الحكومة إن الخطط تقوم على التحرر من تبعات الربط القسري مع الاقتصاد الإسرائيلي وإعطاء الأولوية للنهوض بالاقتصاد الوطني ودعم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة ودول الاتحاد الأوروبي.
وقررت الحكومة، تشكيل لجنة من الوزارات المختصة للبدء بإعداد الدراسات والمشاريع والمقترحات للشروع بتلك الخطوات بما في ذلك، تشكيل لجنة لدراسة الانتقال من استخدام عملة الشيكل الإسرائيلي إلى أي عملة أخرى ودراسة إمكانية إصدار عملة وطنية.