بقلم القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية
الاستاذ سامر عنبتاوي
ما مر بشعب فلسطين من تشريد و سرقة أراضي و بيوت و قهر و ظلم و قتل و أسر و قمع و كافة أشكال الاذلال و هضم الحقوق كافي لتحويل هذا الشعب الى الارهاب و الانتقام و الاجرام و لكن لم يحدث أي من هذا , لماذا لأن الشعب الفلسطيني رغم قرن من المعاناة ظل متمسكا بمباديء الحرية و المقاومة و النضال من أجل الحرية و الخلاص , فقاوم بشرف و أخلاق , استعمل كافة أساليب المقاومة المشروعة لأي شعب محتل و حسب قوانين الشرعية الدولية ,, فلم نسمع عن فدائي مثل بجثة و لا عن مناضل تعامل بسادية أو تلذذ بالقتل و لا اغتصب و لا مارس أي نوع من الجنون ممكن أن يرتكبه مراهق في مدرسة امريكية أو سادي في مجتمع ما .
الشعب الفلسطيني و رغم الظلم و الألم لم يفقد البوصلة و بقي واضح الهدف نحو الحرية و التحرير , و الشعب الفلسطيني بكافة قواه وجه السهام تجاه الاحتلال و ادواته فلم يدخل في معادلات الارهاب الدولي و لم يفرغ غضبه في أي من الدول حتى الداعمة الأساسية للاحتلال كالولايات المتحدة الامريكية ,, و رغم ذلك فقد اتهمت بعض حركاته زورا و بهتانا بالارهاب رغم عدم اندماجه مع أي من الحركات الارهابية على المستوى الاقليمي أو العالمي بل ادانته لها و تعارضه معها.
ما دفعني لكتابة هذا المقال هو التأكيد على هذه المباديء , فحسب قرائتي للتاريخ لم أقرأ عن شعب قاوم بهذه القيم الأصيلة و السمو الأخلاقي رغم كافة عوامل الجنوح و الانحراف , وقد مرت على الشعب في داخل حدود 48 و في الضفة و القطاع و حتى الشتات ظروفا من القهر كافية لردات فعل لا حدود لها ,, و استعمل الاحتلال و مستوطنيه أبشع و أحقر وسائل الاجرام و القتل الجماعي و الاسلحة المحرمة دوليا و العقوبات الجماعية وبقي شعبنا وفيا لمبادئه و مثله .
لقد حدد شعبنا قوانين و سبل الصراع و المقاومة و حدد عدوه بجيشه و مستوطنيه و أثبت بصموده أنه شعب جدير بالحياة و الحرية ,, اذ لو تعرض شعب بحجمه و امكانياته لما تعرض له الشعب الفلسطيني لرفع راية الاستسلام و رضي بالامر الواقع و تلاشت قضيته و هناك الكثير من الأمثلة على ذلك على مستوى العالم , و لكن الشعب الفلسطيني أبقى قضيته حية في الضمير و الوجدان العالمي ببسالة و صمود اسطوري و بقيت تحمل صفات التحرر الوطني رغم ما شابها و أثر عليها من اتفاقات مجحفة .
ببساطة و اختصار فان عدوى و فيروس الحركات الصهيونية الميكافيلية لم تصل لشعبنا و حركاته و قد امتازت هذه الحركات بالعنصرية و السادية فتم حصر الآفة بهم و بحركاتهم و عصمنا أنفسنا من الانجرار لمربع ارهابهم و تميزنا عنهم بالنقاء الثوري و الايمان بالانسان و قيمه ,, و أثبتنا للعالم كله أن قضيتنا ليست قضية ثأر ( العين بالعين و السن بالسن ) و انما هي قضية تحرر وطني بكل قوانينها و مثلها ’’ نعم فنحن لم ننجر لعصابات شتيرن و آرغون و لا الى عصابات المستوطنين بأساليبهم الفاشية و العنصرية .
و كنت قد كتبت قبل أيام عن ما يتعلق بحادثة الجنديين الذين دخلا جنين و من باب الحفاظ على النقاء الثوري و الوطني و البعد عن لغة الثأر ,, و رغم أن الاحتلال و ما فعله بنا و خاصة أخيرا في جنين و مخيمها و قراها كاف لاثارة المشاعر العنيفة للانتقام ,,الا أن معايير نضالنا يجب أن تكون استراتيجية لا ترتبط بحادثة و لا ردة فعل ( مع التفهم الكامل لبواعث و اندفاع و غضب شعبنا ضد ممارسات الاحتلال و مستوطنيه ) ,, و هنا اؤكد أن وجود الاحتلال بجيشه و مستوطنيه و كافة عملائه هو وجود غير شرعي و غير قانوني و أن مقاومته مشروعة و بكافة الوسائل ,, و مع ذلك نظل كشعب يحمل لأعدل القضايا في التاريخ محافظا على قيم و أخلاق النضال الوطني و عندما نصمد فعلى أرضنا ,, و عندما نقاوم نقاوم بأخلاق لايملكونها و سنحقق الحرية بقيم سيتحدث التاريخ عن أصالتها .