"إنيستا غدراة.. غدارة غدارة.. البرسا لروما"
لا صوت يعلو فوق هذه العبارة عندما يأتي الحديث عن موقعة بحجم "برشلونة– تشيلسي"، فلطالما كانت هذه المباراة مترافقة مع أحداث دراماتيكية بحجم كوارث تحكيمية أو أهداف في الأنفاس الأخيرة أو حتى الوصول إلى بكاء ميسي امام العالم بأسره. لم تكن يوماً هذه المواجهة متوقعة النتائج أو تحمل تفوق طرف على الآخر، باختلاف الأسماء في الفريقين وعلى كرسي المدربين.
قبل سحب قرعة دور الـ16 كانت كل التوقعات تصب في صالح رؤية هذين الفريقين معاً في مصيرٍ واحد. المتوقّع الوحيد هو أنهما سيواجهان بعضهما لكن دو أدنى جرأة في توقع المتأهل بينهما. حتى ولو كان برشلونة الفريق الوحيد الذي لم يتعرض إلى أي هزيمة محليّة أو أوروبية وحتى ولو كان تشيلسي يخرج اليوم من أزمة.
النحس وتفوّق تشيلسي الذهني
العائق الأكبر لدى برشلونة الليلة (ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا) هو تاريخ المواجهات الأخيرة بين الفريقين، إذ لم يتمكن النادي الكتلوني من الحفاظ على نظافة شباكه في المواجهات الـ6 التي خاضها في ستانفورد بريدج كمان أنه لم يستطع في تلك المواجهات تحقيق الفوز سوى مرة وحيدة عام 2006 بنتيحة 2-1 وهو- بالمناسبة- الفوز الوحيد للباوغرانا في تاريخ مواجهات الفريقين.
تشيلسي ليس فقط خصماً صعباً على برشلونة، لكن يُصادف أن هذا الخصم هو الأكثر خوضاً للمباريات في دوري الأبطال أمام متصدر الدوري الاسباني حالياً، أي أن ما يُشاع عن عقدة هو حقيقي وواقعي.
عند الحديث الدائم عن المواجهات التاريخية يعود الحديث إلى مفارقة "برشلونة اليوم يختلف عن برشلونة 2012 و برشلونة 2009 وبرشلونة 2006"، لكن أيضاً تشيلسي اختلف عن 2012 و2009 و2006 وما زال قادراً رغم أي ظرف كان على توقيف عجلة النادي الكتلوني الذي يفشل هذا العام في تحقيق انتصارات خارج الديار في دوري أبطال أوروبا حتى وإن لم يخسر في لأي قمّة مع خصومه الكبار حتى الآن (يوفنتوس - ريال مدريد - أتلتيكو مدريد-- اشبيلية وفالنسيا). فبرشلونة لم يسجل خارج الديار في دوري الأبطال لأكثر من عام، إذ يعود تاريخ آخر هدف إلى 23 نوفمبر عام 2016.
يعلم تشيلسي أنه الفريق الذي استعصى على ميسي.. لا بل هو المتسبب الأوروبي الوحيد ببكاء ليو في الكامب نو بعد إهدار ركلة جزاء أمام بيتر تشيك حرمته من التأهل إلى النهائي. ويعلم تشيلسي اليوم أن برشلونة ليس الفريق الذي لا يُقهر، فهو أقصاه عندما كان في أوجّه مع ميسي وانيستا وتشافي آنذاك.
هل حقاً تمكن تشيلسي في الماضي من إيقاف ميسي؟
صحيح ان ميسي لم يتمكن من التسجيل في مبارياته أمام تشيلسي لكن كراته ارتطمت في القائم والعارضة 3 مرات، منها ركلة الجزاء الشهيرة امام بيتر تشيك.
ميسي أمام تشيلسي لم يكن متوقفاً أو مختفياً بل كان عند الوعد في صناعة الهدف أو خلق الفرص التهديفية، وما هدف "الغدارة" سوى خير دليل. إذًا مشكلة ميسي أمام تشيلسي لم تكن أن لاعبي البلوز تمكنوا من ايقافه بقدر ما كانت مشكلة في إنهاء الفرص.
ما يُعوّل عليه كونتي
يُدرك المدرب الايطالي أن إقصاء برشلونة هو الزرّ السحري الذي بإمكانه أن يُغيّر له كل المسارات هذا الموسم ويُعيد الراحة للستانفورد بريدج والهدوء بعد كمّ العواصف التي اجتاحته جرّاء الانتكاسات في البريميرلييغ وبعض النتائج المخيبة في دوري الأبطال.
قال كونتي بالأمس إن برشلونة يُعاني عندما يفقد الكرة ويعلم المدرب الايطالي أنه لا يواجه- هذه المرة- ميسي + 10 لاعبين، بل منظومة تكاملت بالفعل لخدمة قدرات ميسي، هو اليوم لا يلعب امام برشلونة الذي يُفضّل الاداء الجميل على الأداء المقنع، وان هذا الاداء يُخفي عيوباً كثيرة:
- قدرة الأندية التي ترتكن الى التكتل الدفاعي بالوصول السريع إلى مرمى برشلونة وهو من أكبر الأسلحة التي يمتلكها تشيلسي.
-المستوى الكبير الذي يُقدمه الظهيران؛ موزيس، وماركوس الونسو، ففي حال استطاع هذان اللاعبان التقدم هجومياً سيستغلان ايضاً المساحات خلف البا وروبيرتو. الأظهرة الـ4 في مباراة اليوم ستشكل كلمة الفصل.
- معضلة عدم تسجيل سواريز الأهداف خارج الديار في دوري الأبطال إذ يعود هدفه الأخير الى مواجهة برشلونة وباريس عام 2016، كما لم يسجل في مواجهات تشيلسي سوى هدفين في 7 مباريات.
- امتلاكه للاعب كإيدين هازارد قادر على استغلال المساحات الكبيرة التي يُمكن ان يتركها خط برشلونة وإرادة جيرو الكبيرة على إثبات أنه الصفقة الهجومية التي كان يحتاجها البلوز في ظل مستوى موراتا وإصاباته المتكررة.
ما يحتاجه تشيلسي اليوم هو البحث عن غدارته، هو المباغته لنقطة الضعف الني يُعوّل عليها كونتي، إذ إنه لن يستطيع حرمان برشلونة من الكرة كثيراً وعليه استغلال نقاط قوته كي يذوق البلاوغرانا من الكأس التي شربها البلوز في البريدج سابقاً.