الجندي أو الجنود الذين ضربوا المعتقل والأسير، ياسين عمر السراديح (33 عاماً)، من أريحا، فجر يوم الخميس 22\2\2018، حتى استشهاده، لم يقوموا بجريمتهم بتصرف فردي، بل أتاهم الأمر من ضابط كان معهم ويراقب مهمة الاعتقال، وهذا يعني أن الضرب ليس فعل فردي، بل سياسة عامة يتبعها الجيش مع الفلسطينيين خلال اعتقالهم.
في كل قوانين الدنيا يمنع التعذيب، أو ضرب المعتقل لنزع الاعترافات منه، لكن دولة الاحتلال وجيشها "الأكثر أخلاقية" فوق القانون، ويدوس كافة القوانين والشرائع الدولية، مزهوا ومغرورا بقوته الفانية، ليقوم بجرائم يندى لها جبين الإنسانية.
لاحقا للجريمة المتوحشة، قد يشكل الاحتلال لجنة تحقيق لمعرفة أسباب الوفاة، ومن ثم يخرج علينا بان الشهيد قضي بنوبة قلبية، في محاولة لقلب الحقائق، وعائلة المعتقل السراديح أكدت أن ابنها الشهيد تعرّض للضّرب خلال عملية اعتقال جنود الاحتلال له من منزله، وأنّه لم يكن يعاني من أية أمراض.
لو أن جيش الاحتلال تحكمه منظومة أخلاقية وقانونية، وانه الجيش الأكثر أخلاقية، كما يزعم "نتنياهو" في كل محفل دولي، وان دولة الاحتلال واحة من الديمقراطية وسط غابة من الوحوش العرب، لما قامت بقتل فلسطيني اعزل وضربته حتى الموت، ولما قامت بقتل قرابة 400 طفل في الحرب العدوانية على غزة عام 2014.
يبدو أن جيش الاحتلال أخذ يتعلم من أنظمة العرب القمعية، بتصفية خصومها حتى الموت، وتعذيبهم، وأخذت العدى تنتقل لكل مكونات دولة الاحتلال، حتى أن "نتنياهو" يصرح أن القدس التي اغتصبها عاصمة كيانه للأبد.
كنت قد تعرضت للضرب والخنق وكافة أساليب التحقيق لدى الاحتلال أكثر من مرة، وكدت أموت وافقد الحياة خلال عملية خنق من قبل المحقق الصهيوني في إحدى المرات، وتعجبت كيف يقبل الإنسان لأخيه الإنسان أن يعذبه ويتلذذ بتعذيبه، خاصة أن الضحية ليست مجرمة ولم تقم بأي فعل إجرامي، بل مقاومة شعبية تقرها كافة القانونين والشرائع الدولية، وهي أنبل ظاهرة في الكون، أن يدافع المرء عن حريته وحرية وطنه.
خلال علميات الضرب والتحقيق من قبل سلطات الاحتلال استشهد العشرات من خيرة شباب فلسطين المحتلة، ولم لم يأتي الاحتلال ليحتل فلسطين، لما قتل كل هؤلاء، ولم يقدم ولو جندي أو محقق واحد للقضاء أو أمام أي محكمة ليحاسب على ما اقترفت يداه.
جرائم التعذيب حتى القتل لا تسقط بالتقادم، وان كان الجندي أو الجنود الذين قاموا بجريمتهم ووحشيتهم بشكل غير مسبوق، يظنون أنهم سيفلتوا من العقاب، فهم مخطئون، فحسابهم سيأتي لاحقا من رب العاملين، وقد يكون على يد المقاومة أو غيرها، لان المثل العربي صدق عندما قال"بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين".
لا يصح قتل النفس أو أي إنسان بغير وجه حق، وقتل معتقل وهو مقيد جريمة حتى الشياطين تتأفف منها، وحتى الأنظمة الدكتاتورية المستبدة لا تفعلها، ومن هنا نخرج بنتيجة أن العد التنازلي لدولة الاحتلال أخذ يسري، لعظم شرها الذي وصل لحد لا يطاق، فالظلم والقتل ضد السنن الكونية، ومضاد لحركة التاريخ، ويغضب رب العالمين، ولا بد من وقفه.