يزداد الوضع قتامةً وسوءاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعموم المنطقة العربية بعد الاعلان النشاز للرئيس الأمريكي الجديد (دونالد ترمب) بشأن القدس وأزاحتها عن طاولة المفاوضات السلمية لصالح الكيان الصهيوني والتي استمرت فصولها ما يزيد على الخمسٌ وعشرونَ عاماً دون تقدم ملموس ,حيث يعتبر ذلك من الناحية العملية والموضوعية إعلاناً صريحاً بالقفز على محددات السلام وفشلاً ذريعا للعملية التفاوضية التي استندت أساساً للقوانين والمعايير الدولية وقرارات الشرعية الأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية بمختلف جوانبها بما يشمل حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على كامل الأراضي المحتلة منذ العام 1967م.
وهنا لابد من الإشارة أيضاً الى أن إعلان ترامب بشأن القدس والمفاوضات السلمية وانحيازه التام للكيان الصهيوني الغاصب شكل صفعةً تاريخية في وجه الشخصيات الليبرالية الفلسطينية والعربية التي كانت على الدوام تتبنى نظرية التفاوض والحوار السلمي والترويج لما يسمى الفكر الواقعي المستند لقاعدة بلوغ أجزاء الحلول عوضاً عن الحل العسكري المرتبط جدلياً بالميثاق الوطني الفلسطيني قبل الشطب وبجملة المبادئ والقيم السامية وكذلك حقائق التاريخ والحق القومي الانساني.
وللحقيقة نقول أيضاً أن العارفين بتلابيب السياسة الأمريكية ودهاتها الذين يدركون تماماً الأجندات الأمريكية الهادفة أصلاً شطب وتصفية القضية الفلسطينية والعمل على تمرير المشروع الصهيوني الإستعماري الإمبريالي الهادف أساساً إخضاع المنطقة العربية جلها للهيمنة الإستعمارية والسيطرة عليها ونهب ثرواتها وطمس هويتها الحضارية الرسالية..لم ولن يفاجأوا أبداً بإعلان ترامب وحقيقة الموقف الأمريكي المنحاز والداعم أبدا للاحتلال والاستيطان ,وكانت لهم على الدوام مواقف رافضة ومناهضة للحلول السلمية وما نجم عنها من إتفاقيات هزيلة برعاية أمريكية يدركون سلفا وقطعاً تماهيها مع الاحتلال ورعايتها للارهاب والجريمة ..بل كان يحلو للبعض وصفها ونعتها برأس الأفعى يقيناً منهم وإدراكاّ أن ما يسمى إسرائيل ليست سوى قاعدة عسكرية متقدمة للأجندات الإستعمارية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية في المنطقة العربية برمتها.
وعطفاً على ما تقدم فقد بات من غير المجدي المراوحة في مربع الجمود السياسي الذي يطغى على الساحة الفلسطينية بوجه الخصوص والعربية عموماً بسبب الصدمة الناجمة عن بعض ما تم تسريبه عن صفقة القرن ,وباتت معها أيضاً حالة التردد والتخبط غير مقبولة في ظل ما نشهده من تمدد وتصعيد غير مسبوق في وتيرة الاستيطان والتهويد التي ابتلعت حتى الاّن معظم القدس والديار المقدسة هناك وكذلك مجمل مدن وبلدات وأراضي الضفة الغربية , وبات معها لزاماً على الكل الوطني والقومي تدارك خطورة الموقف ليس على القضية الفلسطينية فحسب بل ومجمل القضايا العربية الراهنة والمستقبلية ,والبحث عميقاً عن مخرجات خلاقة تنم عن وعي حقيقي وتقفز على القطرية الضيقة والطائفية المقيته والأنانية الحزبية والطبقية ..وتضع حلولاً جذرية وخطوات فعلية وبرامج نضالية وكفاحية في مواجهة الأخطبوط الصهيوني الأمريكي البريطاني ,وتخرجنا من المأزق الراهن وحالة الجمود السياسي القاتل ,وتعبر أدق تعبير عن وحدة الصف ورصانة الجبهة الداخلية وتحالف غير معهود يضم كافة القوى الوطنية والقومية والإسلامية يكون قادراً على الصمود في وجه العاتيات وأمام التحديات الجسام التي تشهدها القضية الفلسطينية والأمة العربية هذا من جانب ومن جانب اّخر تؤمن صوابية الطريق نحو كنس الاحتلال والاستيطان وإستعادة كامل الحقوق العربية في فلسطين وطرد المستعمرين من كافة الأراضي العربية المحتلة ولجم شهوة كل الطامعين في الأرض العربية من المحيط الى الخليج وصولاً نحو اّفاق المستقبل المفعم بالحرية والكرامة ومقومات النهوض العربي الشامل .. ونحو غد مشرق ومستقبل اّمن وزاهر تنعم فيه أجيالنا القادمة في ظل وطن عربي حر ديمقراطي موحد.
بقلم : ثائر محمد حنني
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
اّذار - 2018