الرئيسية / الأخبار / فلسطين
في نابلس.. جوامع بلا أئمة
تاريخ النشر: الأحد 25/03/2018 07:51
في نابلس.. جوامع بلا أئمة
في نابلس.. جوامع بلا أئمة

 نابلس. من هلا حسون
" مسجدنا من دون إمام ولا خطيب منذ أن بُنيَ قبل عامين، وكل يوم يؤم فيه من يقْدم للمسجد أولاً دون إمام ثابت"، هكذا نشر المواطن حسن حسون على صفحته الخاصة به على الفيس بوك والذي يقطن في قرية بيت امرين الواقعة شمالي نابلس، معبراً عن غضبه من وضع مسجد " الحج مبدّى" والذي يفتقد لإمام ملتزم بإقامة الصلوات الخمس، عدا عن منبرها الذي لم يشهد قيام خطبه واحده فيه.
لا يعد هذا المسجد سوى حاله واحده تتكرر مراراً في مساجد محافظة نابلس، ففي قرية بيتا شرق نابلس يوجد ثمانية مساجد بلا أئمه، وتفاقم الأمر في السنوات الأخيرة بعد حصول أربعة أئمه على التقاعد دون تعيين أحد عوضاً عنهم، بينما يشكو أهالي قرية تل في جنوب غرب نابلس من تجاهل مطالبهم في تعيين أمام ومؤذن لمسجدهم منذ 15 عاماً، والحاجة لإمام في مسجد آخر منذ 5 سنوات.
نابلس.. أم المآذن
وبحسب معطيات رسمية صادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني تضم محافظة نابلس أكثر من 220 مسجد في مركز المدينة وقراها ومخيماتها، ولكن أكثر من ربع تلك المساجد تعاني من نقص في شواغرها الأساسية إلا هي الأئمة والخطابة، إذ بلغ عدد المساجد التي تعاني من هذا النقص ما يقارب 160 مسجد من أصل 220، فهل هو تهميش مقصود؟
يقول البرفسور في الشريعة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية محمد شريده لشبكة " أصداء": بأنّ عدد المساجد في مدينة نابلس قبل 1400 عام تصل إلى 20 مسجداً مقارناً إياها بعدد المساجد الحالية والتي وصلت إلى 150 مسجداً والذي يدل على ارتفاع الكثافة السكانية، واهتمام الناس بإداء الفرائض الدينية، لكن الأمر سلك منحى عكسياً، إذ أن خلال عشر سنوات الماضية أضحت نصف مساجد الضفة الغربية ونابلس بدون أئمة ومؤذنين وبدون خدم لها.


ويؤكد الشريدة على أن يكون الأمام راتباً في الأصل -أي ثابتاً- كما هو متفق عليه عالمياً إذ أن ما من مسجد
أو مصلى في أمريكيا وأوروبا لا يكون فيه الإمام إلا راتباً سواء إذ تم توظيفه من قِبل الحكومة أو من قِبل جمعية خاصة، متعجباً من هذا النقص ونحن على أرض مباركة!
ويضيف: عدم توفر أمام راتب يؤدي ذلك إلى وجود إمام غير كفء او امام جاهل لا يعي بما يتحدث به لسانه، والأصل في ذلك أن يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، ومجيّراً للكتاب والسنة، غير أن عدم توفر امام ثابت يعني عدم توفر حلقات تجويد ودورس وانشطه دينية تربي الأجيال الحديثة على الدين الصحيح.
وأكد على ذلك الشيخ أحمد شرف الذي قال:" بأن لهذا النقص خطراً كبيراً، يتمثل بالاختلاف بين المصلين حول من يؤمّهم، وعدم وجود مرجعية دينية لأي سؤال فقهي، أو توجيه ديني، واستغلال المساجد من قبل أي جهة، لِبث الأفكار التي لا تتلاءم مع الشرع الإسلامي".
ويشير محمد الشريدة إلى أن هناك عوامل داخلية ومباشرة ومادية وسياسية ودينية لقلة الأئمة في نابلس بشكل خاص، مؤكداً على أن أكثر من 90 % من خريجين كلية الشريعة الإسلامية في الجامعات الفلسطينية وعلى رأسها جامعة النجاح الوطنية لا يُعينون كأئمة او خطباء في الجوامع على الرغم من العدد الهائل من الطلاب الذين لا يجدون فرص عمل فور تخرجهم.
هذا ما نفاه مدير وزارة الأوقاف في نابلس محمد جهاد الكيلاني مؤكداً على أن وزارة الأوقاف تُعلن في كل فترة عن حاجتها لأئمه وخطباء ممن يحملون شهادات في الشريعة الإسلامية لكنها تلجأ في النهاية لفتح المجال لمن يمتلك القدرة على ان يكون إمام بغض النظر عن شهادته وذلك بسبب قلة عدد المتقدمين الذي يفضل أغلبهم العمل في سلك التربية والتعليم بدلاً من أن يكون إماماً او خطيباً.
ويضيف: أن وجود إمام أو خطيب ممن يحملون الشهادات بكالوريوس في الشريعة الإسلامية هي حالات استثنائية، مُبيناً إن وزارة الأوقاف لا تُلزم على الإمام او الخطيب ان يتوفر به هذا الشرط، إذ يجب عليه فقط أن يكون حافظاً لكتاب الله، وأن يكون لديه الخبرة الكافية في الشريعة والفقه.
ويفيد بأن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ليس لديها القدرة على تعيين احتياجات كل المساجد من موظفين ويُعزى ذلك إلى عدم توفر اعتمادات مالية لهذه الوظائف والتي تحتاج إلى تبعات ماليه مستمرة والتي لا تستطيع وزارة الأوقاف تغطيتها جميعها.
وبناءً على تأكيدات مديرية أوقاف - نابلس فإنَّه لا يوجد مساجد قطاع خاص في فلسطين قطعياً، وجميع المساجد تتبع لوزارة الأوقاف ومديرياتها، وتُشرف عليهم إدارياً ودينياً، من حيث فتحها وإغلاقها، وإنارتها وتنظيفها، وتعيين وتكليف الأئمة والخطباء.
وبعض المساجد تُنشأ عن طريق لجان إعمار تُعتمد من وزارة الأوقاف، من خلال نفقة فاعلي خير بشكلٍ كامل، وعند استكمال وانتهاء عمليات الإعمار والإنشاء، تُدرج تلك المساجد لدى الأوقاف، ويُفتح لكل مسجد ملف خاص، يحوي الأئمة والخطباء، وكل شخص تكون له وظيفة فيه.
ويوّضح الكيلاني بأن لوزارة الأوقاف برنامج شهري لتبديل خطباء المساجد وليس الأئمة والذي يُؤخذ بعين الاعتبار في تعيينهم أن يكون المسجد قريب من بيته مراعاة وتخفيفهم لهم لكي يكون قادراً على تأدية الصلوات الخمسة في وقتها خلافاً عن الخطيب الذي يجب أن يكون متواجد في المسجد لشهر كامل فقط مشيراً إلى وجود طاقم تفتيش ينفذون جولاتهم في أوقات الصلاة على مساجد مدينة نابلس والقرى المجاورة لها ليتم اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة من يقصّر وظيفياً.


"الإكرامية" .. تكميماً للأفواه
نقلاً عن موقع " رايه اف ام" يُنوه مدير الشؤون الدينية في وزارة الأوقاف في نابلس الشيخ سليم الأشقر بإنَّ أي مسجد لا يوجد به موظفٌ رسميّ في أحد شواغره فهو مسجد شاغر، حتى لو كان هُنالك موظفٌ بِإكرامية، فالإكرامية خطوة من خطوات الوزارة لِسد الثغرة قدر الإمكان، حتى الوصول والحصول على الاعتمادات المالية لتوظيف شخص بِوظيفةٍ كاملة.
ويُتابع "إننا في الاوقاف لا نترك أيَّ مسجد لِعابر طريق، لِيقوم بالإمامة أو الخطابة والدعوة، ولكن الشخص الذي يتبرع بذلك، فَليس لدينا إلزام له كَإلزامنا للموظفين الرسميين، بل نتعامل معه بِنوعٍ من الحرية، حتى وإن حصل طارئ نُحاول توفير البديل، ولا يخفى أنَّنا أحياناً لا نستطيع، وهُنالك من يتقدم عنه بِشكلٍ تطوعيّ لِوجه الله تعالى".
ويُعرب الأشقر عن أمله في أن يكون بِالمقدور التغلب على نقص الأئمة والخطباء خلال فترةٍ وجيزة، وأن تتوافر الموازنة لدى السلطة الوطنية التي تُمكننا من حل الموضوع بِشكلٍ كُليّ.
من جهته يقول محمد الكيلاني: أن هناك من يتطوع في العمل في المساجد بلا مقابل لوجه الله تعالى وهناك من يتطوع مقابل إكراميه يحصل عليها من خلال وزارة الأوقاف مباشرة او من خلال تبرعات المسجد مؤكداً على أن المتطوعين لا يستطيعون التطوع إلا بعلم وتنسيق مع وزارة الأوقاف والتحقق من أنه يمتلك من العلم ما يكفي لكي يكون واعظاً دينياً، نافياً حاجه المتطوع أكان امام ام خطيب لوجه الله تعالى لأي إكراميه!
المواطن أحمد دويكات يقول: "استبدل صلواتي الخمس في عدة مساجد وفي كل يوم أرى شخص مختلف يؤم في الناس فالمصليين ينتخبون أحداً ما بناءاً على صوته الجميل ونفسه الطويل في قراءة القرآن متجاهلين أي حل لهذا الأمر".

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017