الرئيسية / مقالات
من وحي ضباب مطلة البحر الميت
تاريخ النشر: الأثنين 26/03/2018 19:04
من وحي ضباب مطلة البحر الميت
من وحي ضباب مطلة البحر الميت

كتبت: تسنيم ياسين
آخر محطات مسار دير مار سابا- تل القمر ضمن مسارات ابراهيم الخليل الذي خاضه فريق أصداء، كانت مطلة البحر الميت، لعل أحدهم يحظى بالتقاط صورة لمشهد غروب الشمس على البحر.
لكن ضباب ذلك اليوم كان للبحر حاجباً، فأخفى الشمس لتغيب الإطلالة المطلوبة، لتكون تلك فرصة كي يخلو كل عضو بنفسه، ولو لحظات، قبل الدخول في زحمة "السيلفي" والصور التذكارية مع الضباب وطيف البحر.
قبل أن تغرق في تأملاتك البعيدة عليك أولاً أن ترى أن مستوطنة قرب البحر هي أقرب إليك منه، هي الحقيقة الأولى التي لم يخفها الضباب، وهي التي سيصطدم بها نظرك قائلاً: البحر ليس أمامك إنما العدو هو من أمامك ومن ورائك.
على المطلة ستتمكن من مد بصرك على طول خط النظر بعيداً عن إرهاق الاصطدام بالكتل الإسمنتية التي تحاصرك يومياً، وتمد فكرك بدلاً من الرؤوس الإسمنتية التي تصدافها يومياً، أو حتى أفكارك أنت، تلك التي تحيطها بإسمنت التعصب وتغلفها بمسمى المبادئ.
ترى كم من الضباب الفكري نحمله في رؤوسنا؟ وهل ندرك أنه ضباب؟ كم من معلومة تكاثفت في عقولنا لكننا لم ننتبه أنها تحجب عقولنا عن الحقيقة؟ حتى تفاصيل الحقائق التي نؤمن بها، هناك ضباب غير مبرر فيها، هناك ضباب وجد فينا ولم نوجده وإن لم ندرك وجوده فلن نستطيع أن نزيله.
ليس الضباب دوماً سلبياً، فوجوده دليل على أن ما يحجبه موجود، أي أنك إن لم يكن لديك ضباب في رأسك إذن لا أفكار فيه، أنت ممن لا يمتلكون ما يفكرون به ليشكل ضباباً.
شيئاً فشيئاً بدأ الضباب ينجلي لكن الشمس كانت قد قطعت شوطاً كبيراً في الغياب، كم من ضباب حجبنا به مشاعرنا، حينما بدأ ينجلي، كان مستحقو تلك المشاعر قد قطعوا شوطاً كبيراً أيضاً في غيابهم؟
لحن أغنية "أمسى المسا يا غريب وتقفلت البواب، صار الغريب يلتجي من باب لباب" رافقنا، ففي ذلك اليوم كانت شمس ريم البنا قد غابت منذ شروق شمس اليوم، أمسى يوم فلسطيني دون صوت ارتبط بمخيلة الشعب، دون صورة كانت أملاً لكل من أمسى وأصبح وجسده يتلوى من الكيماوي.
بيان، إحدى المشاركات وأعضاء الفريق، ضحكت بعد أن انجلى الضباب قليلاً معلقة: "البحر بشبه للي برسمه ع الخريطة!"
ولكن هل تشبه فلسطين الخارطة التي نرسمها؟ أم خارطة السياسيين والمفاوضين؟ أم خارطة العالم الخالية من وجودها أصلاً؟ ترى ما الكابوس الذي ستحمله الخارطة لنا يوماً ما؟
بعد الشاي البدوي، كان لا بد للفريق أن ينسحب ويعود أدراجه، بلا صور شمس ولا بحر كامل، إنما ضباب كثيف حينما انجلى كانت الشمس قد رحلت..
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017