صعدت الأطراف المتحاربة في اليمن من أعمالها القتالية يوم الثلاثاء في استهلال دام للعام الرابع من الحرب الطاحنة التي خلفت الاف القتلى والجرحى وملايين الجوعى والمشردين.
ودارت الأعمال القتالية الأعنف خلال الساعات الأخيرة، عند الشريط الحدودي، وجبهات القتال الداخلية في تعز ومأرب والجوف والبيضاء ومحيط العاصمة اليمنية صنعاء.
يأتي هذا في وقت مدد فيه مبعوث الأمم المتحدة الجديد مارتن جريفيث مشاوراته في صنعاء لاقناع الحوثيين وحلفائهم المشاركة في جولة مشاورات مقترحة الشهر المقبل، والمبادرة إلى إجراءات بناء الثقة مع خصوم الجماعة في تحالف الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي.
ونفذت مقاتلات التحالف خلال الساعات الأخيرة عشرات الضربات الجوية في محيط صنعاء والساحل الغربي والمنطقة الحدودية مع السعودية، في أعقاب سلسلة هجمات بالستية واسعة تبناها الحوثيون نحو العمق السعودي.
وشن طيران التحالف أكثر من 50 غارة جوية تركزت معظمها في محافظات صعدة وحجة وعمران والحديدة ومحيط صنعاء.
وأفاد الحوثيون بمقتل 5 مدنيين على الأقل بغارات جوية غربي محافظة صعدة المعقل الرئيس للجماعة شمالي البلاد.
وجاء هذا التصعيد الجوي بعد وقت قصير من إعلان قوات التحالف الاثنين اعتراض سبعة صواريخ بالستية أطلقها الحوثيون باتجاه الرياض وجازان ونجران وابها في أوسع هجوم من نوعه تشنه الجماعة عبر الحدود.
في الأثناء، استمرت المعارك العنيفة وتبادل القصف المدفعي والصاروخي على طول الشريط الحدودي مع السعودية، حيث تبنى الحوثيون سلسلة هجمات برية على مواقع حدودية سعودية في نجران وجازان وعسير.
وردت القوات البرية السعودية بقصف مناطق متفرقة في مديريات منبه ورازح وشدا غربي محافظة صعدة على الحدود مع منطقة جازان.
إلى ذلك أعلن الحوثيون مقتل 12 عنصرا من القوات الحكومية بمعارك بين الطرفين في مديرية خب والشعف شمالي غرب محافظة الجوف، حيث يقول حلفاء الحكومة انهم يواصلون تقدما ميدانيا مهما في مديرية برط العنان المتاخمة لمحافظة صعدة المجاورة.
وتركزت أعنف المعارك خلال الساعات الماضية بين الطرفين شمالي محافظة لحج عند الحدود الشطرية السابقة مع محافظة تعز.
وقالت القوات الحكومية وحلفاؤها المعروفون بالمقاومة الجنوبية، إنها تمكنت بدعم جوي من مقاتلات التحالف استعادة مركز منطقة "الشريجة" على الطريق الحيوي الممتد بين مدينتي تعز وعدن.
وذكرت مصادر عسكرية حكومية، ان 20 مسلحا حوثيا قتلوا بمعارك وغارات جوية على مشارف مركز مديرية "خدير" المجاورة .
في المقابل أعلن الحوثيون مقتل 5 عناصر من القوات الحكومية بانفجار عبوة ناسفة بآلية عسكرية في جبهة الساحل الغربي.
ونشر الحوثيون لائحة بأسماء 86 عنصرا من حلفاء الحكومة، قالت الجماعة إنهم قتلوا بمعارك الأيام الأخيرة في جبهة نهم عند البوابة الشرقية للعاصمة اليمنية صنعاء.
سياسيا واصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث مشاورات مكثفة مع الحوثيين وحلفائهم في صنعاء، في محاولة لحلحلة جمود الأزمة اليمنية وإعادة الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات.
وكان جريفيث وصل صنعا السبت رفقه مساعده الفلسطيني معين شريم، وذلك في أول زياره رسمية له إلى اليمن منذ تعيينه في المنصب نهاية الشهر الماضي خلفا للموريتاني اسماعيل ولد الشيخ احمد الذي أمضى ثلاث سنوات في الوساطة الدولية بين أطراف النزاع اليمني دون تحقيق اختراق حاسم في جدار الأزمة المعقدة.
والتقى الوسيط الأممي مسؤولين في حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليا وممثلين عن جماعة الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي وأحزاب حليفة لهما في الحرب ضد حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دوليا.
وكان وسيط الأمم المتحدة، استهل جولته الأولى إلى المنطقة الأسبوع الماضي بسلسلة لقاءات في العاصمة السعودية الرياض مع الرئيس عبدربه منصور هادي والمسؤولين في حكومته.
وتأمل الأمم المتحدة في تشجيع الاطراف المتحاربة على خطة جديدة لإحياء مسار السلام والتهدئة العسكرية وتحسين آلية الاستجابة الانسانية لإنقاذ ملايين السكان اليمنيين الذين يواجهون شبح الموت جوعا.
ومنذ اندلاع الفصل الجديد من النزاع عقب تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية في 26 مارس/ اذار 2015، فشلت اربع جولات من مفاوضات السلام اليمنية، في التوصل الى اتفاق ينهي الحرب التي دخلت اليوم الثلاثاء عامها الرابع بحصيلة ثقيلة من القتلى والجرحى وملايين الجوعى والمشردين.
وقتل 6100 مدني على الاقل في اليمن، بينهم 1500 طفل، منذ مارس/آذار 2015، حسب احدث تقارير الامم المتحدة التي حملت التحالف بقيادة السعودية، المسؤولية عن سقوط أكثر من 61% من الضحايا باستهداف المقاتلات الحربية لمناطق مأهولة بالسكان .
ودعا مجلس الأمن الدولي مرارا أطراف النزاع اليمني بالوقف الفوري للأعمال العدائية، والالتزام بمقتضيات القانون الإنساني الدولي، والانخراط في مفاوضات مباشرة للتوصل إلى سلام شامل في اليمن.
وشهدت الأسابيع الاخيرة، حراكا دبلوماسيا امميا ودوليا كبيرا من أجل الضغط على الأطراف المتحاربة لوضع حد للنزاع الدامي الذي تسبب بواحدة من "اكبر الازمات الانسانية" في العالم، وسط قلق متزايد من احتمالات انزلاق البلاد الى دائرة المجاعة مع استمرار الاعمال القتالية على ضراوتها لعام اخر.