الرئيسية / مقالات
"كامب ديفيد".. مُلطخة بدماء حرب أكتوبر!
تاريخ النشر: الخميس 29/03/2018 05:56
"كامب ديفيد".. مُلطخة بدماء حرب أكتوبر!
7 نوفمبر عام 1973_ الرئيس المصري أنور السادات مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.

كتب اشرف اسيا

في 6 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1973_ يوم كيبور المُقدس عند اليهود (يوم الغفران)، هاجمت سوريا ومصر المواقع الإسرئيلية محاولةً استعادة الاراضي العربية المحتلة منذ حزيران عام 1967، وشنت الدولتان حملة عسكرية بقيت محتدمة لمدة عشرين يوماً، قبل أن يتم وضع وقف إطلاق النار موضع التنفيذ.
الذي يحفرُ عميقاً في الأرض يُذهلُ بما تُخبئهُ في باطنها، والصور مُطبقة على النبش في الماضي وتتبع حلقات مسلسل التاريخ، فمن كان يعتقد مُسبقاً أن حرب أكتوبر كانت مُعدة مسبقاً أمريكياً ومصرياً؟، لتُشكل بذلك عتبة الدماء قبل الدخول لمنزل السلام المصري الإسرئيلي، وأن الحرب لم تكون سوى معبر الدخول لاتفاقية "كامب ديفيد" عام 1978.
جاك أوكونيل مُدير محطة وكالة المخابرات الامريكية في عمان ل40 عاماً، والذي كان مُطلعاُ على مجريات الأمور سابقاً يسرُد لنا ما قبل وبعد حرب أكتوبر في فصل من فصول كتابهِ.
وباعتباره مُقرباً من الملك الأردني حسين بن طلال، عمل على توثيق مرحلة السلام المُتعثرة بالشرق الأوسط بطلب من الملك الأردني وجمع كل ما لديه في كتاب " مستشار الملك_ مذكرات عن الحرب والتجسس والدبلوماسية في الشرق الأوسط)، أصدرهُ عام 2015.
"قوموا بإراقة الدماء"
يوضح المؤلف أوكونيل أن الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، ضاقَ ذرعاً من السوفييت وكان يريد التخلص من سيطرتهم، ويحسن علاقته مع الولايات المُتحدة الأمريكية ليُحل مشاكله مع إسرائيل.
وبين أن السادات طلب اجراء مشاوراتٍ مع الإدارة الأمريكية المتمثلة بوزير خارجيتها هنري كيسنجر، حيث اجتمع الأخير مع حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي المصري في فرنسا، قبل شهورٍ عدة من حرب الغفران.
وفي السياق ذاتهِ، يأتي المؤلف بمقتطفات من كتاب سنوات من الاضطراب (years of Upheavel) لهنري كيسنجر، والذي كتب فيه ما يلي:
" في ربيع عام 1973 كان السادات يُخطط لخوض الحرب منذ عام تقريباً بعد أن قرر أن الحرب ضرورية قبل أن يتخذ خطوات حاسمة في تنشيط عملية السلام ببعض الأخذ والعطاء الحقيقيين".
ويضيف كيسنجر " إنه ليس للولايات المتحدة سياسة شرق أوسطية، هي تتعامل فقط مع إدارة الأزمان ومن أجل أن تجعل الولايات المتحدة تشارك عليك ان تخلق أزمة".
وصرح كيسنجر في كتابه أنه قال لحافظ إسماعيل "قوموا بإراقة الدماء"، ما شكل ردة فعل لدى الأخير بأن يضع رأسه بين يديه يبكي إلى جانب الجدول خلف منزل الاجتماع ،ويبدو عليه مُكتئب مُثبط يتأمل شلالات الدماء.
ويقول المؤلف أوكونيل أنه كان مُقتنعاً أن المصريين غادروا الاجتماع، وقد فهموا أن عليهم خوض حرباً مع إسرائيل لكي تشارك أمريكا في صُنع السلام.


اختلاف وخيانة
ويُبين أكونيل أن السادات تأثر بكلمات كيسنجر، وفي نهاية المطاف اتخذ قراراً بخوض حرب مع إسرائيل واستعان بالرئيس السوري حافظ الأسد للمشاركة في الهجوم لكن الأهداف كانت مختلفة بين السادات والأسد حيث الحرب بالنسبة للأسد كانت لأغراض تقليدية، تتجلى في استعادة الأرض المُحتلة منذُ 6 سنوات، ولم يكن على دراية باجتماعات هنري كيسنجر مع حافظ اسماعيل من قبل.
ويُشدد بالمقابل أن هدف الحرب بالنسبة للسادات لم يكن استعادة الأراضي العربية المُحتلة، بل لتغيير الرُعاة بالتخلص من موسكو وللجوء لرعاية أمريكية تمتلك القدرة على تحقيق العدالة لمظالمها من خلال عملية دبلوماسية ترعاها واشنطن.
ويواصل أكونيل أن الأسد لم يكن على دراية بأن قوات السادات ستتمركز قبل ممر "ميتلا" الإستراتيجي فور عبورها قنوات السويس، ما سمح لإسرائيل أن تعسكر بقواتها في الجولان ضد سوريا وتشن هجوماً مضاداً وتندفع داخل الأراضي السوري ما أثار غضب الأسد من خيانة السادات السافرة.
ونتيجة لرفض السادات الاستمرار بالهجوم بعد نجاحاته بالأيام الثلاثة الأولى من الحرب، تمكنت إسرائيل من تغيير مسار المعركة لصالحها.
ويُتابع أكونيل سردهُ بالقول "وربما أن كيسنجر بنفسهِ تولى ضمان أن تتلقى إسرئيل السلاح الذي كانت تحتاجه، وهيمن كيسنجر على على البنتاغون ما شكل من مكتب كيسنجر مركزاً للقيادة وصاحبه القائد العام".
الخاسر الوحيد!
وحسب وجهة نظر المؤلف، فإن مصر وسوريا لم تتمكنا من استعادة أراضيها التي فقدتاها في حرب حزيران، لكن صورة إسرائيل بأنها قوة لا تُقهر تلاشت، والمعادلة العسكرية في الشرق الأوسط تغيرت، ما منح كيسنجر فرصة لتنسيق عملية السلام بين إسرائيل وجاراتها العربية.
وبرهن أوكونيل أن كيسنجر نجح في خلق أزمة واستطاع إدارتها، بعقدهِ مؤتمر جنيف مع راعٍ سوفيتي مُشارك غير مُطلع برعاية اسمية لمجلس الامن التابع للأمم المتحدة، لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ،338 وتكرر قرار 242 الذي يدعو لسلامٍ شامل في الشرق الأوسط.
ويوضح بأنه تمت دعوة مصر وإسرائيل والأردن وسوريا، لتوضيح من قام بالاحتلال ومن تعرض للاحتلال،وبقيت سوريا بالوطن واتضح أن الهدف من المؤتمر لم يكن سلاماً شاملاً، بل سلاماً مصرياً إسرائليلياً.
ويُثبت أوكونيل أن الإنجاز الوحيد للمؤتمر هو إنشاء مجموعة عمل إسرائيلية مصرية، ولم ينعقد المؤتمر مرة اخرى أبداً، والخاسر الأكبر هو الأردن الذي لم ينجح بإسترجاع الضفة الغربية، وتعرض للخيانة من قبل كيسنجر والسادات.
ويعتبر أن وقتها بدأ الحديث عن انتقال تمثيل الفلسطينيين من الأردن إلى منظمة التحرير الفلسطينية، بعد بزوغ قائدها ياسر عرفات على المسرح العالمي عام 1974.

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017