نشرت صحيفة "صندي تايمز" تقريرا لمراسلتها لويزا كلاهان، تقول فيه إن أعداء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يتجمعون، في الوقت الذي يحكم فيه قبضته على مفاصل السلطة في المملكة.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن مصدر غربي في العاصمة السعودية الرياض، قوله إن التحركات التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضد منافسيه "خلقت له أعداء أقوياء في العائلة المالكة، حيث راكم السلطات في يده، وبين النخبة التجارية التي جرح كرامتها.. بالإضافة إلى أن أعضاء المؤسسة الدينية ليسوا راضين عن هذا.. وأغلق المجال السياسي، ولا يتسامح مع النقد".
وتلفت كلاهان، التي زارت فندق ريتز كارلتون في الرياض، إلى أنه افتتح بعد عدة أشهر من تحوله لسجن لأكثر من 200 سعودي، معظمهم أمراء أثرياء ووزراء ورجال أعمال، اعتقلوا في ما أطلق عليها حملة مكافحة الفساد، وتعرض بعضهم للتعذيب، فيما مات جنرال كان يعمل مساعدا لأمير سعودي في المعتقل.
وتذكر الصحيفة أنه كان من بين المعتقلين المشاهير رجل الأعمال والملياردير المعروف الأمير الوليد بن طلال، وقائد الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبدالله، الذي أفرج عنه بعد موافقته على دفع مليار دولار، مشيرة إلى أنه تم إطلاق سراح معظم المعتقلين بعد الموافقة على تسويات مالية، أما الذين رفضوا فإنهم سجنوا في مكان آخر.
ويجد التقرير أنه مع عودة الحياة في الفندق فإن ميزان القوة في السعودية تغير تغيرا واضحا، فمنذ إنشائها ظلت تحكم عبر تحالف بين العائلة المالكة والمؤسسة الدينية الوهابية، حيث منح الشيوخ الشرعية للحكام، وحصلوا في المقابل على حصة من الثروة والمشاركة في السلطة.
وتعلق الكاتبة قائلة إن "هذه الصفقة، التي تقع في مركز هوية الدولة السعودية، تتحطم، فيما تتمركز السلطة في يد شخص واحد قام بتغيير شكل الحكومة السعودية، ففي الماضي كان الأمراء يتمتعون بتأثير على مؤسسات الدول، أما الآن فإن السلطة في يد ولي العهد ووالده، حيث تقول مصادر إنه يشارك في القرارات المهمة كلها، لكن بعيدا عن الأضواء".
وتورد الصحيفة نقلا عن مصدر غربي، قوله: "بحسب تقاليد آل سعود، فإنه عادة ما يكون هناك الملك وولي عهد والأمور تسير ببطء، ومن خلال الشورى والإجماع"، ويضيف: "في قمة العائلة عادة ما يتحدثون عن القرارات، ولم يعد الأمر كذلك".
وينوه التقرير إلى أن ولي العهد يقوم بجولة في الولايات المتحدة، في محاولة لتحسين صورة المملكة في العالم، حيث حصل على ثناء على نطاق واسع؛ بسبب محاولاته معالجة عدم المساواة بين الجنسين، وسماحه للمرأة بقيادة السيارات، وتأهيل الاقتصاد بعيدا عن النفط، لافتا إلى أنه سيلتقي هذا الشهر مع مقدمة البرامج التلفزيونية أوبرا وينفري، بشكل يتوج جهود العلاقات العامة، حيث تركز انتباه الرأي العام العالمي على الثمن الإنساني للحرب في اليمن، وهي الحملة التي يشرف عليها.
وتقول كالاهان إنه "نظرا لعدم وجود استطلاعات رأي في المملكة، فإنه من الصعب معرفة مواقف الرأي العام من التغيير، إلا أن حملة الاعتقالات حظيت بدعم بين سكان المملكة، حيث تمثل نسبة من هم تحت سن الثلاثين 70% من مجمل عدد السكان، وقال طالب جامعي تخرج حديثا إن السعودية ظلت تحكم ولوقت طويل من رجال كبار في العمر (الأمور تتغير وحان الوقت للتغيير)".
وتفيد الصحيفة بأن وزير الاتصالات وتقنية المعلومات عبدالله السواحة قارن الأمير ابن سلمان بمارغريت تاتشر، قائلا إنه "رجل رؤية" و"المخلص" الذي تحتاج إليه السعودية، وزعم الوزير أن غالبية سكان المملكة كانوا معتدلين دائما، إلا أن التغيير حجبته "أقلية ذات صوت عال، التي تجد الآن أن التغيير قادم والقطار يمضي، ولا خيار أمامها؛ إما ركوبه أو تركها في الخلف"، مشيرا إلى أن طريقة ولي العهد هي التغيير من الأعلى للأسفل، بحسب تقاليد العشيرة.
وبحسب التقرير، فإن النقاد يرون أنها طريقة استبدادية، ففي أيلول/ سبتمبر سجن عدد من الناشطين ورجال الدين ورجال الأعمال، فيما نظر إليه على أنه محاولة لوقف الأصوات المعارضة، وبعد حملات الاعتقال في تشرين الثاني/ نوفمبر اعتقل 11 أميرا آخر؛ بسبب احتجاجهم على قطع المعونات، بالإضافة إلى أنه حكم بسجن صحافي بارز بتهمة إهانة "الديوان الملكي".
وتنقل الكاتبة عن مديرة برنامج الشرق الأوسط في منظمة "هيومان رايتس ووتش" سارة لي ويتسون، تعليقها قائلة: "هذه الاعتقالات ذات الطابع السياسي هي إشارة أخرى إلى أن محمد بن سلمان ليس مهتما بتحسين سجل بلده في حرية التعبير وحكم القانون".
وتختم "صندي تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول لي ويتسون إن "جهود السعوديين لمكافحة التطرف هي مجرد مظاهر، إن كان كل ما تقوم به الحكومة هو اعتقال الناس بسبب أفكارهم السياسية".