أكد الدبلوماسي المصري السابق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الله الأشعل، أن معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية، (26 آذار / مارس 1979) هي التي "فتحت الباب لتصفية القضية الفلسطينية وهي المفتاح الأكبر لصفقة القرن ولتحويل الجيوش العربية من وظيفتها الأساسية التي خططت إسرائيل للقضاء عليها".
ورأى الأشعل في حديث مع "قدس برس"، أنه وبعد مرور أربعة عقود على توقيع معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية، "تم تدمير الجيوش العربية من خلال إشغالها بحروب جانبية سواء في العراق التي تم التمكين فيها لإيران، أو إنهاك الجيش السوري، وأن ذلك يأتي ضمن ملحمة ومؤامرة واسعة ضمن برنامج تفتيت المنطقة العربية ثم شغلت الجيش المصري بحروب الإرهاب التي لا شك أنها ضليعة فيها".
وأشار الأشعل، إلى نجاح الأمريكيين، بهذه المعاهدة، في تحويل مصر إلى جزء من أمنهم القومي، وقال: "كل الأدبيات الإسرائيلية تعتبر الرئيس كارتر قد قدم خدمة كبرى لإسرائيل، وقال: "لقد أعقب المعاهدة وانسحاب مصر من الصراع، إعلان ضم القدس وإعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل، ثم ضم الجولان ثم غزو بيروت ثم الحرب العراقية الإيرانية ثم ضرب المفاعل النووي العراقي مما أدى إلى إنشاء حزب الله ودخول إيران على الخط في صلب الصراع والتحالف مع سوريا فصارت إيران بديلا عن مصر وصارت إيران هي التي تحتضن القضية الفلسطينية والقدس، وصارت مصر جزءا من الأمن القومي الأمريكي في المنطقة".
ولفت الأشعل الإنتباه إلى "أن السادات كان يفخر بهذه الاتفاقية وبتحويل مصر من موسكو إلي واشنطن، وقال: "لقد أعاد السادات سيناء التي ضيعها عبدالناصر وحقق انتصارا عام 73 مقابل هزيمة عبدالناصر والغى القطاع العام والتحالف مع موسكو وأدخل القطاع الخاص المنحرف وكأنه نظام رأسمالي لكي يحقق العدالة الاجتماعية التي طبقها عبدالناصر فكان موقف السادات موجها لكسب الداخل والخارج، ولكنه حقق نصرا ضخما لإسرائيل عندما تنكر لعروبة مصر وشجع الكتاب على ذلك وأبرزهم توفيق الحكيم".
وأضاف: "الواضح أن انور السادات قد قدم كل شئ مقابل استعادة سيناء ولو بشروط، ولكنه قدم لإسرائيل ما كانت تحلم به وهو الاعتراف لأن إسرائيل تعلم أنها كيان غاصب وأنه يستهدف مصر في الأساس، ولذلك فإن مسيرة العقود الأربعة قد حققت المكاسب لإسرائيل والكوارث لمصر والعرب".
وعما إذا كان يمكن لمصر مع الإلتزام بالمعاهدة أن تسلك سياسة خارجية مستقلة وسياسة عربية نافعة، اعتبر الأشعل، أن التخويف بالحرب في حال ألغت مصر المعاهدة تضليل.
وقال: " أن المعاهدة حررت إسرائيل من الخوف من مصر كما أخرجت مصر من دائرة الحسابات الإقليمية واتجهت إسرائيل لاستكمال المشروع الصهيوني".
وأضاف: "في تقديري أن هذه المعاهدة ارتبطت بإرادة مصرية صلبة مثلها السادات وهو إخراج مصر من دائرة الصراع تحت مسمى السلام، وهو يعلم علم اليقين أن المشروع الصهيوني مشروع توسعي إحلالي استيطاني، وأن مصر كانت الصخرة الصماء للجم هذا المشروع واحتوائه"، على حد تعبيره.
يذكر أنه تم التوقيع على معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية في العاصمة الأمريكية واشنطن، في 26 آذار (مارس) 1979 في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد لعام 1978، ووقَّع عليها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن، وشهدها رئيس الولايات المتحدة جيمي كارتر.
وجاء التوقيع على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بعد 16 شهرا من زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل في عام 1977 بعد مفاوضات مكثفة، وكانت السمات الرئيسية للمعاهدة الاعتراف المتبادل، ووقف حالة الحرب التي كانت قائمة منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 وتطبيع العلاقات وسحب إسرائيل الكامل لقواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء التي كانت احتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة في عام 1967، ووافقت مصر على ترك المنطقة منزوعة السلاح، وينص الاتفاق أيضا على حرية مرور السفن الإسرائيلية عبر قناة السويس والاعتراف بمضيق تيران وخليج العقبة ممراتٍ مائية دولية، وكان الإتفاق قد جعل مصر أول دولة عربية تعترف رسميا بإسرائيل.