قال الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، معلقا على حديث ولي العهد، محمد بن سلمان، لبرنامج "ستون دقيقة" بأن السعوديات كن يقدن السيارات في السبعينيات، وإن المملكة كان فيها دور للسينما، إن ما قال ابن سلمان يختلف عما شاهده حين كان فتى في سن المراهقة في تلك الأيام.
وفي مقال له في الواشنطن بوست الأمريكية، قال إن أول امرأة شاهدها تقود سيارة كانت في زيارة له إلى ولاية أريزونا الأمريكية، أما دور السينما التي تحدث عنها ولي العهد فلم تكن إلا "مقرات مؤقتة أشبه بالسينمات التي يدخلها الناس بسياراتهم في أمريكا، ولكنها كانت أبسط من ذلك بكثير".
وأشار إلى أن المنظمين لعرض الأفلام كانوا ينذرون الجمهور إذا ما اقترب أفراد "الشرطة الدينية" من المكان.
وأشار إلى أن قرار السعودية بمنع النساء من السفر دون موافقة ولي الأمر والتشدد في عزلهن، جاء بعد محاولة أميرة سعودية الهرب من البلاد مع عشيق لها انتهت بإعدامهما.
كما كانت صور النساء ممنوعة من النشر على صفحات الجرائد المطبوعة، وفي وسائل الإعلام المرئية، واعترض على ذلك الوزير غازي القصبي لكن الملك خالد تجاهل تحذيراته بأن من شأن ذلك أن يجعل من المملكة نموذجا في التشدد والتخلف أمام العالم.
وفي المقال تابع خاشقجي: "يرغب محمد بن سلمان في تقديم سردية جديدة لتاريخ بلادي المعاصر، وهي سردية تعفي الحكومة من المسؤولية عن تواطؤها في تبني المذهب الوهابي المتشدد، الأمر الذي يناقض حقيقة ما وقع. على الرغم من أن محمد بن سلمان محق في تحرير المملكة العربية السعودية من قبضة القوى الدينية المحافظة والمتعصبة، إلا أنه مخطئ في مسعاه للدفع بنوع آخر من التطرف، والذي لئن بدا أكثر ليبرالية وأكثر قبولاً لدى الغرب، إلا أنه لا يقل تشدداً في رفضه لكل مخالف أو معارض".
وعن العلاقة بين المملكة العربية السعودية وجماعة الإخوان المسلمين التي هاجمها ابن سلمان مرارا قال خاشقجي إن المملكة "رحبت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي بالمصريين الذين لاذوا بالفرار من مصر خشية أن يعتقلهم رئيسها جمال عبد الناصر عقاباً لهم على معتقداتهم. كان عدد كبير من هؤلاء من منتسبي جماعة الإخوان المسلمين. وقد جلبوا معهم إلى المملكة مقاربات جديدة نحو الفكر الإسلامي والشريعة الإسلامية رحب بها كثير منا بما في ذلك قادتنا وزعماؤنا".
وتابع: "وكان الملك فيصل، الذي اغتيل في عام 1975، قد أقام أول مدارس حكومية للبنات في ستينيات القرن الماضي، وهي الخطوة التي عارضها بشدة منتسبو المؤسسة الدينية. وكان يرى ضمن سعيه الحثيث لإعداد البلاد للدخول إلى القرن الحادي والعشرين بأن جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن تشكل ثقلاً موازناً لرجال الدين التابعين للمدرسة الوهابية."
وتساءل الكاتب: "ما الذي طرأ حتى يصبح الإخوان مكروهين لهذه الدرجة؟"، مذكرا بأن الملك فيصل "وضع ثقته في الشيخ الموقر مناع القطان لكي يحدث النظام القضائي السعودي. وما لبثت أن بدأت عجلة الإصلاحات، التي كانت مستحيلة حتى ذلك الوقت، بفضل ما كان يتمتع به أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من علم ودراية، بما في ذلك في مجال قوانين العمل، وتدريس اللغة الإنجليزية ومادة الكيمياء، والتشكيل الجزئي للائحة القوانين. والآن تعمل وسائل الإعلام السعودية بتشجيع من الحكومة على شيطنة الشيخ القطان بحجة أنه كان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين".
وعن الحريات في المملكة قال الإعلامي السعودي: "لا يجرؤ الناس في السعودية الآن على النطق، وشهدت البلاد وضع قائمة سوداء بأسماء كل من تجرأوا ورفعوا أصواتهم، وسجن المثقفين والشخصيات الدينية التي صدر عنها ولو القدر البسيط من النقد، وأخيراً حملة مزعومة لمحاربة الفساد شملت العديد من كبار الأمراء ورجال أعمال. ورأينا كيف أن الليبراليين الذين كانوا يوماً مستهدفين من قبل متشددي الوهابية بالرقابة والحظر قاموا الآن بقلب الطاولة عليهم، فهم الآن من يقوم بحظر كل ما يبدو في نظرهم متشدداً، مثل منع تداول مختلف الكتب في معرض الكتاب الدولي الشهر الماضي. قد تراود المرء نفسه على الإشادة بهذا التحول مائة وثمانين درجة، ولكن ألا يجدر بنا أن نطمح في رؤية سوق للأفكار يفتح في بلادنا؟".
أتفق مع محمد بن سلمان في وجوب أن تعود البلاد إلى مناخ ما قبل عام 1979 حينما كانت الحكومة تفرض قيوداً على التقاليد الوهابية المتشددة. ينبغي أن ينعم النساء اليوم بنفس حقوق الرجال. وينبغي أن يتمكن جميع المواطنين من التعبير عما يجول في خواطرهم دون خوف على أنفسهم من السجن. أما استبدال أساليب التشدد القديمة بطرق قمع جديدة فليس الجواب بحال.