الرئيسية / ثقافة وأدب
المقاومة بالدبكة! المُتظاهرون في غزة: حان وقت التحرك السلمي
تاريخ النشر: السبت 07/04/2018 05:46
المقاومة بالدبكة! المُتظاهرون في غزة: حان وقت التحرك السلمي
المقاومة بالدبكة! المُتظاهرون في غزة: حان وقت التحرك السلمي

يجلس الرجل المُتهم بالتحريض على حركة المظاهرات الأخيرة التي هزَّت قطاع غزة، يرتشف عصير الليمون بالنعناع بينما يُلقي بنظره إلى البحر الأبيض المتوسط، عكس صورة الاحتجاجات التي عرضتها إسرائيل.

 

تصفُ إسرائيل التظاهرات الأخيرة على حدود غزة بأنَّها “أعمال شغب” وحيلة “لهجماتٍ إرهابية خادعة” تقودها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

 

ومع ذلك، يحمل أحمد أبو أرتيمة، الذي يدَّعي عدم انتمائه إلى “حماس”، فهو يقول إنَّه يرغب في أن يرى الفلسطينيين والإسرائيليين يعيشون معاً في بلدٍ واحد كمواطنين على قدمِ المساواة، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية

 

وفي مقابلةٍ له بقطاع غزة، قال أبو أرتيمة: “إذا كنت تريد معرفة رأيي الشخصي، فأنا لا أؤمن بالتحرير. أنا أؤمن بإنهاء نظام التمييز العُنصري في إسرائيل تماماً مثل إنهائه في جنوب إفريقيا، لنعيش جميعاً بدولةٍ ديمقراطيةٍ واحدة. أرغب في العيش مع الإسرائيليين”، بحسب الصحيفة البريطانية.

 

 

 

 

وبعد اندلاع 3 حروب خلال السنوات الـ10 الماضية، لطالما يُنظَر إلى التحرُّكات الفلسطينية في غزة ضد إسرائيل على أنَّها قتالٌ مُسلَّح إلى حدٍّ كبير. لكنَّ أبو أرتيمة يأمل أن تؤدي الحركة الاحتجاجية السلمية الأخيرة، والتي تلقى تأييداً واسعاً من آلاف المتظاهرين،  ومن ضمنهم كبار السن، والنساء، والأطفال، إلى تغيير هذا التصوُّر.

 

والجمعة الماضية 30 مارس/آذار 2018، تقدمت مجموعات شبابية المظاهرة وألقوا الحجارة، وأحرقوا إطارات السيارات، وحاولوا في بعض الأحيان إحداث تلفيات الحاجز الحدودي في اليوم الأول من المظاهرات، التي من المُقرَّر أن تستمر على مدى 6 أسابيع؛ للمطالبة بحق عودة اللاجئين. ومع ذلك، تراجَعَ معظم المشاركين في التظاهرة ببساطة ووقفوا على بُعد مئات الأمتار، بعيداً عن المنطقة المحظورة مع إسرائيل.

 

غير أنَّ ردَّ إسرائيل على الاحتجاجات انتُقِدَ على نطاقٍ واسع؛ إذ دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إجراء تحقيقاتٍ مُستقلة بعد اتهام جنود إسرائيليين بقتل ما يزيد على 16 شخصاً وإطلاق أعيرة نارية على مئاتٍ آخرين، كان أغلبها في الساقين.

 

ووضعت الحركة الاحتجاجية الأخيرة كلا الفريقين في حالةٍ من التوتر.

 

جمعة “الكوشوك”

 

نتيجة بحث الصور عن جمعة الكاوتشوك

 

 

 

وفي الجمعة الثانية، التي وافقت 6 أبريل/نيسان 2018، أحرق مئات الفلسطينيين إطارات السيارات، التي جعلت السماء بالكامل سوداء مليئة بالدخان، وجعلوا اليوم بكامله تحت شعار“جمعة الكوشوك”.

 

واتخذت جماعة إسرائيلية رائدة في مجال حقوق الإنسان –تُدعى “بتسليم“– خطوةً نادرة،وأخبرت الجنود بأنَّهم “مُلزمون” بعصيان أوامر إطلاق النار الحي على المدنيين العُزَّل.

 

وفي قطاع غزة، كانت دعواتٌ قد ظهرت على الشبكات الاجتماعية تحث المشاركين على استخدام إطارات السيارات لإطلاق جدارٍ دخاني لتشويش رؤية القناصة الإسرائيليين، برغم تحذير أبو أرتيمة من الأمر، قائلاً إنَّه سيزيد من حدة التوتُّرات. ودعت لجنةٌ تنظيمية ينضم إليها أبو أرتيمة، إلى عدم الاقتراب من المنطقة الحدودية؛ لتجنُّب تكرار الأحداث الدموية التي وقعت الأسبوع الماضي.

 

وأسند الكثيرون الحركة الجديدة إلى منشورٍ انتشر على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كتبه أبو أرتيمة، تخيَّل فيه ما يمكن أن يحدث في حال حاول الآلاف من سكان غزة، وغالبيتهم من اللاجئين وأحفادهم، عبور الحدود بشكلٍ سلمي للوصول إلى بيوت أجدادهم.

 

وبمجرد أن تحوَّلت الفكرة إلى خطة حقيقية، عدَّلها المُنظِّمون لتجنُّب الخطر على الحدود، واتفقوا على أنَّهم سينصبون الخيام، ويتناولون وجبات الطعام، ويؤدون رقصة الدبكة الشعبية، ويقيمون مباريات كرة قدم، وحتى حفلات الزفاف، على بُعد مئات الأمتار من المنطقة الحدودية. وقال أبو أرتيمة مُعلِّقاً على الأمر في مقطع فيديو على هاتفه من حفل زفافٍ أُقيمَ داخل معسكر الاحتجاج، نهاية الأسبوع الماضي: “نحن نتطلَّع إلى ثقافة جديدة”.

 

أبو أرتيمة، من مواليد عام 1984، هو ناشطٌ وصحفي قضى حياته بأكملها في غزة، فيما عدا قيامه برحلتين إلى مصر لزيارة والدته على الجانب الحدودي من سيناء. كانت عائلته من ضمن اللاجئين القادمين من مدينة الرملة، بعد أن فروا منها في عام 1948 في وقت قيام دولة إسرائيل.

 

المقاومة بالدبكة

 

 

 

 

ويدَّعي أبو أرتيمة أنَّه يُمثِّل رفضاً للمقاومة المُسلَّحة؛ لاعتقاده أنَّ هذه الاستراتيجية فشلت، قائلاً: “ليس من الضروري مقاومة الاحتلال بالرصاص. يُمكنك مقاومته بالدبكة، أو بمجرد الجلوس هناك”.

 

أضف إلى هذا أنَّ الأحزاب السياسية، وأبرزها “حماس”، تدعم الحركة بشكلٍ علني وأرسلت أعضاء ومُقاتلين للمشاركة، وهو قرارٌ يُصرِّح أبو أرتيمة بأنَّه يقبله. وأوضح قائلاً: “لستُ مُتحدِّثاً باسم (حماس). لكنَّه أمرٌ إيجابي أن يبدأ هؤلاء الأشخاص يؤمنون بالنضال السلمي. أرادت إسرائيل جرَّ (حماس) إلى العنف، فهم لا يرغبون في مواجهة الشعب. إنَّهم يرغبون في مواجهتهم بالصواريخ أو القذائف”. وفقط لمجرد أنَّ عدداً قليلاً من الناس ألقوا الحجارة، لا يُبرر إطلاق النار عليهم، على حد قوله.

 

ومن جانبه، قال الجيش الإسرائيلي، الذي يُنكر مُجمَل الضحايا في أحداث الجمعة الماضي 30 مارس/آذار 2018، إنَّ الرصاص الحي استُخدِمَ فقط عند الضرورة، على الرغم من انتشار مقطع فيديو يُظهِر أشخاصاً يطلقون أعيرةً نارية في أثناء محاولتهم الهرب. وأشار الجيش أيضاً إلى محاولة شنِّ هجومٍ مُسلَّح على الجنود على امتداد الحدود.

 

هل يشعر أبو أرتيمة بأنَّ الحركة بإمكانها تجنُّب تصاعد حالة الخروج عن السيطرة؟ قال: “أنا شخصياً أؤمن بالاحتجاج السلمي. هناك حلمٌ وهناك حقيقة، وهناك فارقٌ بينهما”.

 

عربي بوست، ترجمة
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017