ما يقارب من 2 مليون فلسطيني سجين في قطاع غزة يعيشون واقعاً كارثياً لم يشهد التاريخ مثله؛ ومع كل هذه الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية، يتم التعامل مع القطاع من قبل أشخاص يعتقدون بأنهم «النخبة» بحالة من الاغتراب.. التيه.. والترف، وفي بعض الأحيان بحالة من الندية غير المبررة.
لن أخفي شعوري تجاه هؤلاء الذين يناقشون مشهد غزة من منظور الفنتازيا السياسية، الاجتماعية، الصحية، الاقتصادية، والبيئية.. الخ، وكأن غزة في كوكب آخر لا شأن لنا به!! والأخطر من ذلك هو ما يتم ترسيخه في عقلية المواطن منذ 11 عاماً وكأننا شعبان (شعب الضفة، شعب غزة) متناحران ضد وجود الآخر!! وتناسينا من يسعى إلى اقتلاع جذورنا.
كنت أقرأ ما ينشر عبر وسائل الإعلام المجتمعية حول جمعة «الكاوتشوك» في قطاع غزة، وأدهشني واستفزني ما كتبه عدد ممن يسمون ذاتهم بأنهم «نخبة» مجتمعية، ليس بسبب رفضهم إشعال «الكاوتشوك» وإنما بطريقة تعبيرهم للرفض!! ما هذه الاستعلائية؟! ما هذه الفوقية؟! من أعطاكم الحق في التعبير عن رأيكم بهذا الأسلوب غير المقبول؟
نتفق ونختلف حول أي فعل هذا مقبول، لكن من غير المقبول هو طريقة التعبير التي تسيء للكينونة الفلسطينية، أيضاً لمن يرفض الفعل عليه أن يطرح بدائل في الفعل المقاوم وأن يمارسه، لماذا لا ينظر لهذا الفعل بأنه تكتيك سلمي للمقاومة؟! كيف تطالب من يموتون يومياً بسبب حالة الخنق بأن يحافظوا على عطر الهواء؟! ولم أجدكم تكتبون عن حالات الموت اليومية التي يعاني منها قطاع غزة: سرطان بأنواعه، عدم توفر الأدوية، توقف الأجهزة الطبية، المنع من السفر للعلاج، القذائف المسرطنة مثل الفسفور الأبيض!!
السجين يقاوم بما لديه وهو الأعلم بما لديه من إمكانيات وكيفية إدارة مواجهته، السجين أبدع في مقاومته الاحتلال، ومن جهة أخرى يريد أن يقول للعالم الذي يهتم بطبقة الأوزون: إن هناك 2 مليون إنسان يفتقدون أبسط الحقوق الإنسانية، وعلى العالم أجمع أن ينظر الى قضيتنا الفلسطينية، خصوصاً في ظل التهافت العربي الذي بدأنا نشاهده!!
نعم، المواطن في غزة لا يقبل التدجين في السجن، هناك في خان يونس، جباليا، رفح، والوسطى، نجد ما لا نجده في عواصم دول تدعي بأنها عواصم للمقاومة والمواجهة، غزة تقاتل وحدها باسم قيادات عربية وإسلامية أشبعتنا تصريحات، غزة تقوم بإعادة تدوير «الكاوتشوك» الى نضال فقده الكثيرون، ما هو مطلوب ممن يعتبر ذاته بأنه من «النخبة» النظر لغزة بكونها السجين الذي يريد العودة إلى حريته وبيته دون أي مزايدات، وأقولها بصوت مرتفع» اللي إيده بالكاوتشوك مش زي اللي إيده على الفيسبوك».