كمقدمة لما كتبت ادناه ومن باب الموضوعية (استثني بعض المؤسسات مما اكتب وعددها لا يتجاوز اصابع اليدين وهي التي عملت بشكل صحيح ودقيق في مجال موضوعنا، وتركت اثارا ايجابية واضحه على المجتمع الفلسطيني وساهمت بعملية بناء ما استطاعت ، وما يزعل حدا لاني اكتب بموضوع عام ولا اقصد اشخاصا )
كثرت وتعددت خلال الفترة الاخيرة المؤتمرات وورشات العمل والندوات واللقاءات الاذاعية والتلفزيونية حول موضوع السلم الاهلي ، وجاءت هذه النشاطات لسببين اولهما ان المؤسسات اكتشفت وبشكل متأخر جدا مدى الفشل الذريع لمجمل السنوات والمليارات التي انفقت في هذا المجال ولم تحقق الكثير ، والسبب الثاني جاء بعد ازدياد ونوسع نطاق الاعتداءات والانتهاكات غير المبررة وغير المقبوله قانونيا واخلاقيا ودينيا بحق الانسان الفلسطيني ولأسباب شخصية بحته او لتصفية حسابات او لسلوك غير مقبول اجتماعيا ولا اخلاقيا ، ذلك ان هذه الاعتداءات تعرض لها مواطنون مسالمين في معظم الاحيان ليس لهم ناقه اول بعير في كثير من المواقف.
لماذا السلم الاهلي الان ؟ وماذا يعني السلم الاهلي ؟ ببساطه هو حالة الانسجام والتوافق واحترام الاخر وتوفر الامن والامان لجميع افراد المجتمع بغض النظر عن لونهم ودينهم وجنسهم وطبقتهم ووضعهم الاقتصادي ، و ، او التنظيمي ، وذلك حسب ما جاء في القانون الاساسي الفلسطيني، وكل ما يحمله ذلك من عداله ومساواة امام القانون ، بغض النظر مسنود او غير مسنود ، في واسطه ثقيلة او ما في واسطه ثقيلة ، واعتقد جازما ، ولا اقبل النقاش في ذلك ، ان المتطلب الاول لتحقيق السلم الاهلي هو سيادة وتطبيق القانون على الجميع وقيام السلطة بدورها كجهاز تنفيذي وتشريعي، واركز على مبدأ العدالة للجميع ، عداله ومساواة وتنفيذ ما يصدر عن المحاكم وجهاز القضاء دون محاباة.
بلدنا المشحرة ، وهنا لا اقصد نابلس ، بل اقصد فلسطين، تعاني من فلسفات مختلفة في تفسير معاني السلم الاهلي على ان المفهوم الدقيق هو ما اشرنا اليه ، في بلدنا هناك عدة الاف من اجسام العمل المدني والجمعيات والمؤسسات والمشاريع المموله من جهات مختلفة ، والوان مختلفة ، وحصلت هذه المؤسسات خلال 20 سنه الماضية على مليارات من الدولارات واليورهات والينات التي صرفت لهم باسم وعلى اكتاف الشعب الفلسطيني ، ليش هاي المليارات ؟ الجواب لتعزيز المفاهيم والممارسة الديمقراطية ، واحترام الاخر وفكر الاخر ، اللجوء الى القانون في حل الاشكالات ، ممارسة الواجبات والحقوق المدنية وعدم اللجوء الى العنف ، وغيرها ، والتي اتضح فيما بعد انها عبارة عن بلالين الهواء فقط ، وان معظمها عملت بوعي وبدون وعي لخدمة اجندات لا تخدم شعبنا الفلسطيني ، وعلى رأي المثل الممول لا يعرف اهم القضايا بالنسبة لنا كفلسطينيين ، لماذا ؟ لأن اهل مكه ادرى بشعابها وصاحب الجرح هو افضل من يصف موقع الجرح وتأثيرة ، وان الامور المعالجة يجب ان ترتكز على ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وحياتنا واحتياجاتنا المستندة الى ذلك.
بعد 20 سنه ، وبعد فحص دقيق لما يجري على الارض الفلسطينية ، كما في العديد من الدول العربية ، نجد ان هناك الكثير من الادعاءات ، واقصد الادعاءات المفرغة من الحقيقة والبعيده عن الواقع ، وهي عبارة عن مجموعة ترهات ، لماذا؟ لانه تبين بعدها ان هذه المؤسسات كانت تعمل في مشاريع تجارية بحته ، تحقق اهداف واغراض شخصية وفرت تمويل لشراء بيوت وسيارات ، تسديد ديون وتحقيق استثمار ، ارضاء المانحين والممولين في الخفاء وغيرهم من الاسياد للحصول على جنسية او مواطنة ، ، واعود لاقول ان الاف من الجمعيات حصلت على التمويل انفقت ما انفقت ، وبقي ما بقي من الاموال ، راحت الى غير رجعه بطرق ووسائل متاحه ولكنها غير مباحه ، ولم يراقبها ولم يتابعها احد ، كانت بعيده عن الشفافية والمحاسبة.
اود ان اقول بصراحة واوجز مجموعة من القضايا التي كان يمكن العمل لحلها بمليارات الدولارات التي دخلت للبلد كتمويل ودعم ومشاريع لمؤسسات العمل المدني، قضايا اساسية حلها سيشكل قاعدة لاحياء ممارسات وسلوك السلم الاهلي ومنها عن رتل من عشرات الاف الاطباء والمهندسين ، المحاسبين والمحامين ، من تكنولوجيا المعلومات والاداريين ، من التربويين وخريجي الجغرافيا والتاريخ واللغات ، خريجي الجامعات الذين حصلوا على شهاداتهم بشق الانفس الناتج عن الصعوبات الاقتصادية ، عشرات الاف عاطلين عن العمل ، فمثلا تنافس ما يزيد عن 45 الف طلب على 2000 وظيفة للتربية والتعليم ، ومثلها او اقل او اكثر لوزارة الصحة ، احد مدراء شركات المقاولات عرض علي عدد الطلبات في ملفاته ، ما يزيد عن 470 طلب لمهندسين عمارة ومدنية وكهرباء وغيرها على الرغم من انه لم يطلب اي موظف ، واضف اليهم عشرات الاف اخرين من مختلف المهن والقطاعات، والسؤال من يتحمل المسؤولية ؟ واصرخ كذلك نيابة عن الفقراء والجائعين واقول ان حجم وكمية الاطعمه التي تلقي بالحاويات من مخلفات الولائم والاعراس تطعم الاف من البشر اذا ما تم التوزيع بعداله ، واشير بشئ من الكبرياء الى ان هناك عشرات الاف من ذوي الاعاقة الذي يريدون ان يعيشوا حياة تتصف بالكرامه والانسانية ولكن لا تتوفر لهم الوسائل والمصادر التي تساعدهم في ذلك ، وكذلك الاف ممن قطعت عنهم مساعدات الشؤون الاجتماعية نتيجة لعدم توفر التمويل ، والاطفال المتسولين على اشارات المرور والطرق ومسالك البلد القديمة ، والى اللي حامله ولدين وتدخل وتتنقل من محل لمحل للاستجداء والشحده ، دعوني اصرخ باسم الاف الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال ، حل هذه المعضلات والهموم هو اول خطوة من خطوات تحقيق السلم الاهلي .
اقولها وبصوت مرتفع اننا كمجتمع ومؤسسات رسمية اولا واهلية ومدنية ثانيا وكمجتمع متكافل اول واخيرا نتحمل مسؤولية التدهور الحاصل في ممارسة وسلوك السلم الاهلي ، واحمل الجهات التي تفسر معنى السلم الاهلي بطرق واساليب مختلفة لخدمة اجندتها الشخصية او اجندة مموليها ، انتم تشكلون معضله اساسية في ارباك الوطن كله من شماله الى جنوبه ، وتزرعون لدى بعض الشباب مفاهيم لا تخدم اجندتنا بل اجندتكم انتم فقط واجندة مموليكم الغامضين القاطنين في العتمه ، انتم يا مؤسسات العمل المدني والحاصلين على تمويل لبناء الديمقراطية وحقوق الانسان تتحملون المسؤولية.
ارحمونا وارحموا هالوطن المسكين.