الرئيسية / مقالات
غزو كوبا.. درسٌ للصحافة!
تاريخ النشر: الثلاثاء 17/04/2018 17:40
غزو كوبا.. درسٌ للصحافة!
غزو كوبا.. درسٌ للصحافة!

بقلم: أشرف آسيا
في 17 آذار1960 وافق الرئيس الأمريكي أداويت أزينهاور على طلب وكالة المخابرات المركزية (CIA) بدعم المعارضة الكوبية ضد الثورة الشيوعية بزعامة فيديل كاسترو، تمهيداً لغزو كوبا وإسقاط نظامه الثوري.
وبسريةٍ تامة عملت (CIA) على تدريب المعارضين الكوبيين، وعلى مدار عام كامل تم تزويدهم بالأسلحة والمعلومات والخبرة في الغزو، وحسب المؤرخين فإن الأمريكيين رفعوا من سقف توقعاتهم بخصوص نجاح المعارضة في ذلك نظراً لتجاربهم السابقة في ذلك.
وفي ذات الحدث لا بُد لنا أن نتخذ زاوية مهمة لتشريحها والحديث عنها، فيُبين إريك فشتيليوس الصحفي والمراسل السويدي الشهير في كتابه "الوصايا العشر للصحافة" المُترجم للعربية، أن السرية في عملية غزو كوبا كانت مُخترقة مُسبقاً.
ووضح أن تاد شولك مراسل صحيفة نيويورك تايمز، عَلِمَ أن (CIA) كانت تدعم خطة لاجتياح كوبا بمساعدة اللاجئين الكوبيين المعادين للشيوعية، وكان هذا الخبر عظيماً يستحق الحصول على حيز واسع على صفحات.
وحسب رأي المؤلف أن النيويورك تايمز تتبع مبدأ الحياد تجاه النتائج.
وقال إن معرفة الصحيفة بخطة الغزو وصلت للرئيس الأمريكي جون كنيدي، فناشد أورفيل درايفوس الناشر المسؤول عن نيويورك تايمز، وطلب منهُ أن يمتنع عن نشر تلك المعلومات بحجة أن كشفها سيؤدي حتماً إلى فشلها، وإلى مقتل عدد من الناس وإلحاق الضرر بمصلحة الأمة، وعدا عن عدم قدرة الصحيفة تحمل مسئولية تلك النتائج؟
واستغرب فشتيليوس خضوع قيادة النيويورك تايمز لضغوطات الرئيس كنيدي، ونشرها بعض الإشاعات من مكانٍ غريب غير بارز، ودون ذكر أية معلومات عن أن الاجتياح كان على وشك البدء، وأن (CIA) ستتدخل.
وذكر أن الإشاعات لم تحظ باهتمام أحد، وبدأت عملية الاجتياح الأمريكي في 17 نيسان 1961 والتي عُرفت ب (غزوخليج الخنازير)، وخلال مُدة لا تزيد عن ثلاثة أيام فشلت العملية، وتعززت صمود الثورة الكوبية وتعاظمت قوة قائدها كاسترو.
وبالمقابل تكشفت تبعية مهاجمين لثورة الكوبية ل (CIA)، وأصبحت فضحية مدوية على المسرح العالمي، وسُجلت فشل ذريع للولايات المتحدة تصدرت الأنباء العالمية حينذاك، وادخلها بصدام حاد مع الإتحاد السوفيتي الذي أجبرها على الإنسحاب.


ويسأل الصحفي المؤلف: في هذه الحالة ما هي مسؤولية النيويورك تايمز، في تلميحٍ منهُ أنها تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية.

ويُدلل فشتيليوس على ذلك بأن اللوم وقع على "نيويورك تايمز"، حينما ادعى الرئيس كنيدي بأن الصحيفة تحفظت زيادة عن اللزوم!، ولربما ألغيت عملية الاجتياح أساساً لو أن تلك الصحيفة نشرت ما كان بحوزتها من معلومات، ما أدى لتجنب الفشل الذريع.
ويعتقد المؤلف أن الصحفيون الأمريكيون تعلموا درساً ما زال حياُ في الوعي المهني لدى الأجيال الجديدة، بأن المعلومات يجب أن تصل للجمهور مهما كانت خطورتها، وأن الصحافة مستقلة عن قرارات السلطة وأفعالها.
واستنتج فشتيليوس أنه من المستحيل صحفياً معرفة النتائج التي قد يؤدي إليها خبر مُسبقاً، وهذا سبب كافٍ لجعل أي هيئة تحرير كانت أن ترفض التأثر بالتكهنات، ولا ترضخ لضغوطات من قبل سلطة أو جهة تمتلك قوة.


 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017