الرئيسية / منوعات / غرائب وعجائب
مسلمون في جزيرة اسكتلندية نائية يعيشون فيها منذ 60 عاماً دون جامع للصلاة لكن هذا المبنى المهجور سيغير ذلك
تاريخ النشر: الأربعاء 18/04/2018 06:47
مسلمون في جزيرة اسكتلندية نائية يعيشون فيها منذ 60 عاماً دون جامع للصلاة لكن هذا المبنى المهجور سيغير ذلك
مسلمون في جزيرة اسكتلندية نائية يعيشون فيها منذ 60 عاماً دون جامع للصلاة لكن هذا المبنى المهجور سيغير ذلك

كان احتشام راشد يقف منذ أسبوعين أمام مبنى قديمٍ في مدينة ستورنواي بجزيرة لويس الاسكتلندية، وهو يُفكِّر في مهمة تحويل المبنى إلى أول مسجدٍ بجزر هبرديس الخارجية، هي ليست مهمة سهلة بالتأكيد.

 

"من الممكن أن يستغرق ذلك سنوات"، كان هذا ما قاله مسؤول البناء الذي يعيش في مدينة ليدز لأعضاء المجتمع الإسلامي، الذين أُصيبوا بالإحباط وهم يحدِّقون في الجدار المتهالك والسقف المتهاوي والنوافذ المكسورة، ويفكرون فيما ستتكلفه المتطلبات اللوجيستية والخامات والعمال.

 

وبحسب ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، ومع نهاية الأسبوع الماضي، ارتدى 5 من المقاولين المتخصصين في الأسقف ستراتِ عملٍ تحمل عبارة "فريق مسجد ستورنواي"، وبدأوا في تثبيت عوارض جديدة للسقف. وسيصل في الأسبوع الجاري متخصِّصو السباكة والمحارة والكهرباء إلى الجزيرة، والنوافذ الجديدة موجودةٌ في أغلفتها على الأرض في انتظار تركيبها، وكذلك طُلِب السجاد الذي سيُفرش للصلاة.

 

وتدفق المال والدعم بشِقّيه المعنوي والمادي إلى المشروع عقب إطلاق راشد دعوةً للتمويل الجماعي للمشروع. وتجاوز الدعم المتدفق من كافة أنحاء العالم المبلغ المستهدف الذي كان 50 ألف جنيه إسترليني (71650 دولاراً أميركياً)، ويعمل البنَّاؤون المحترفون والحرفيون بمعاونة السكان المحليين، بعضهم يتنقَّل بين وظيفته وبين هذا العمل، من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءً.

 

المسلمون هناك منذ الخمسينيات واللاجئون يزدادون

والآن يأمل مسلمو مدينة ستورنواي الذين يُمثِّلون عشراتٍ من إجمالي سكان المدينة الذين يبلغ عددهم نحو 8 آلاف، في أن يكون المسجد جاهزاً بحلول شهر رمضان المُعظَّم. "إنه لَتحدٍّ كبير أن ننجز هذا العمل قبل رمضان، ولكننا سنبذل قُصارى جهدنا. هناك بعض الأشياء نعجز عن التحكم بها، ولكن الآن لدينا ملايين الناس يدعون لنا، فقد أصبح للمشروع شعبية كبيرة"، بحسب راشد.

 

 

ويعيش المسلمون في ستورنواي منذ خمسينيات القرن العشرين، وقد تكيَّفوا مع الحياة في الجزيرة التي ما زال يوم السبت يحظى فيها بمكانة، وتحتفظ الكنائس فيها بنفوذٍ كبير. وفي ذلك الوقت، صار بعضهم باعة متجولين يحملون بضائعهم ويبيعونها في الطرقات، ويعبرون بها الطرق الصعبة ليعرضوا الأقمشة والبضائع الأخرى على أبواب المنازل، حتى أصبح لديهم ما يكفي من المال لافتتاح متاجر وشراء منازل لعائلاتهم.

 

ولكن لم يكن لديهم قَط مكانٌ للعبادة، وبدلاً من ذلك، كانت الصلوات تُقام في غُرف المعيشة بمنازل المسلمين، وكان يتم تغسيل الموتى في مواقف السيارات الخاصة بالمنازل. وكان حضور الإمام من خارج الجزيرة لإقامة صلاة الجنازة من الممكن أن يستغرق عدة أيام.

 

وعلى مرِّ سنوات، رحل بعض المسلمين عن الجزيرة  لأجل العمل، أو الالتحاق بالأبناء والأحفاد الذين استقروا في البر الرئيسي الاسكتلندي، أو ليصبحوا جزءاً من مجتمعٍ أكبر، لديه مسجد. إلا أنه منذ عام 2015 عُوِّضت هذه الأعداد المتناقصة بوصول العديد من العائلات الهاربة من الحرب الأهلية في سوريا، ولذا عادت الحاجة إلى وجود مسجدٍ بشكلٍ أكثر إلحاحاً.

 

قصة المسجد

اشترى المسلمون في الجزيرة مبنًى مهجوراً، وحصلوا على إذنٍ في الصيف الماضي بتحويله إلى مسجد، وكان التقدم في أعمال البناء طفيفاً حتى زيارة أحد أصدقاء راشد للجزيرة منذ عدة أسابيع.

 

يقول راشد إنه تلقى مكالمةً من هذا الرجل الذي قال له: "هناك ضرورةٌ لحضورك إلى هنا"، فاضطر إلى سؤاله عن مكان ستورنواي، والبحث عنها على الخريطة. ثم حزم حقائبه وركب طائرة، ثم طائرة أخرى.

 

عندما وصل، ألقى نظرةً (على المبنى) وقال لنفسه: "هؤلاء الناس يحتاجون إلى مساعدة".

 

جديرٌ بالذكر أنَّ راشد يدير شركة إنشاءاتٍ متخصصة في العقارات الجديدة، لكنَّه يتمتع كذلك بخبرةٍ في بناء المساجد. وبالإضافة إلى جمع المال لمشروع ستورنواي، فقد فاوض أيضاً للحصول على خصوماتٍ على المواد اللازمة، واستدعى بعض المقاولين. وقال راشد: "لقد كان المورِّدون متعاونين للغاية، وأغلب الذين ساعدوا في بناء المسجد كانوا من غير المسلمين".

 

 

وقال بعض مسلمي الجزيرة، إنَّ الاستجابة من الآخرين المقيمين في ستورنواي كانت في أغلبها مشجعة. وزارت سيدةٌ الموقع هذا الأسبوع، ومعها شيك بمبلغ 500 جنيه إسترليني (نحو 716 دولاراً أميركياً)، وغرَّد فريق المسجد على موقع تويتر قائلين: "إننا مدينون بالحب والدعم اللَّذين تلقيناهما من أهل مدينة ستورنواي."

 

 

2) Shortly after she handed the Stornoway Masjid a cheque of £500.00 to use towards the build. She has requested to stay anonymous. This goes along way to show the love and support we have been receiving from the people of Stornoway.

 

 

قلق ومخاوف

لا يرغب أحدٌ من المسلمين هناك في ذكر اسمه، قائلين إنَّهم يريدون المشاركة في المشروع بهدوءٍ وسلام، فالبعض قلقٌ بشكلٍ خاص من وسائل الإعلام، إذ يقول بعضهم إنَّها تحاول إثارة الانقسامات في المدينة بشأن المسجد، وتشوِّه الإسلام باستمرار.

 

وكانت المعارضة الشديدة الوحيدة من الكنيسة الحرة (المستمرة) التي تُعَد كنيسةً منفصلة عن الكنيسة الحرة في اسكتلندا. إذ وصفت المسجد بأنه "التطور الأبغض"، وذلك في وثيقةٍصدرت العام الماضي وتحدثت عن "اضطهاد المسيحيين ووضع المرأة المتدني في الإسلام"، وعن الإسلاميين المتشددين أو "الجهاديين".

 

وقال غريغ ماكدونالد منسق الكنيسة الكاثوليكية الحرة (المستمرة) بجزر هبرديس الخارجية، إنَّ موقف الكنيسة بشأن المسجد قد استرشد بتعليمات وصية الإنجيل التي تدعو لحب الإله، وأضاف: "وفقاً لهذه التعاليم الإنجليية، لا ينبغي أن نسمح بانتشار الأديان الزائفة، بما في ذلك الدعوة إلى الإسلام من خلال مسجدٍ في ستورنواي. من حق الإله أن تعبده مخلوقاته بالطريقة التي ارتضاها، ويجب أن تكون لهذا الحق الأولوية فوق أية حقوقٍ أخرى مفترضة".

 

وعلى النقيض من ذلك، قال جيمس ماكيفر، كاهن الكنيسة الحرة في اسكتلندا، التي تُمثِّل تجمع الكنائس الأكبر في الجزيرة إنَّه يدعم حق المسلمين في العبادة، وأضاف: "لقد اعتبرهم المجتمع المحلي دائماً أناساً مساهمين في الاقتصاد المحلي، ومندمجين اندماجاً جيداً. إنني لا أذكر أي عداوةٍ تجاههم. من الممكن أن يأخذ بعض الناس من الخارج انطباعاً بأن المجتمع المسيحي قد عارض فكرة إقامة المسجد، ولكن الأمر ليس كذلك".

 

 

وتابع: "لقد خلُصت إلى هذه الرؤية من منظور حرية الضمير وحرية الدين، إنني شخصياً لا أرى الإسلام هو الطريق إلى الخلاص، ولكن للمسلمين الحق المدني في وجود مكانٍ لعبادتهم. ليس من حقي أن أحول بين ضمير شخصٍ وإلهه".

 

وقال ماكيفر، إنَّ امرأتين سوريتين لقيتا ترحيباً في مجموعة الأمهات والأطفال بكنيسته. وأضاف: "السكان المحليون يرون ببساطة أنَّ الدين حرية خاصة. لا أحد يرغب في زعزعة السلام".

 

وعودة إلى موقع بناء المسجد، فإن العمل بالأجزاء الداخلية للمسجد سيبدأ فور الانتهاء من تدعيم السقف التدعيم اللازم لمواجهة الطقس. وسيكون هناك مُصلَّى خاص بالسيدات، وستُنشأ مَرافقُ للوضوء، وكذلك سيوجد مكانٌ منفصلٌ لتغسيل الأموات.

 

هناك خططٌ قيد التنفيذ بالفعل لدعوة سكان ستورنواي إلى المسجد لتناول الشاي، من أجل منح الناس الفرصة لطرح أسئلتهم، وليتعرفوا على جيرانهم المسلمين بشكلٍ أفضل. وقال راشد: "تتضمَّن المسيحية والإسلام قيماً متشابهةً جداً، بل هي في الحقيقة القيمُ ذاتُها. سنتبنَّى سياسة الباب المفتوح فور الانتهاء من البناء، فالكلُّ مُرحَّبٌ به".

 عربي بوست


 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017