طفل فلسطيني اسمه محمد ابراهيم - خمسة عشر ربيعا - من غزة، كله براءة، يقنص برأسه برصاصة حاقدة وأمام كاميرات العالم أجمع، ولا احد يحرك ساكن، وعالم فلسطيني وهو فادي البطش يقتل خلال ذهابة لتأدية صلاة الفجر في ماليزيا، ولا احد من العالم المتمدن والحضاري يحرك ساكنا.
هل السبب في عدم ابراز عظم وكبر الجريمة المزدوجة، هو ضعف إعلامنا، ام الحالة والظروف الحالية من التراجع العربي والإسلامي، فلو عكسنا الصورة وقلنا جدلا ان طفل من كيان الاحتلال تم قتله ولو بالخطأ كون المقاومة الفلسطينية لا تقتل أطفال، او قتل عالم من الكيان اغتيالا، لشنت حرب طاحنة، ولوصف العرب والمسلمين والفلسطينيين بأوصاف وحشية أقلها انهم ارهابيون.
عالم منافق؛ يزعم ويدعي بحقوق الانسان، وعندما يصل الامر لقتل طفل بدم بارد في جريمة موثقة بالصوت والصورة فلا احد يحرك ساكنا من دعاة حقوق الانسان ومن تسمي نفسها دول حريصة على حقوق الطفولة.
وعندما يقتل عالم لمجرد انه مفكر وطور ويريد خير قومه والانسانية، تلاحقه يد الموساد وتقتله، ولا احد يحرك ساكنا من دعاة حقوق الإنسان اللهم إلا من بيانات الشجب والاستنكار على خجل، حقا انه عالم وحوش خال من المبادئ الانسانية الرحيمة.
الطفل الشهيد محمد خرج بتظاهرة سلمية، يريد رفع الحصار عن اهله وشعبه في القطاع، ولم يكن يحمل سلاحا، فيطلق عليه النار وفي رأسه مباشرة، وهو ما يعني قرار مسبق من قادة جيش الاحتلال بقتل الأطفال وهذا يعني جريمة حرب لا تسقط بالتقادم.
الاعلام الفلسطيني والعربي والاسلامي، لم يستغل الجريمتين بشكل كافي لفضح جرائم الاحتلال، ومرت الجريمتين مرور الكرام، وكأن من قتل ليس من البشر ولا من الناس، وكأنهم من كوكب آخر.
تعسا لأمة يزيد عددها عن مليار ونصف، وتعسا لأمة العرب وعددها 400 مليون، ولا تحرك ساكنا لنصرة للقدس وغزة، ولا تنصر طفل بريء استشهد وهو يدافع عن شرف امة غيبت وتراخت، وكأنها حالة عابرة في التاريخ ولن تعود من جديد.
من يظن الاحتلال انه يرضى بان يرى من يقاومه ويرفضه ولا يحرك ساكنا اتجاهه بالقتل او السجن؛ فهو واهم، ومن كان يظن ان الاحتلال يعطي شيئا بالمجان فهو واهم، ومن يظن ان قادة الاحتلال لن يتوقفوا عن ملاحقة قادة وعناصر وكوادر المقاومة في أي بقعة في العالم فهو واهم.
كيان الاحتلال يتوقف عن ملاحقة وقتل رجال المقاومة في حالة واحدة فقط، هي عندما يحس ويعتقد انه سيدفع ثمن كبير للاغتيال، عندها لن يجرؤ على قتل أي من رجال المقاومة الفلسطينية.
مسيرات العودة حركت المياه الراكدة، وأعادت توجيه البوصلة بالشكل الصحيح، وهو ما يعني ان من يصنع الحدث بتفكير سليم وتخطيط جيد له الريادة، ويمكن له استغلال نقاط ضعف عدوه مهما بولغ في قوته المصطنعة، ولنا في درس جنوب لبنان وطرد الاحتلال من غزة غير مثالا ودرس واضح جدا لا يختلف عليه اثنان، واستشهاد طفل قنصا ورجل عالم لن يثني اصحاب الحق عن مواصلة مشوارهم نحو الحرية، وسيزيدهم قوة واصرارا.