كتبت جنان ابو زيتون
ثمة أيام وقليل من الشهور تُحَوِلكم من طلاب جامعين إلى خريجين باحثين عن عمل وخبرة، أيام سريعة تنقلكم بشكل فجائيٍ لهذا الحال.
كلنا يحب أن ينقل بوضعه لوضع آخر، فلا أحد يرغب بعيشته وحياته فهدفنا دوماً الاستقرار وتحقيق السعادة.
ولكن أجدادنا و آبائنا باستمرار قالوا لنا:"لسا ما شفتوا اشي".
فهل حقاً حياة المدرسة والجامعة هي لا تعتبر شيئاً؟ ماذا عن كل المعاناة والهموم التي حملناها ليلة الامتحان وعند تسليم الوظائف والمشاريع؟ هل يعتبرونها سهلةً بسيطة تافهة؟ أقول لكم هنا و بعد أن رأيت التخرج بأم عيني ودخلت معركة البحث عن عمل بأن كلام من قبلنا صحيح، تظهر معالمه بعد تسليم اخر ورقة امتحان في جامعتك ومناقشة مشروع تخرجك.
ومن هنا تكن فلسطين كالعادة هي صاحبة الوضع الخاص والأصعب، فعدد خريجيها وصل الى 6626 خريج وذلك حسب الاحصائيات الفلسطينة للعام الدراسي 2016-2017 لكلا الجنسين من الجامعات والكليات الجامعية.
أرقام هائلة وضخمة، ربما تكن انت سبب زيادتها أيضاً كما كنا انا وزملائي من قبلك، نصطف طوابير خريجين فرحين بحفلة التخرج، الحفلة التي تعتبر فقرة ترفيه قبل أن تدخل الواقع المؤلم.
عددٌ الخريجين الكبير ليس مشكلة، فنحن أمة تعتبر التعليم حلاً لما هي عليه من مشاكل، ولكن أين سيذهب هؤلاء الخريجين بعد تخرجهم؟ وهل هناك نظام لتوظيفهم جميعاً؟وكم مؤسسة ستسوعب أعدادهم؟
فالبطالة أضحت بنسب عالية جداً، فحسب احصائيات مركز الاحصاء الفلسطيني فانها قد وصلت ل29.2% بواقع46.4% في قطاع غزة و19% في الضفة الغربية وذلك حسب احصائية 2017، والعام الحالي ربما ترتفع النسب أكثر، ويظل الخريج يندب حظه، ويتمنى العودة للجامعة.
لكل خريجنا أنا لا أبث التشاؤم في قلوبكم، إنما من الضروري أن تدركوا واقعكم قبل أن تصطدموا فيه.
ربما تقولون نحن نحتاج لخبرة وسنأخذها من أي مكان وأي مؤسسة كانت، لابأس بذلك فهذا لمصلحتكم، ولكن لا تتجاهلوا حقوقكم وكرامتكم، وبأن هذا المكان فعلاً هو من يزودكم بالمعرفة وليس مضيعة للوقت، ولا يخدم ما درستموه في جامعتكم.
أمر آخر يتعلق بأجوركم ورواتبكم، كلنا بعد تخرجه يحلم بأموال طائلة وتدور الخيالات في رأسه ويصبح غارقاً بأحلام اليقظة المأساوية، ولكن عند حصولك على العمل والوظيفة، تلاحظ أن الأحلام بدت بالتلاشي عند قبولك لوظيفة بسيطة بأجر غير قانوني. فهنا عليك أن تزيد من تركيزك لنظام المؤسسة، ولا بأس أن توقع عقداً لتحفظ حقك، و راتبك من الضروري أن يكون فوق الحد الأدنى للأجور، فأنت لست بآلة، فأضحى الكثير من الموظفين يوقع على ورقة بأنهم يتقاضوا أجراً قانونياً ولكنهم في الواقع يُسحقون.
وأخيراً وبعد هذا الكم من التشاؤم أرجو أن لا تخافوا، كل شخص منا قادر على أن يثبت ذاته وأن يبحث عن النور أينما كان، ولكن بقليل من الحكمة والبديهة، وان لم تجد أيها الخريج ما يروق بك ويحقق أهدافك ابق بجوار أهلك وأقاربك فلا داعي لأن تهلك جسدك وفكرك، فلهن عليك حق لو تدركه لما سلكت طريق الهلاك.
ملاحظة: لم يوجه هذا الكلام لأحد ولكنه يصف الواقع المعيش لكل خريج في هذا الوطن الحزين.
اكتب رسالة...