د. خالد معالي
حال عمالنا البواسل والأبطال من الضفة الغربية لا يختلف عن حال عمال الوطن كافة؛ سواء في غزة او في ال 48، أو في الشتات، فالإذلال والتفتيش المهين والابتزاز حالهم اليومي، ولقمة خبزهم مغمسة بالدم والعرق والكد والتعب، في استثناء عن حال كل عمال العالم لخصوصية وجود احتلال يستهدفهم على مدار الساعة دون توقف، وهو لا ينطبق على عمال غزة كونه ممنوع عليهم دخول ال 48.
ما قاله وزير التربية والتعليم صبري صيدم من ان قرابة 50 الف تقدموا لامتحان التوظيف، لإشغال 1000 وظيفة فقط، هو مؤشر على عدم وجود تخطيط قوي ومحكم، فنسبة ال 2% تعني ان البطالة متفشية وعمال بلا عمل؛ هو هدر للطاقات، وهو ما لا يصح في ظل التفاخر بنسبة التعليم العالية لفلسطين مقارنة بالدول العربية.
ومع كل اشراقة شمس الأول من أيار من كل عام؛ وفي يوم العمال العالمي؛ يتوجه مئات ألاف العمال في الضفة الغربية والوطن إلى أعمالهم وأشغالهم بهمة ونشاط؛ قاصدين جلب حليب لأطفالهم، وتحصيل لقمة خبز آخر النهار لعائلاتهم، لتتكرر صور معاناة العمال؛ من الغرامات الباهظة، والسجن لأشهر أو الطرد من العمل لمن يقبض عليه يعمل بدون تصريح في الداخل المحتل.
سؤال محرج وهو كيف يفرح عمالنا بعيدهم! وهم مستهدفون على مدار الساعة في لقمة خبزهم؛ فعشرات الوفيات تقع بينهم سنويا بسبب ملاحقة الاحتلال والخوف من اعتقالات الشرطة والضرب والاهانة، وبسبب حالة القلق والخوف خلال العمل أو بسبب اجتيازهم للحواجز والجدار العنصري للوصول إلى أماكن عملهم في الداخل المحتل، ومنهم من يضطر ان ينام في المقابر والحقول وفوق الاشجار خشية الاعتقال وخسران مصدر رزقه.
غالبية عمال الضفة لا يعرفون أنه حان يومهم بالأول من أيار، ومن عرف منهم يبحث عن الفرحة به فلا يجدها؛ لخصوصية وضعهم الصعب والشاق، المتمثل بواقع تعيس؛ ووقوعهم تحت أشرس وأظلم احتلال عرفه التاريخ؛ رغم أن جميع عمال العالم يفرحون به؛ عبر تحقيقهم الانجاز تلو الانجاز، وتحصيل حقوقهم من حلوق مشغليهم من أصحاب رؤوس الأموال التي غالبا تجمع من عرق العمال ودمهم.
كل عامل فلسطيني من الضفة الغربية، لا يحمل تصريحا هو أيضا معرض للابتزاز ومن يحتج أو يعترض يقول له مشغله سوف أسجنك عبر الاتصال بالشرطة ويتهمه بأنه مخالف للقانون ومن ثم يتعرض لضغوط كبيرة تجعله احيانا يصمت.
معاناة العمال في الداخل المحتل لا توصف ومتعددة الأوجه في الضفة الغربية؛ برغم الأجرة المرتفعة نسبيا؛ حيث يتم ابتزاز بعضهم والضغط عليهم بطرق عديدة، من بينها أكل وهضم حقوقهم، ومحاولة الإسقاط والتخابر عبر التصاريح، عدا عن حالات الوفيات العديدة، والابتزاز الجنسي والمخدرات وغيرها.
مشكلة تصاريح العمل هي الأصعب؛ وهي نقطة ضعف كبيرة للعمال يستغلها المشغلين بأكل حقوقهم ومخابرات الاحتلال في إسقاطهم في وحل الخيانة ان استطاعوا إلى ذلك سبيلا؛ وباقي العمال يعملون بشكل غير قانوني، حيث يكون الموت والحبس والاعتقال والضغط يترصدهم في كل لحظة على يد شرطة الاحتلال وجنود حرس الحدود وجيش الاحتلال.
الهجرة إلى الخارج؛ صارت مطلب جزء من المواطنين حيث يعيش اغلب العمال تحت خط الفقر الوطني الذي اعتمده جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني وحدده بقيمة 2350 شيكلا ما يقارب 677 دولارا أمريكيا، وهناك من العاملات من تتقاضى أجرة شهرية ب600 شيكل ، وهو اقل من الحد الأدنى للأجور البالغ 1450 شيكلا.
مأساة ومعاناة النساء العاملات اللواتي هن في ازدياد مستمر لا توصف، فهن يتعرضن لأوضاع صعبة جدا في الضفة ولا يتقاضين الحد الأدنى للأجور؛ مما يضطرهن للبحث عن عمل داخل المستوطنات او في ال 48 ؛ ما يعمل على نشر التفكك الأسري، وغياب الأم عن البيت لفترات طويلة، عدا عن محاولات رخيصة للابتزاز الجنسي لبعضهن؛ وسط غياب تام وصمت مثير ومريب للمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية.