د. خالد معالي
الكتابة عن وجع طفل يوجع القلب، فكيف بالكتابة عن الأطفال الأسرى ومعاناتهم خلال شهر رمضان الكريم، حيث يفتقدون امهاتهم وآبائهم حول موائد الافطار والسحور، التي تكون محاطة في السجن، بالسجانين والأبواب الحديدة، والطعام ليس مما لذ وطاب، بل مما يقدمه السجان من طعام لا يغني ولا يسمن من جوع.
في كل يوم رمضاني، تقوم قوات الاحتلال بحملات اعتقال مسعورة في مختلف مناطق الضفة الغربية، وتطال الاعتقالات عدد من الاطفال اقل من 18 عاما السن القانوني للطفولة بحسب القانون الدولي، وهو ما يعتبر مخالف للقوانين.
اكثر من 500 طفل من بينهم طفلات أسيرات، يفقدن طفولتهن ومقاعد دراستهن خلف القضبان، لمجرد حبهن لوطنهن، ورفض الاحتلال، فلا جمال وعذوبة رفع الاذان في السجن يسمعنه، ولا حلاوة الاجواء الرمضانية في باحات المسجد الاقصى المبارك تتحقق للأطفال الاسرى من القدس المحتلة.
ظروف السجن للأطفال الاسرى هي هي كالكبار، ويتم التعامل معهم كالبالغين دون تمييز في عمليات التحقق المصاحبة لأساليب تعذيب كثيرة لانتزاع المعلومات نزعا، والتي تكون في الغالب مفبركة وغير حقيقية للتخلص من التعذيب، فلكل إنسان طاقة تحمل تختل فمن شخص الى آخر حسب البيئة الاجتماعية، والبنية الجسمانية والقوة العقائدية لديه.
من صور معاناة الاطفال الأسرى تعامل المحققين مع المعلومات على انها أهم من صحة الأطفال فجيش يزعم انه لا يقهر يخاف من طفلة ويريد منها معلومات؛ وكأن تلك المعلومات ستعمل على إزالة الكيان إن لم يتم معرفتها.
ما لا يعرفه كثيرون ان الاطفال الاسرى عند اعتقالهم يوضعون في زنانزين ضيقة خشنة الجدران رائحتها كريهة لا تطاق، ولا شمس ولا هواء، ولا سماع صوت الآذان، ويفطرون على حبة بندورة او كاسة لبن مع قطعة خبز لا تغني ولا تسمن من جوع.
ولقتل روح التحدي ورفض الظلم، يتعمد الاحتلال إصدار أحكام عالية بحق الأطفال تتراوح ما بين اشهر لسنين لأطفال بعمر أل 16 عام؛ في محاولة لترك تأثير نفسي على الجيل الفلسطيني، وعلى كل من يفكر بمقاومة الاحتلال لاحقا.
وتشكل معاناة ما يعرف باص البوسطة – وسيلة نقل للأسرى والأسيرات بين السجون والمحاكم- ونقل الأطفال الاسرى لساعات بفرن بالصيف وثلاجة بالشتاء، والنقل قد يستغرق يومين للأسيرات من الخليل والقدس؛ حيث يتم اجراء جلسات المحاكمة بمعسكرات المسكوبيه بالقدس وعوفر برام الله ، وإبقاء الاسرى والأسيرات بزنازين اسمنيتة قذرة وعفنة وذات رائحة رطوبة عالية؛ أثناء جلسات المحاكمة وانتظار باص البوسطة .
من معاناة الاسرى الاطفال في شهر رمضان وغيره من الاشهر، تقييد الايدي والارجل وكأنهم مجرمون خطرون، وليسوا طلاب حرية، ويجري ذلك أثناء زيارة المحامي والأهل مما يؤثر نفسيا على العائلة والأسيرة؛ وكذلك حرمان الأسرى الأطفال من استكمال دراستهم المدرسية، وهو ما يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الطفولة.
وان كان شهر رمضان يرفع من معنويات الاطفال الاسرى ويعزز صمودهم، الا انهم بعد الافراج عنهم يبقى الخوف يرافق الأسير الطفل أو الطفلة، وكذلك الخوف من إعادة الاعتقال والمرور عبر الحواجز الاحتلالية، وعدم القدرة على العودة للحياة المجتمعية والنوم بشكل عادي خاصة صغار السن.