القاهرة - خدمة قدس برس
في الخامس من حزيران/يونيو عام 1967، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي هجوما مباغتا على قواعد سلاح الجو المصري في سيناء، إيذانا باندلاع شرارة حرب الأيام الستة، كما يسميها الاحتلال الإسرائيلي، والمعروفة عربياً بـ"النكسة".
وكان ذلك الهجوم، النقطة الفاصلة بعد ثلاثة أسابيع، من التوتر المتزايد بين إسرائيل وكل من مصر، والأردن، وسورية.
وترتب على "النكسة"، احتلال إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان، وتهجير نحو 300 ألف فلسطيني من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وفق إحصائيات فلسطينية، معظمهم نزحوا إلى الأردن، ومحو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية المحتلة.
وعن آثار تلك الحرب، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة أن مصر والعالم العربي لا يزالوا يعانون من آثار هزيمة 67 رغم مرور نصف قرن، بسبب عدم التمكن من "استخلاص دروسها الصحيحة".
وأضاف نافعة، "متى ندرك أن نظام ثورة يوليو (نظام حكم عبد الناصر وما تلاه) الاستبدادي هزم مشروعها التحرري وأن بناء مستقبل أفضل يتوقف على قدرتنا على بناء نظام ديمقراطي شفاف يشارك فيه الجميع ولا يستبعد أحدا؟".
الديمقراطية اليهودية سحقت الدكتاتورية العسكرية
من جهته، أكد مساعد وزير الخارجية المصري السابق، واستاذ القانون الدولي عبد الله الاشعل أن يوم الخامس من يونيو الذي كان نقطة فاصلة في تاريخ مصر والمنطقة، كان كفيلا لو صحت العقول والقلوب بإقامة دولة مدنية ديمقراطية توقف التداعيات لتقدم المشروع الصهيوني على حساب العرب.
وأضاف لـ "قدس برس": "كارثة يونيو هي أحد محطات سحق المشروع الصهيوني لمصر والعالم العربي"، مؤكدا أن "أبرز درس بالغ القسوة لم يدركه الطرف المصري ضحية المعادلة هو أن الديمقراطية اليهودية ذات المشروع الصهيونية قد سحقت الدكتاتورية العسكرية في مصر".
وقال مساعد وزير الخارجية الاسبق: "كارثة 1967 كانت طبيعية في ظل نظام أنكر الحريات واحتكر العسكريون فيه كافة مقاليد السلطة وأنشأ تنظيماً للشباب مسانداً له ولم يفكر لحظة واحدة أن مصلحة النظام وسيطرته شيء ومصلحة الوطن شيء آخر بل إن النظام اعتبر أنه هو الوطن وأي فصل بين النظام والوطن مؤامرة على النظام الوطني!".
وتابع: "يخطئ من يظن أن هذه الكارثة كانت منقطعة الصلة عن أهم عاملين وهما طبيعة نظام الحكم العسكري الديكتاتوري الرافض للديمقراطية في مصر حينئذ، والمشروع الصهيوني، الذي رأت أمريكا أن نظام الحكم في مصر يجب أن يتماهى معه.
وقال الاشعل: "رغم رفض جمال عبد الناصر المعادلة إدراكا منه لحقيقة المشروع الصهيوني، لكنه لم يقدر أن الحكم العسكري في مصر هو الذي سيؤدى بمصر إلى أن تكون بعد ذلك من عوامل تمدد المشروع الصهيوني في المنطقة العربية".
كارثة فريق التطبيع العربي
ويستغرب المحلل والخبير في الشؤون الإسرائيلية محمد سيف الدولة، الدعوة والتبشير والتحذير الذي يتبناه فريق من المطبعين العرب حاليا، والمحذر من تكرار ما حدث في 1976 بدعوي ضرورة عدم العنترية وتحدي الامريكان وعداوة اسرائيل ورفض الاعتراف بشرعيتها، ودعم فلسطين وحركات المقاومة.
ويقول سيف الدولة لـ "قدس برس" إن أنصار هذا الفريق التطبيعي يتبنون مقولة مختلفة لا تدعو للاستفادة من الاخطاء التي ادت للهزيمة ولكن يدعون لعدم محاربة اسرائيل اصلا بدعوى أن العرب غير قادرين على تحديها وأن أمريكا تدعمها ولا محال لمحاربة العرب أمريكا.
وقال إن أنصار هذا التيار التطبيعي انتشروا بعد حرب 1973، ثم أسفروا عن وجههم القبيح مع مبادرة السلام 1977، وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد 1978، ومن وقتها وهم يزدادون فجورا يوما بعد يوم، على حد وصفه.
وفاة مذيع النكسة
وتزامنا مع الذكرى الـ 51 لـ "النكسة"، توفي فجر اليوم الإذاعي أحمد سعيد مؤسس إذاعة صوت العرب وصاحب البيانات الرسمية التي تلاها بصوته عبر الإذاعة عند وقوع حرب الخامس من حزيران/يونيو 1967.
ولا يزال المصريون يذكرون صوت سعيد في مثل هذا اليوم منذ أكثر من نصف قرن، وهو يتلو بفخر عبر الإذاعة بيانات تحدثت عن إسقاط عشرات الطائرات وتدمير مئات المعدات الإسرائيلية، بينما كانت الإذاعات العالمية تتحدث عن هزيمة مدوية للقوات المصرية والسورية، وسقوط سيناء بيد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ورحل سعيد عن عمر ناهز 93 عاما، ونعاه رئيس الهيئة الوطنية للإعلام حسين زين في بيان رسمي، باعتباره أحد رواد العمل الإذاعي ومؤسس إذاعة صوت العرب.