الرئيسية / مقالات
المقاومة الشعبية وممارسة حق العودة
تاريخ النشر: الأحد 10/06/2018 22:46
المقاومة الشعبية وممارسة حق العودة
المقاومة الشعبية وممارسة حق العودة

بقلم الأسير الصحفي منذر خلف مفلح

يسجل للشعب الفلسطيني وعبر النضال المعاصر منذ بداية القرن الماضي قدرته الفائقة والحية والإبداعية على اشتراع أشكال النضال، في مواجهة الركود السياسي وفي مقاومته للاحتلال العسكري "بريطانيا والعدو الصهيوني" حيث سجل أشكالاً مختلفة من انتفاضات وهبات شعبية وجماهيرية أدت أو كادت تؤدي لتغييرات إستراتيجية هامة في فلسطين، ولا مجال هنا للدراسة أو الاستفاضة في التاريخ فهو موثق في كتب التاريخ التي تناولت الحراك الشعبي للشعب الفلسطيني خلال الفترة المذكورة، وفي مواجهة العدوان العسكري للاحتلال الصهيوني، هذا الاحتلال الذي يلجأ لاستخدام إستراتيجية عسكرية مفرطة تقوم على الهجوم العسكري المباشر وتستند إلى مفاهيم مثل (الردع، قوة السحق، والجدار الحديدي.. الخ، من المفاهيم العسكرية)، أي تركيز كافة نقاط القوة الرئيسية والأساسية لديه، لمواجهة شعب وجمهور فلسطيني أعزل أو شبه أعزل وفي أضعف حالاته من حيث موازين القوى العسكرية، حيث لا يمتلك القوى الكافية حتى للجوء لإستراتيجية دفاع استراتيجي متحرك كباقي الشعوب والثورات، وذلك يعود للسيطرة شبه الكاملة للجيش الصهيوني للأرض واحتلالها بالقوة العسكرية، وعدم وجود عمق استراتيجي للمقاومة وللشعب الفلسطيني، أو حليف دولي أو سلاح يمكن من خلاله مواجهة التفوق النوعي للعدو وهو أمر يؤمن للاحتلال الانتصار العسكري التكتيكي، أي كأمان الانتصار المتراكم في حالات المواجهات العسكرية أو في حالات مثل المواجهة بالقوة العسكرية أو عدم المواجهة، فعدم امتلاك إستراتيجية نضال واضحة تؤمن الانتصار واللجوء للنضال المطلبي الذي قال عنه غاندي انه لجأ للمقاومة اللاعنفية كخيار بعدما أدرك عدم جدوى اللقاءات والعرائض والمؤتمرات، بمعنى أن المقاومة الشعبية اللاعنيفة هي إستراتيجية مقاومة لها ذات الأبعاد الإستراتيجية والتكتيكات لأي إستراتيجية حربية، وعلى ذلك فإننا: نستطيع استنباط عدد من القوانين التي تحكم الصراع بين الشعب الفلسطيني من جهة والعدو الصهيوني من جهة أخرى:-
1. القانون الأول: وجود الاحتلال العسكري لأراضي الغير، وبهذا فإن المقاومة أمر واقع ومشروع ضمن كل القوانين والشرائع.
2. القانون الثاني: هو استخدام كافة أشكال ووسائل النضال الممكنة والمتاحة، حسب القوانين والشرائع الدولية، وميزان القوى، والظرف التاريخي، بما يحقق أكبر قدر من الانجاز وتراكم عناصر القوة.
3. القانون الثالث: تراكمية عملية المقاومة، بمعنى أنها عملية شاملة وتراكمية تحتاج إلى إستراتيجية النفس الطويل، أي عدم استنزاف الشعب في إستراتيجية معينة، بمعنى استخدام التكتيك القتالي الأمثل في الزمان والمكان والظرف المناسب، دون إلغاء الخيارات النضالية الأخرى في أي مكان أو زمان أو ظرف آخر.

واستناداً إلى القوانين السابقة فإن مطابقة قراءة واقع النضال الفلسطيني وعملية الصراع في وقتها الراهن، فالإستراتيجية الأمثل التي يمكن للشعب الفلسطيني اعتمادها في الظرف الراهن هي المقاومة الشعبية.
فما هي المقاومة الشعبية؟ وما هي متطلباتها؟ وما هي معطيات اعتمادها في فلسطين؟ وما هي الركائز الأساسية للمقاومة الشعبية وأساليبها؟ وهل هي حقيقة مناسبة للشعب الفلسطيني؟ وما هي ممكنات تكتيك مسيرات العودة حالياً ومستقبلاً؟ وما هو تأثيرها في حال اعتماد التكتيك في إطار إستراتيجية شاملة مبنية على إصلاح الواقع السياسي والمصالحة الفلسطينية وإعادة جمع الشتات الفلسطيني بل وعلى مستقبل العملية السياسية برمتها؟ وباعتبارها رداً على صفقة القرن التي تعمل الإدارة الأمريكية على تمريرها.

يعتبر مفهوم المقاومة الشعبية من المفاهيم الملتبسة في الوقت الراهن ذلك لأن تعريفاتها وتأويلاتها مختلفة ولكن ما هو أمر واقع أنها :إستراتيجية نضالية يعتمدها الطرف الضعيف في مواجهة الطرف الأقوى في الصراع أو الحروب أو الثورات، ومنها مثلاً: ما أخذ شكل الانتفاضة (كانتفاضة الخميني" في إيران 1979 الثورة الإسلامية، والانتفاضة الفلسطينية 1987)، والثورة ضد المحتل التي حملت تكتيكات واستراتيجيات وشعارات سياسية وقد اعتبرها معظم المفكرين العسكريين جزءاً من الاستراتيجيات العسكرية في الحروب والثورات وفي مواجهة قوة فاشية، ويطلق عليها أسماء مختلفة من قبيل المقاومة السلمية، المقاومة اللاعنيفة، المقاومة المدنية، النضال الاعنفي، العصيان، التمرد،,, الخ، وتعني عدم الاستسلام والانهيار أمام التهديدات، وعدم الهروب، فالمرء لا يغادر وطنه وان كان خارجه فعليه العودة*1، بمعنى الثبات على الأرض مهما غلت التضحيات، وهي متعارضة مع الاستسلام وتقوم على الصمود حتى الاستشهاد*2.
وبهذا المعنى فان المقاومة الشعبية لا تعني بأي حال من الأحوال عدم لجوء الطرف الآخر للقوة وإنما الهدف من استخدامها، هو إضعاف الروح المعنوية للعدو وضعضعة رؤيته الأخلاقية وتحطيم تحالفاته الدولية والسياسية، وفي هذا الشأن قد عرَّف المفكر الفرنسي "جان مولر" ظاهرة اللاعنف أنها (ضرب من ضروب الوعي الاجتماعي والثقافي الذي يجعل الفرد يعترف بحقه وحق الآخرين عليه والتي تضع حدا للنزاع والحرب)*3، وأكد "مولر" أن هدف العمل أو المقاومة الشعبية هو ممارسة الضغط الأخلاقي على الخصم، من خلال فضح ظلمه علانية وإعطاءه بعداً دراماتيكياً، ويتوجب التنبه إلى قضية ملحة وهي أن لا يعتمد الخصم ذات الإستراتيجية*4، وهو أمر ملح في القضية الفلسطينية وصراعها ضد العدو الصهيوني، الذي يجابهه الفلسطينيين عبر نضالاتهم بقضية شرعية الحق التاريخي أولاً، وشرعية وجود إسرائيل كملاذ آمن لليهود في مواجهة اللاسامية خاصة في القرن الماضي ثانياً، وثالثاً الاستناد للاعتراف بشرعية دولة الاحتلال ذاتها، وعليه فان المقاومة الشعبية عليها أن تأخذ بعداً أكثر دراماتيكية فمثلاً فيما يخص مسيرات العودة فقد تم اللجوء إلى تكبيل المتظاهرين ورفع أيديهم خاصة، فهي تقوم على التحرر من المكتسبات >

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017