- امرأة وضاءة الوجه بهية الملامح، تجاوز عمرها التسعون معركة او عاما .قضت جل ايامها في عشق الأرض وتربية ثلة من الأبناء والصبايا المتميزين .
- في مشفى النجاح الوطني الجامعي تنام الحاجة أديبة الحمدان على سرير الشفاء ، بعد أن داهمتها سلسلة من الجلطات المتتالية استقر معظمها في عمق الرأس والأطراف. انتشر النسيان في خلايا دماغها فلم تعد تعرف أحدا من الآبناء او المعارف او الخلان ، وتوقف دمها عن الجريان في شرايين القدم اليمنى. وبدأ الجفاف والسواد ينشر علاماته على مكونات قدمها المصابة .
- اجرى الأطباء لها عدة عمليات دون جدوى .العمر وحالة الجسد المنهك من التعب وتربية الاولاد تحول دون إجراء عمليات أخرى او علاج الحالة التي دخلت فيها .
الحل حسب طبيبها المختص هو بتر القدم المصابة .
سال صديقي د. جمال شاكر طبيبها المختص الا يوجد حل ما ؟ الاجابة السريعة لا. ويجب إجراء الجراحة فورا خشية من تسمم جسد المريضة.
- يسأل د. جمال شاكر الزميل الطبيب "كيف يمكنني أن أرى قدم امي تبتر امامي؟ كيف يمكنني موارة قدم امي التراب؟ يا رجل هذه القدم التي ستغتال قطعت المسافات وهي تزرع الأرض وهي تصلي لله الواحد القهار .يا رجل هذه القدم حملت جسد انسانة صانت الامانة تسعين عاما او يزيد . ؟ .يا طبيبي هل يمكنني تقديم قدمي إلى امي هدية من أجل ان أخفف المها ووجعها ؟ ".
- رافقت وصديقي د. باسل منصور صديقنا د. جمال شاكر في جولة على مجموعة من الزملاء المختصين نسالهم الفتوى الطبية ، الجواب واحد لا بد من البتر السريع.
- المشهد نفسه في المشفى الوطني ، صديقي د. منقذ اشتية يقف أمام جسد والدته المثقل بعدة جلطات متتالية. سيدة من عصر العطاء والحب والصبر .يسأل طبيبها بشكل حاد "أليست جريمة أن نقف على حدود وطن الأمهات ولا نقدم لهن أعمارنا وامالنا واحلامنا؟".
- ذات مساء وقفت أمام جسد امي قبيل الوداع الأخير وسألت طبيبها" يا رجل كيف لا استطيع ان امنح امي التي منحتني الحياة عمري؟ يا رجل كيف تموت الامهات سريعا؟".
- ربما اردت ان اقول لأولئك الذين يجافون او يقاطعون او ينسون امهاتهم "يا قتلة انظروا إلى أياديكم الملطخة بعار الجحود والنسيان،عودوا إلى قلوبهن قبل فوات الأوان " .
- "عودوا إلى حضن امهاتكم وقبلوا التراب تحت اقدامهن، واحمدوا الله العلي القدير أن ابواب الجنة ما زالت مفتوحة أمامكم " .
- التحايا والسلام لكل الامهات الصابرات وخاصة اللاتي ودعن فلذات اكبادهن ، رحلوا وبقين على هذه الارض يصارعن ما تبقى من مر الحياة ".
"نص د. عدنان ملحم "