كتبت سرين عاطف
مئة يومٍ من الصمود والثبات مرّت كسنينِ عجاف ترنو للقاء، لتصنع تاريخ مجدٍ بسلاسل مقيّدة تأبى الإنكسار، تُجابه نور الظلام ببهجةٍ تعصف ريح الغربة ومرّ الأيام، لتغدو كطيرٍ يُحلّق في سماء الحرية يتنفس حب هذه البلاد ..
علا محمد مرشود ذات الواحد والعشرين ربيعاً، طالبة في كلية الإعلام في جامعة النجاح الوطنية، كانت قد خرجت من منزلها ذات يوم متجهة نحو جامعتها حيث السعادة ترتسم على وجنتيها التي تقابل بها زميلاتها كل صباح، إلا أنّ تلك السعادة لم تكتمل لتتلقى خبراً مفاجئاً لم تتوقع حدوثه من قبل .. حيث اتصل عمها يخبرها أنه تلقى استدعاء من المخابرات الصهيونية تطلب منه إحضارها معه والتوجه نحو مركز تحقيق حوارة على الفور.
توجهت مرشود مع عمها إلى مركز تحقيق حوارة، وبعد انتظار دام عدة ساعات، عاد عمها وحده وكان الجنود قد أخرجوه من المركز بالقوة بعد أن رفض مغادرة المكان دون علا، حيث أخبروه أن الضابط ليس موجوداً ليقابل علا وسيتم احتجازها هذه الليلة.
لكن الذي حصل بعد ذلك، أنه بعد ساعتين تم نقل علا لمركز تحقيق "بتاح تكفا" لتُسطّر صفحة جديدة من حياة علا ترفض فيها الذلّ والإنهزام في وجه تلك السلاسل والأغلال.
أما عائلة علا فقد تركت بداخلهم فراغاً كبيراً لا ينقصه سوى عناق، حيث تصف شروق مرشود غياب شقيقتها قائلة: " إن البيت الذي ينقصه فرد من العائلة أشبه بالروح إن انفصلت عن جسدها، وهذا بيتنا لا يكتمل دون علا وأفتقد لحديثها، جلساتها، حتى نومها".
أما أسماء جابر والدة علا والتي تمكث في السعودية، حيث لم تكن حاضرة أثناء اعتقال علا تقول:
"تلقي خبر اعتقال علا كان أمراً صادماً وصعباً جداً علينا سماعه انا ووالدها، لاسيما أننا بعيدين عنها لا نستطيع الوصول إليها لظروف قاهرة تحول بيننا وبين السفر لفلسطين، وكنا قد قدمنا تصريح زيارة ويستغرق وقتاً حتى يصدر ولا زلنا ننتظر".
كانت علا على مشارف التخرج حيث لم يكن يتبق لها سوى ساعات من التدريب علماً أنها قضت طيلة مراحل حياتها الجامعية وهي تتدرب، شابة ذات مبدأ وقضية، تسعى دوماً نحو تطوير ذاتها، تناضل لتكون إعلامية تسمو بنهضة الأمة ورفعتها، لكن شاء القدر أن يقودها نحو محنة أصعب ليُخرج منها قلباً صلباً، مؤمناً، مدججّ بالقوة، حيث لا قيد يرهبه، ولا أسر يأسر طموحه.
وكما يقول تعالى في كتابه:
"إنّ غداً لناظرهُ قريبْ". هذه رؤية علا، حيث ستخرج بعيون ناظرة نحو الأفق البعيد .. لتكمل مسيرة ما بدأت به وتوقفت عنده.