تقول الكاتبة في صحيفة ديلي تلغراف البريطانية جوديث وودس إن أسرا بأكملها هذه الأيام تجدها تحدق بأعين يملؤها البريق في شاشاتها الصغيرة، فإذا كنت فتاة فستظلين مستيقظة حتى الثالثة صباحا تستقبلين وترسلين بالسناب شات والإنستغرام وتتبادلين صور السيلفي مع صديقاتك، وتقول كل واحدة للأخرى إن رموشها جميلة.
وإذا كنت فتى فستعبئ جهازك وتمسك بعصير المانغو لتبدأ منافسة ضد أصدقائك الأعداء بكل الصراخ والحماس والانهماك.
التداعيات الصامتة
أما إذا كنت الأم فسيتملكك الغضب وستحاولين مصادرة هواتفهم وإغلاق الـ"واي فاي" المنزلي وستعانين من التداعيات الصامتة.
ستصرخ ابنتك وتضرب بيديها وربما تكسر أشياء، "لقد حطمت حياتها"، إنها تكرهك، وستتحملين المسؤولية إذا ألحقت أذى بنفسها.
وسيصرخ ابنك ويضرب بيديه وربما يكسر أشياء، "لقد دمرت حياته" وحطمت مباراته، إنه يكرهك، وستتحملين المسؤولية إذا تنمر عليه الآخرون في المدرسة.
جيلنا غير مستعد
كانت التربية دائما تعتمد على اختيار المعركة مع الأبناء بحكمة وحرص، لكن جيلي لم يستعد لحروب العوالم الواقعية والافتراضية التي لا تتوقف.
رئيس هيئة الصحة العامة البريطانية سايمون ستيفنس حث هذا الأسبوع شركات مثل فيسبوك وغوغل على أن تتحمل المزيد من المسؤولية بشأن الأضرار التي تسببها للفتيان والشباب.
وتحدث ستيفنس عن وباء من المرض العقلي وسط أفراد الفئة المذكورة بسبب تعرضهم لفيديوهات من الهجمات "الإرهابية" وقطع الرؤوس، والتنمر، والمشاهد الإباحية الصريحة على منصات الشبكات الاجتماعية، كما تحدث عن انتشار السمنة، وتشوه الأجساد، وانخفاض وقت الإبداع.
يجيء ذلك بعد اعتراف المؤسس المشارك لفيسبوك بأنه صمم ليكون وسيلة يدمن الناس على استخدامها باستغلال ضعفهم عندما ينظرون إلى حياة الآخرين "اللامعة والمترفة".
كلنا مدمنون
أنا مدمنة على هذه الأجهزة، وزوجي مدمن، وأبناؤنا مدمنون، وكل منا لديه التبرير للانكفاء على جهازه.
أقول له "حبيبي" لتنبيهه بطول الوقت الذي أنفقه على الهاتف، فيقول لي إنه صحفي ويريد أن يعرف ما يجري في العالم. ويضيف قائلا "كل ما تعرفينه أنت هو ما يدور في جون لويس للأثاث الناعم لأنك ظللت تبحرين في ذلك الموقع لأكثر من ساعة"، لكن زوجي ظل طوال ذلك الوقت يدقق النظر في تاريخ إحدى كتائب المشاة.
لقد رأيت صبيانا يتناولون غداءهم ولا يتحدثون مع بعضهم البعض، بل ينهمكون في إرسال رسائل لأشخاص آخرين ويضحكون على نكات مختلفة، إنه وضع قريب من المأساة.
يتوقعون منا أن نسيطر على أولادنا، هذا مستحيل، صديقي لديه ابن يبلغ من العمر 14 عاما، لم يسمح الصديق لابنه بامتلاك هاتف، لكن الصديق المفضل للابن أشفق عليه وأتاح له مشاهد إباحية عنيفة.
الشركات العملاقة تجني أرباحا طائلة منا جميعا، وفي بعض الأحيان تنتزع بياناتنا وتبيعها، ومع ذلك تأتي لتقول إنها لا تستطيع وقف الأوساخ التي تضخها وعلى مدار الساعة في هواتف فلذات أكبادنا حتى قبل أن يبلغوا الحلم.