عام 1984م وفي معتقل الفارعة الصهيوني شمال شرق مدينة نابلس تحديداً تعرضت لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي على يدي المحقق الجلاد الصهيوني الملقب (ابو جبل),وكانت أبشعها حينما ربط يداي وقدماي معاً بالسلاسل الحديدية على شكل (موزة) وعلقني بهذه الحالة بالسقف لمدة خمسة عشر ساعة, مما جعل القيود الحديدية تتغلغل في لحمي وتمزقه ,إضافة لنصل عظامي عن بعضها بفعل ثقل جسدي المعلق بشكل عكسي ,مما تسبب في حدوث تشوهات كبيرة في القدمين والساعدين ومشاكل كبيرة في العظم أثرت سلباً في المشي لا زلت حتى اليوم أعاني اّثارها ,وكان عمري حينها لم يتجاوز الستة عشر عاماً.
بعد مضي 18 يوم على إعتقالي بتاريخ 8/6/1984م والتعذيب الوحشي الذي تعرضت له على يدي الجلاد الملقب (ابو جبل) تم إرسالي الى محكمة نابلس الاحتلالية بهدف تمديد فترة الاعتقال والتحقيق ..وبعد قيام المدعي العام بسرد التهم الموجهة لي ووصفي بالمخرب صاحب الأسبقيات(كوني أعتقلت قبل ذلك مرتين )مطالبا القضاة الصهاينة الثلاثة بإنزال أقصى العقوبات بحقي..وبعد أن إستدار القضاة نحوي لسماع أقوالي وردي على المدعي العام ..إكتفيت بالكشف عن التشوهات الجسيمة في قدماي وساعداي وباقي أنحاء جسمي ..وقبل أن ألتفت الى القضاة لأرى ردة فعلهما فوجئت بصراخ عالي صادر عن إمرأة علمت حينها أنها المحامية الإسرائيلية المدافعة عن الأسرى الفلسطينيين المناضلة (فليتسيا لانغر)التي أطلقت وابلاً من الشتائم على الاحتلال وجرائمه واصفة جنوده وسجانيه بالمجرمين والقتلة والعنصريين والسفاحين ..حينها سررت بما سمعت وحدقت بعيون القضاة لأجدها منكسرة أمام صيحاتها ..وما أن إنتهت من الصراخ حتى طالبت القضاة بتشكيل لجنة تحقيق في عملية التعذيب الوحشي التي تعرضت لها ,كما وطالبت بالإفراج عني فوراً وإسقاط كل التهم عني ,وطالبتني حينها بتوكيلي لها دون مقابل مالي أو أجر عن ذلك لمتابعة تشكيل لجنة التحقيق ومحاكمة الجلاد الملقب (ابو جبل).
ونزولاً عند صرخاتها (فليتسيا لانغر) وعظم التشوهات في جسدي أمر القضاة الصهاينة الثلاثة بالأفراج عني وأسقاط كل التهم الأمنية الموجهة لي ,وأمروا كذلك بتشكيل لجنة التحقيق التابعة لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية التي باشرت تحقيقاتها في الأمر وأثبتت علاقة المجرم (ابو جبل ) بكل التشوهات التي في جسدي, وتابعت المحامية فلتسيا لانغر فصول محاكمته وإدانته والتي إنتهت بحاكمته في 10/10/1984م وإدانته بكل وسائل التعذيب التي تعرضت لها من قبله.
وبمناسبة وفاتها أترحم على روحها كإنسانة مدافعة عن الحق في وجه الظلم والاحتلال وكأكبر مناصرة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وفي مواجهة كل جرائم الاحتلال. شكراً فليتسيا لانغر..الأسير المحرر ثائر حنني
بقلم : ثائر محمد حنني
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
حزيران - 2018