الرئيسية / مقالات
حكايات نساء في الظل كتبت: إكرام التميمي
تاريخ النشر: الأثنين 25/06/2018 15:38
حكايات نساء  في الظل  كتبت: إكرام التميمي
حكايات نساء في الظل كتبت: إكرام التميمي

أمهاتنا، وحكايات جدتي التي لم أعاصرها والتي ما زالت تؤرقني؛ محمولة ما بين القدس والخليل، وأتوق بكل جوارحي لسماع أمي وهي تقص العديد من حكايات الأمهات عن حمواتهن، وحديثها الشيق عن الأجداد حيث دفء الرواية، وأذوب كقطعة سكر في قعر فنجان قهوتها، وتتابع التثاؤب وقد حان موعد نومها، وأحاول حثها بالحديث وهي كما شهرزاد تؤجل الحكايات لألف يوم وليلة، وأحدث نفسي علها تسمعنى كيف هن النساء جميلات؛ ولا يمكن لهن أن يبقين في الظل عليهن الحديث مزهوات في سرد أدق التفاصيل، وعليهن تذكيرنا كم هن جديرات بالإشادة بهن مرمراً وتكراراً وتذكيرنا كيف هي كانت حياتهن البسيطة الجميلة في طقوسها وروتينها المحمل بعبق الأجيال رغم كل الشدائد الجمة ، والتي لا تستطيع الأجيال الشابة تصورها، أو حملها كما هن حملنها، وأسالها: هل غفوت يا أمي؟

وأتربع أمام حضرتها بتواضع وخجل، أقبلها، وأداعب خصلات من شعرها، لعلها تبداً الحديث، وكما حدثتني يوماً، كيف كان شعورها الأول بعد الزواج، وهي التي نشأت في كنف أهلها ببحبوحة من العيش الرغيد، ورغم يتمها وفقدان أمها المتوفاة بعد ولادتها بسنوات، إلا أن والدها وعمتها وزوجات والدها لم يشعرنها يوماً باليتم، وقد يرجع ذلك لمكانة جدي الذي كان يتمتع بشخصية فذة هو "أمين" شامخاً بشموخ بيت المقدس الذي كانت مسقط رأسه، كما هي القدس مسقط رأس والدتي اليتيمة المدللة، حتى من قبل والدي المعجب ببراعتها في إقناعه على تحمل فنونها الطفولية البريئة، وها هو يتمم خطبتها والزواج منها بعد ذلك، وهي الباكية المبتسمة والتي تتمتع بالعديد من المزايا وتجملها شقاوة الإناث، وكيف كانت تطوعه على حملها بسلة فوق رأسه تحثه المسير نحو البيت بسرعة .

تشدني حكايات والدتي بدهشة وكلي آذان صاغية لحديثها العذب، تارة تأخذني نحو القدس،حيث طفولتها الأولى، وتنتقل بي محلقة محمولة بالشغف نحو مسقط رأسي الخليل وحكاياتها عن سنوات زواجها الأولى وأمومتها المبكرة، وهي التي تزوجت بربيع طفولتها الثالث عشر، لتزف لوالدي بعد عقد قرانهما بالقدس .

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017