كتبت سماح ابو حيط
مع بداية كل صيف تبدأ معه معاناة المواطنين في بيت فوريك للحصول على المياه فما أن تطأ قدماك على مدخل بلدية القرية حتى تشاهد الكثير من الناس التي تدخل الى قسم المياه للتسجيل وتأخذ الدور للحصول على صهريج مياه.
تقطن المواطنة وعد حنني في راس حارة من حارات بيت فوريك الجبلية وتتحدث عن مشكلة المياه التي تمر بها عائلتها فتقول: لا تصل المياه الينا الا في فصل الشتاء وهو وقت لا نحتاجها فيه فهي متوفرة لدينا من خلال تجميعها في بئر خاص في محيط المنزل، بينما تختفي المياه في فصل الصيف عندما نكون بحاجتها ونقوم بدفع فواتير المياه دون وجودها مما يضطرنا الى شراء صهاريج مياه خاصة مستعجلة بتكلفة 150 شيكلا لأن الصهاريج الخاصة في البلدية تحتاج الى وقت طويل من الانتظار لكي تصل إلينا، مما يشكل عبأ مرهق علينا.
ولا يختلف الحال كثيراً عند المواطن أبو العبد الذي يقطن في حارة القنيطرة من الجهة الغربية للبلد فعنده تغدو المعاناة أكبر، يبين أنه منذ سنتين يعاني بشكل كبير على مدار العام فيقول: لا يوجد عندي بئر تجميع للمياه في الشتاء مما يضطرني إلى شراء صهاريج مياه خاصة والاعتماد على مياه البلدية التي لا اشاهدها إلا نادراً وتكون ضعيفة لا تكفي لاحتياجات المنزل وإذا توجهت لطلب صهريج مياه من البلدية كان يجب عليه الانتظار لمدة 80 يوماً ليلحق بي الدور ويقف متسائلاً من أين أدبر المياه طوال تلك الفترة؟ يكمل دفعتني سوء حالة المياه التي تزداد يوما بعد يوم وبعد الإدراك أنه لن يكون هناك حل قريب إلى إغلاق عداد المياه.
حال قرية كاملة هي حالة أبو العبد ووعد سواء أكنت تقطن في منتصف البلد أو في الأطراف البعيدة فلا أحد يحصل على المياه بطريقة عادلة.
مصدر المياه
تحصل قريتي بيت فوريك وبيت دجن على المياه عن طريق بئر مياه ارتوازي مشترك وهو يتبع الى مجلس خدمات مشترك فيما بينهم، في الماضي كان البئر ينتج 70 كوباً من المياه في الساعة ومع تزايد عدد السكان للقريتين والثورة العمرانية والصناعية التي تشهداها، وصل إنتاجه حالياً إلى 25 كوباً في الساعة تأخذ بيت فوريك 30 % من انتاجيته و15% من نصيب قرية بيت دجن.
يتحدث رئيس قسم المياه في بلدية بيت فوريك كنعان الزلموط عن أزمة المياه التي تشهدها القرية فيقول: أن المشكلة بدأت منذ أربعة سنوات وتفاقمت شيئاً فشيئاً بسبب انخفاض منسوب مياه الأمطار في كل عام عن العام الذي قبله وسوء استغلال المياه من قبل المواطنين بالإضافة الى التعداد السكاني المتزايد بشكل كبير فيها.
كيفية التوزيع
يتم توزيع المياه على سكان البلدة عبر شبكة التوزيع وبئر مرتبط بها ليساعد في ايصالها الى كافة المناطق ومن بينها المرتفعة حيث تقسم القرية إلى ثمانية حارات في فصل الصيف في محاولة لتوزيع عادل لكافة المواطنين وإلى أربعة حارات في فصل الشتاء حيث يتم تخفيف الكمية بسبب وجود مياه الأمطار التي تساعد في هذا الأمر، يتم جدولة الحارات والإعلان عن اسم الحارة التي ستوزع عليها المياه في كل يوم عبر صفحة البلدية الخاصة على تطبيق الفيس بوك.
عدادات مياه وحد أدنى بلا مياه
يبين الزلموط أن عدد عدادات المياه الموجودة في بيت فوريك يصل إلى 2500 عداد من بينها 400 عداد موقوف معظمها واقع في الأطراف المرتفعة للبلدة وعلى الرغم من كافة المحاولات المتبعة لتوفير المياه لهم من تخفيف ضغط المياه في الحارات ومحاولة تسكير المحابس إلا أن كمية المياه لا تسعف بالإضافة إلى أن طريقة التوزيع لشبكة المياه لا تجدي وذلك بسبب محدودية الكمية ومحدودية الفترة الزمنية المسموح بها لفتح المياه وبالتالي يترتب عليهم دفع حد أدنى بدون الحصول على المياه والاضطرار الى شراء المياه وهذا يشكل عبئ على كاهل المواطن، مما يدفعهم الى وقف عدادات المياه لتجنب ذلك.
ويشير الزلموط إلى أنه كان يتم في الماضي تركيب مئة عداد في السنة أما حالياً ومنذ عامين لم يتم تركيب أكثر من 20 اشتراك جديد على الرغم من الثورة العمرانية وذلك بسبب وعي المواطن بقلة المياه وعدم وصولها إليه يدفعه الى أن يلغي من قاموسه بالأساس الاشتراك في خدمة المياه، متوقعاً أنه إذا توفر مصدر آخر للمياه أو حلت مشكلة المياه ستكون هناك أزمة خانقة على تركيب العدادات وتوسعة لشبكة المياه لأن بيت فوريك تمتد بشكل كبير الى مناطق غير موصولة بشبكة المياه.
العدادات والصيانة
يعتبر الزلموط بلدية فوريك هي من أكثر البلديات التي تقوم بأعمال صيانة ويرجع ذلك إلى طريقة عمل الشبكة التي كانت تسير بشكل خاطئ وبالإضافة إلى عدم وجود أعماق، فأن أي مواطن يريد العمل في محيط منزله لدرجة أنه اذا كان يريد أن يشعل ناراً يضرب الإمدادات، وتتوفر الصيانة المستمرة للشبكة العامة والخاصة والعدادات المكسورة أو المتفجرة، مشيراً إلى أن تكلفة الصيانة في المناطق الرئيسية تكون على حساب البلدية أما إذا كان المواطن قد ضرب خط مياه أثناء أعمال البناء وغيرها في المحيط ولم يتم تبليغ البلدية قبل ذلك فإن التكلفة تكون في العادة 120 شيكل من المواطن وفي بعض الأحيان قد تزداد حسب درجة التلف الذي حدث.
خطوات وحلول
منذ أن بدأت مشكلة المياه والبلدية تحاول وتبحث عن حلول للتخفيف من أزمة المياه وتم طرح كثير من الحلول من بينها مشروع خط مياه مكروت الذي يمر بالقرب من بيت فوريك والواصل إلى مغتصبة ألون مورية حيث قامت بلديتي بيت دجن وبيت فوريك لأكثر من مرة بالطلب من الارتباط الفلسطيني بتزويدهم بذلك الخط إلا أنه سلطة الاحتلال رفضت ذلك.
يقول الزلموط بعد الرفض المستمر وازدياد الأزمة لم يكن أمام البلدية إلا أن تقوم بشكل ارتجالي بأخذ مياه من بئر النصارية في الأغوار التي تبعد حوالي 7 كيلو عن القرية بحيث تم إنجاز شيء جيد إلى حين أن ظهرت سلطة الاحتلال وأوقفت ذلك العمل بحجة أنها أراضي سي(c) خاضعة للإدارة العسكرية وحالياً المشروع موقوف إلى حين صدور قرار المحكمة وهنا يأمل الزلموط بأن يكون هناك قبول وإيجاب من الاحتلال مشيراً إلى أن ذلك سيخفف بشكل كبير من المشكلة.
كون بلدية القرية تابعة لسلطة المياه لم تقصر بالتحدث معها وهي على علم ودراية بالمشكلة، حتى أنها باتت لا تصدق أن بئر المياه المشترك ينتج مياه بعد تأهيله وفشل العملية فأن توقعاتها لعمره الزمني انتهت قبل عامين في ظل التوسعات العمراني والصناعية والتعداد السكاني الكبير وبدورها ارتأت ان يكون هناك خط ناقل من بئر روجيب يزود بئر القرية ب 500 كوب ووعدت بتنزيل عطائه منذ شهرين إلا أن التأجيل هو سيد الموقف وليس هناك إلا الانتظار.
وفي السياق ذاته يؤكد الزلموط أن كمية المياه هذه لن تحل المشكلة إنما ستخفف أزمة فقط، فنحن نحتاج إلى 1000 كوب إضافي لتسد الحاجة في الوقت الحالي.
ومن جهة أخرى فيما يتعلق بمشكلة انتظار صهاريج المياه عملت البلدية على التعاقد مع القطاع الخاص بالعمل معها فكانوا يأخذون الأسماء المسجلة لدى البلدية ويتم توزيع المياه على السكان مقابل 100 شيكل إلا أن سائق الصهريج الخاص كان يتوفر له طلب على صهريج مستعجل فيفضل أن يبيعه على أن يأخذ 100 شيكل.
بذكر أن البلدية تمتلك ثلاثة صهاريج للمياه واحد منهما يعمل بشكل جيد والباقي يوم في العمل ويوم في الصيانة.
مشكلة قائمة تزداد يومياً، شبكة لا تفي بالغرض، فإلى متى سيبقى الوضع هكذا؟ إلى متى سيبقى الاحتلال شماعة لكل ما لا نستطيع إيجاد حل له.؟