كتبت: إكرام التميمي
ستصحو شعوب منطقة الشرق الأوسط بعد فوات الأوان إن لم تتدارك الوقت وتبادر بطرح تساؤلات عديدة حول ما تدخره صفقة القرن من شبهات حول الهيمنة على قرارات واستقرار ووحدة القرار العربي وسيادة هذه الدول على ما لديها، ولا سيما تلك الدول القريبة من دولة فلسطين المحتلة، ونحن لنا تساؤلات مشروعة بداية للشعب الفلسطيني الثابت على الثوابت الوطنية؛ وللقيادة الفلسطينية وعلى رأسهم سيادة الرئيس محمود عباس حق النقد " الفيتو" لما سيصدر وما أعلن حتى الساعة حول "صفقة القرن" أو كما أطلق عليها عبر الشابكة" الإنترنت" مهزلة ترامب لحل الصراع الإسرائيلي– الفلسطيني.
تجلت الانعكاسات السياسية للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين نحو آفاق مسدودة، وجاءت ردود فعل الولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة بقرارات ترمب المجحفة والهزيلة والغير مقنعه للقيادة أو الشعب الفلسطيني بمصداقيتها أو الرغبة في الحلول العادلة للشعب الفلسطيني، وهي بالمجمل لا تؤدي لاكتمال الحلم الفلسطيني والدولة الفلسطينية المستقلة .
ومن حقنا طرح العديد من التساؤلات حول ما خرج من توصيات خلال دورة انعقاد الدورة الثالثة والعشرون للمجلس الوطني الفلسطيني والتي عقدت باسم " دورة القدس وحماية الشرعية الفلسطينية"، وحيث خاطب خلالها الرئيس محمود عباس المؤتمرين والحضور والشعب الفلسطيني حول مصير القدس، وبحث سبل التصدي للأخطار "الداخلية" والممثلة في إنهاء الانقسام والاحتلال، والخارجية التي تهدد قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة كاملة، والعمل بكافة السبل لإحلال السلام العادل.
بنود هامة أضيفت وتبلورت ولم تكن الفكرة الرئيسية من انعقاد المجلس الوطني فقط "تجديد الشرعية" بل بالإعلان أن حركة فتح ومنظمة التحرير وما لديهما من برنامج ورؤى هامة وتتطرق بنود تتبلور ببحث سبل التصدي لإجراءات سلطات الاحتلال في القدس، بجهود حثيثة تابعت القيادة الفلسطينية بكل ما لديها من حضور سياسي ودبلوماسي، وحيث طرحت خلال جولات مكوكية إقليمية عربية ودولية ما لديها من تصورات وحلول تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعلى مبدأ ما أقر من قرارات أممية على مدار العقود، وبحثت مع كافة الحريصين على الشرعية الدولية الحق الفلسطيني والغير قابل للفصل ما بين الثوابت الوطنية والشرعية الدولية وما تم إعلانه عبر قرارات الشرعية الدولية ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، 1948- 1967، اليوم بات المجتمع الدولي مطالباً بفرض قرارات "الشرعية الدولية"، انقضى" نظام القطبية الثنائية، والحرب الباردة الأولى والثانية"، وجل ما نخشاه احتدام الصراع ليطال منطقة الشرق الأوسط برمتها، وتهيمن النزعة الدموية وسيطرة قوى ظلامية وأيدي خفيه تتحكم بمصير الشعوب، وبروز نظام هلامي خفي تصعب السيطرة عليه والتنبؤ بمناطق نفوذه وامتداداته الجغرافية .
هناك دول كتلك التي رأت في هذه الصفقة وسيلة للسيطرة على الشعوب العربية وإمكانية ابتزاز أو حتى تصور إقرار واعتراف بصفقة القرن، ولكن سريعاً ستتضح ما ستؤول له المنطقة من زعزعة وعدم استقرار، وسيؤدي حتما إلى حدوث تغيرات على سياستها الخارجية والداخلية. وفقط الذي سيلقى الدعم هو الطفل المدلل لترمب" إسرائيل"، وبالتالي سيكتشف العالم تطور فرض الامبريالية الأمريكية على العالم من جديد وفي منطقة الشرق الأوسط خاصة، لذلك لمواجهة المشروع الأمريكي والصمود في وجه كل المخططات التوسعية الأمريكية على الدول العربية والإسلامية وبكل ما تمتلكه من مقدرات العمل على تشكيل ائتلاف وتحالفات وفق إستراتيجية حديثة، تعتمد على ما لديها من مخزون هام وهو "الذهب الأسود" والذي سيمكنها أولاً:من بناء وبلورة خطة اقتصادية، وثانياً: سعيها إلى حل الخلافات والنزاعات السياسية ما بينها، وثالثاً: تكوين أحلاف عسكرية مع الدول الإقليمية والتي تؤيد وتدعم نبذ التطرف والإرهاب ، ورابعاً التصدي للمخاطر التي ستنضج على صفيح ساخن وستحل تباعاً من الداخل إذا ما تماهت مع مهزلة صفقة القرن، ولا سيما إذا ما عادت العلاقات الدولية والإقليمية إلى التوتر من جديد، وخاصة ظهور دعم روسيا لبعض أنظمة دول الجوار من جهة وبروز صدام جديد بين القطبين الثنائيين، وحيث شرعت الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ برنامج استعماري جديد ظاهرة الرحمة وباطنه شر مستطير، والهدف منه أن تبقى وهم الدفاع الإستراتيجي عن أمن إسرائيل، ومصالحها في الشرق الأوسط وهذا فقط هو هدفها الوحيد من صفقة القرن التي تدعي فيه تحقيق فرص لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأخيراً: في حال تصميم ترمب بالترويج لما سمي "صفقة القرن"، علينا اللجوء هنا إلى الشرعية الدولية، والتأكيد على دور الأمم المتحدة، ومطالبتها إلزام الدول بالقرارات الأممية، وحثها بالسعي نحو تكريس الشرعية وضمان استتباب السلام والتعاون الدولي، والعمل على إنهاء الهيمنة للقطب الواحد ونبذ الحروب والحلول أحادية الجانب والتي ستزعزع استقرار السلام في بلدانها إذا ما قبلت أن تكون هي الراعي ولفرض الحل المناسب والعادل وختام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.