خلال تجوالك في قرية فروش بيت دجن يسر ناظريك أراض خضراء شاسعة، وبيوت بلاستيكية متصافه، تتغلغل فيها أنواع من الخضرة الشهية، ورغم جمال المنطقة المتربعة بالأغوار الشمالية لم تسلم من الاحتلال الإسرائيلي الذي همش ملامح الحياة فيها، وحول من مواطنيها وأراضيها قلة، فترى بيوتا صغيرة لا تتعدى غرفتين من الطين الذي قد تجرفه الرياح بين الحين والآخر.
يتحدث رئيس مجلس فروش بيت دجن توفيق الحاج حمد لموقع أصداء الإخباري خلال مقابلة له :"عدد سكان القرية الآن لا يتجاوز 1200 نسمة، إلا أنه قبل عام1967 كان 7000 آلاف نسمة، والسبب واضح وجلي وهو ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وعدم توفر البنية التحيتة في المنطقة".
يذكر أن قرية فروش بيت دجن من قرى الأغوار الواقعة إلى الشمال الشرقي لمحافظة نابلس على بعد مسافة 22كم، والتي تعني الأرض المنبسطة والمفروشة والأرض الزراعية لأراضي قرية بيت دجن، وتبلغ مساحتها 14 ألف دونم قبل مصادرة الاحتلال لأراضيهم، حيث يحدها من الجنوب قرية الجفتلك، ومن الشمال بلدة طمون وقرية عين شبلي، ومن الشرق بلدة طمون ومن الغرب قريتي العقربانية وبيت دجن.
كانت المياه هي المطمع الأكبر للاحتلال، ويتابع الحج حمد تعاني القرية من قلة مصادر المياه والكهرباء، فلا يوجد سوى أربعة آبار لدعم سكان القرية والمزارعين بالمياه، ويضيف كان المزارعون يعتمدون على عين مياه تسمى "شبلة" في ضخ المياه للمزروعات، لكن بسبب الاحتلال جفت هذه العين.
كما أن القرية لا يتوفر بها الحاجات الأساسية للحياة، فقبل 4 سنوات قامت الصحة بترميم عيادة صحية في فروش بيت دجن حسب مواصفات وزارة الصحة الفلسطينية، وعمل فيها طاقم طبي لمدة 6 شهور لكن تم إغلاقها، وبحسب مدير الصحة رامز دويكات أكد أن إغلاقها كان بسبب بعدها عن المناطق السكنية وقلة عدد المراجعين، ومن جانب آخر أضاف دويكات أن الوزارة ليس لديها إمكانيات مادية لبناء العيادات الصحية، وأنهم ينظرون للمناطق حسب الأولوية السكانية لمحدودية الكادر الطبي.
تتكرر حالات الوفاة في القرية لعدم وجود عيادة صحية، ووجود حواجز الاحتلال الإسرائيلي، فقبل عدة سنوات توفي طفل 6 سنوات إثر لدغة عقرب، وتأخر علاجه.
يحيط القرية ثلاث مستوطنات، الحمرا وتسيطر على ما يقارب ثمانية آلاف دونم من أراضي قرية فروش بيت دجن، ومستعمرة المخورا الواقعة جنوب القرية تسيطر على ما يقارب ألف دونم، إضافة إلى وجود معسكر للجيش للتدريبات العسكرية.
ومن جهته يقول عازم حج محمد منسق الإغاثة الزراعية في الأغوار:" الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على 95% من الأراضي الزراعية، كما ويسيطر على 87% من مصادر المياه، إضافة إلى تقليل عدد السكان في منطقة الأغوار عن طريق بناء المستعمرات والمعسكرات".
ويتابع منسق الإغاثة الزراعية : "تشتت تبعية قرى الأغوار بتقسيمها على أربع محافظات، وهي طوباس ونابلس وبيت لحم وأريحا، جعل من القرى تتشتت إداريا".
كان للنساء في القرية الدور الأعمق للكفاح ضد ظروف الحياة ومعيقات الاحتلال، فقررت مجموعة من النساء بدأ هذا الكفاح السلمي بتأسيس جمعية لسد الحاجات الأساسية للعائلات.
وتتحدث لينا حامد عضو جمعية تجمع فروش بيت دجن النسائي :"عملنا نحن نساء القرية بتأسيس تجمع نسائي بعد عدة دورات قمنا بها، وبذلك أنتجنا مشاريع عدة من بينها مشروع مطبخ إنتاجي ما زال قيد الإنشاء".
وتردف حامد على حديثها أن الجمعية النسائية ما زالت غير مرخصة من الجهات المسؤولة، لأن على كل عضو دفع مبلغ 520 دينار أردني لترخيصها".
وأما عن معاناة المزارعين في القرية يقول المواطن إسماعيل الصادق :" نحن نعاني الكثير من الخسائر في محاصيلنا وخاصة في فصل الشتاء بسبب هبوب الرياح بشدة، إضافة للهدم المتكرر للبيوت من قبل الاحتلال، وعرقلة حركة المزارعين بسبب الحواجز ومناطق إطلاق النار".
فروش بيت دجن هي إحدى قرى الأغوار الشمالية الصامدة، رغم الهجمات الشرسة المتكررة التي تتعرض لها تلك المناطق، وغول الاستيطان الذي تعدى 31 مستوطنة ، وتهجير ما يزيد عن 50 ألفا منذ عام 1967، إلا أنها تحاول جاهدة الصمود أملا في البقاء.