الرئيسية / مقالات
مي وملح كتبت رشا حرز الله
تاريخ النشر: الخميس 05/06/2014 22:16
مي وملح كتبت رشا حرز الله
مي وملح كتبت رشا حرز الله

 

 

   كمن ضل طريقة، طافت على غير هدى ساحة سجن مجدو، المتواجدون هناك لاحظوا بكاءها وصراخها وحديثها إلى الحارس الدرزي "هايل" الذي تحمل صفاته عكس اسمه تماما، هو ليس كذلك هو قاسي، يصرخ يلقي بملابس الأسرى التي يحضرها الأهل في سله المهملات، يوجعهن يقمعهن يهينهن، مع ذلك لم يرعبها كان لديها ما يكفي من قوة لتصرخ بوجهه قائلة "وين وديتو ابني وين نقلتوه"

السيدة التي لم أعرف اسمها، لكن الجميع علم القصة من الحوار الذي دار بينها وبين هايل، قال لها "بعرفش وين نقلوه"، هي لم تقتنع بذلك تحول بكاؤها إلى صراخ ضج أرجاء الساحة، بقيت لأكثر من ساعه ونصف وهي تطرق الحديد إلى أن انزعج هايل وقال لها"وجعتي راسي نقلناه على جلبوع يلا روحي من هون"
للمرة الثانية لم تتمكن من رؤيته تحملت مشاق السفر عبر حواجز الذل والإهانه لأكثر من خمس ساعات، وصلت منهكة لتجد ابنها نقل لسجن أخر.
للحارس هايل حكايه طويله مع أمهات الأسرى لكنها ليست بالتأكيد حكاية مسلية ، عند وصول الحافلات تراقب الأمهات من النافذة مداخل السجن، جميعهن يسألن "هون الغضيب" والمقصود به هايل، وتبدأ الشتائم بالتراشق واحدة تلو الأخرى تقول واحدة "الله ينتقم منو شو مجرم وقلبو قاسي" وترد أخرى " هاد البغل بسب علينا ومعاملتو قاسية حسبي الله عليه"
يحلو لأمهات الأسرى تسميته شارون، هذا الإسم الذي ستبقى تتناقله الأجيال وتحكي قصصة الإجرامية بحق الفلسطينيين، تجمعه مع هايل النزعه الإجرامية ذاتها كل بطريقته، حدثتني إحدى الامهات بأنه أراد إجبارها على خلع إسوارة طبيه نحاسية كانت ترتديها وإلا حرمت من الزيارة، ولأن الكرامة لهن عنوان فضلت عدم زيارة ابنها قالت لي"حسيتو بدو يتحداني وانا بحش هاد المخلوق يتحداني، حكيتلو طز فيك بديش ازو، يما اطيق العمى ولا اطيقو"
 
داخل السجن لا أحد لا يعرف الأسير زكي الأنيس من نابلس، يتردد إسم زكي كثيرا بين الأسرى وعائلاتهم، زكي الذي يقضي حكما بالسجن 5 سنوات، وكان قبلها قد أمضى 5 سنوات أخرى اي ما مجموعه 10سنوات، تختلف شخصية زكي عن غيره كونه الأكبر في القسم 5 في سجن مجدو، يشرف على الأسرى، يرعى مصالحهم هو بمثابه الأخ والأب لهم.
زكي وأثناء الزيارة لا يرى زوجته وأولاده كثيرا، يقضي فترة الزيارة متنقلا بين الأسرى، يستشيره السجانون في كل كبيرة وصغيرة، للوهلة الأولى تخيل لي أنه هو من يسجنهم.
احدهم قال لي، ليله خروجي من السجن اشترى علبه حلويات من الكنتين ووزعها على الأسرى، واحتفل بخروجي حتى ساعة الفجر، وأثناء وادعي له احمرت عيناه ودمع، قال لي لولا أن الحرية غاليه لما تركتك تذهب.
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017