د. خالد معالي
ضربت عملية الطعن التي قام الفتى الشهيد محمد طارق (17 عاما) في عمق منظومة دولة الاحتلال الأمنية؛ وكشف هشاشتها وضعفها؛ كون الفتى محمد لعب في ميدان وملعب القدس المعقد امنيا.
ما يقلق الاحتلال هو كيفية اختراق فتى صغير السن انظمة الاحتلال الامنية، وبكل أريحية؛ وكأنه لا يوجد منظومة أمنية؛ هي الأقوى في العالم من ناحية الاحتياطات والهوس الأمني، فالفتى اخترق ونجح بما اراده وخططه ولوحده، كعملية الطعن التي سبقته لابن قريته الاسير عمر العبد الذي قتل ثلاثة مستوطنين.
انعكست عملية "آدم" سريعا على دولة الاحتلال؛ وراحت منظومته الأمنية تتخبط؛ فظن ل"ليبرمان" انه بالاعلان عن مصادقته لبناء 400 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "آدم" هو رد على العملية، وكأن الاستيطان قبل العملية كان متوقف.
نشر كتيبتين من جيش الاحتلال كرد على عملية الفتى محمد، هو تعبير واضح وجلي عن إفلاس منظومة امن الاحتلال التي ثبت هشاشتها وتراخيها؛ بالعملية النوعية، وثبت امكانية اختراقها ليس من قبل مدربين وخريجي كليات عسكرية ، بل من فتى صغير السن لا يعرف من مقاومة الاحتلال الا الحجر قبل قيامه بعمليته.
ما معنى أن ينتقم الاحتلال عبر اقتحام قرية كوبر وتهديده بهدم منزل الفتى الشهيد محمد،! أليس هذا قمة الإفلاس والشروع بالعمل على نمط أنظمة العرب القمعية المفلسة؛ إلا من كيفية قمع وإذلال شعوبها بوسائل همجية متخلفة !؟
ما اقر به كتاب ومفكروا الاحتلال؛ من خطورة العملية، كون العملية ستلهم الجيل الفلسطيني في كيفية؛ القيام بعمليات ناجحة وموجعة على نمط عملية عمر العبد ابن قرية كوبر قبل عام، وعلى نمط عملية الفتى محمد، في انتقال نوعي للمقاومة بعمليات الطعن.
على مستوى مدينة القدس انعكست العملية سريعا وراح الاحتلال كعادته يفرغ جام غضبه على المقدسيين، خلال صلاة الجمعه دون جدوى، ورفعت العملية معنويات المقدسيين وعموم أهالي الضفة الغربية وغزة، وحتى أن الشتات الفلسطيني احتفل بالعملية.
ما جرى، هو ضمن العلاقة الطبيعية مع احتلال يقوم بقتل واعتقال يومي ومصادرة الأراضي الفلسطينية تحت منطق القوة الغاشمة، التي لا بد من ردها وكبح جماحها ضمن الرد الطبيعي والسياق الطبيعي في علاقات القوى بعضها ببعض، فلكل فعل رد فعل.
لا أحد يريد او يحب الحرب والقتل، ولكن من فرض على الفلسطينيين استخدام الطعن هو الاحتلال؛ فلو لم يوجد احتلال؛ لما وجد حاجة لاستخدام الطعن او بالونات حارقة، والرد الطبيعي على جرائم الاحتلال اليومية هي المقاومة؛ كما فعلت كل شعوب الأرض سابقا التي وقعت تحت احتلال غاشم منكر لحقوق الشعوب.
سواء استخدم الاحتلال وسائل قمعية شديدة القسوة بحق الفلسطينيين أم استخدم وسائل أكثر مكرا ودهاء؛ فانه إلى زوال، ومن يتحمل سقوط المزيد من قتلى الاحتلال هو " نتنياهو" الذي يصر على عدم إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، ويغلق في وجوههم كل بصيص أمل بالحياة والعزة والكرامة كبقية شعوب الأرض.
ستتواصل الضربات ضد جنود الاحتلال والمستوطنين؛ ما دام الاحتلال جاثما فوق الأرض الفلسطينية، وستتوقف مع رحيل الاحتلال، هذا هو منطق الاشياء، ومن بدأ بالقتل وجاء واحتل ارض غيره ليس هم الفلسطينيين؛ بل هم اليهود الذين حملوا فكر الصهيونية، واحلوا لأنفسهم قتل وطرد شعب آخر بخزعبلات دينية عفا عليه الزمن، واكل الدهر عليها وشرب.