ربما أنت هكذا وأكثر، هي حقيقة أرتلها كما آيات الإنجيل المليئة بالحب، المباركة بصفاء السماء، النابضة بأسماء الأسرى والمحررين وعائلاتهم، الحافظة لقصصهم وإحتياجاتهم، الصارخة لأوجاعهم وآلامهم، المتحدية بصمودهم وإصرارهم، الشامخة بهاماتهم وبطولاتهم وتضحياتهم، لذلك ربما أنت هكذا وأكثر، هي الحقيقية.. أنت يسوع الأسرى.
عمي أبو خالد، كما إعتدت أن أناديك دوما، خلال عشر سنوات كاملة عملنا بها سويا بين الوزارة والهيئة، لم نلمس عليك الإرهاق أو التعب أو الملل، حقنت أجسادنا بحب الأسرى وذويهم، غرست فينا الإنتماء لقضيتهم، حتى إننا حفظنا أسمائهم واحكامهم وأمراضهم، وحفظنا معا قسم العهد والوفاء لسنين عمرهم المنسهرة في الزنازين وغرف السجون.
عمي أبو خالد، عشر سنوات عشنا فيها كل شيء، فرح وحزن، إرتياح وغضب، هدوء وعصبية، ضحكة وكشرة، كلها كان سببها قصة أسير هنا أو هناك، وإذا نحن شيئا فشيئا نعيش مع الأسرى تفاصيل حياتهم، تنعكس علينا ساعات يومهم الذي نبدأه سويا وننهيه سويا، هكذا أرادنا يسوع الأسرى، هكذا حولنا عيسى قراقع.
عمي أبو خالد، عشر سنوات لا أعلم كم آلاف الكيلوميترات التي قطعناها بين مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، وكم عدد بيوت الأسرى والمحررين التي دخلناها، وبيوت الأجر وخيم الإعتصام والوقفات والمسيرات والفعاليات، ولكنني الآن أسأل نفسي وأسألك، من أين لك هذه الطاقة الخارقة؟؟ أين حق جسدك وبيتك عليك؟؟ لا أدري، ولكنني سأخبرك شيئا، إن جهدك أعظم من كل شيء، وأعظم من العبادات.
عيسى قراقع.. يبدأ جولاته على أهالي الأسرى بعد إنتهاء الدوام الرسمي أي بعد الساعة الثالثة، وإن سقط يوما سهوا وخلا من برنامج زيارات، يصبح نهاية الدوام غروب الشمس ( بما إنه ما عتمت هينا قاعدين )، عيسى قراقع وهب حياته ونحن معه للأسرى وقضيتهم، فخلال عشر سنوات لا أعلم عدد الايام القليلة التي غادرنا فيها مكاتبنا الى بيوتنا عند نهاية الوقت الطبيعي للدوام الرسمي.
يسوع الأسرى، الأسير عنده مقدس وعائلته أكثر قداسة، التقصير فيهم محرم، والخطأ بحقهم كارثة، كل شيء في حضورهم جميل، وبدونهم لا يكون شيئا.
عيسى قراقع يحفظ تفاصيل التفاصيل عن الأسرى، أعدادهم واحكامهم والمضربين منهم وعدد ايام إضرابهم وسبب الإضراب، واعداد القاصرين وقضاياهم، والأسيرات والقدامي والمؤبدات والمرضى وتفاصيل مرضهم، والنواب والصحافيين وكبار السن وعمداء الأسرى، لذلك هو هكذا وربما اكثر.
يسوع الأسرى لا ينسى شيئا ولا يهمل قضية، يتابع بكل تركيز مع كافة دوائر الهيئة في آن واحد ودون حدوث أي تداخل، يحمل اجندة بمواعيد مقتضة، يكتب شعرا وأدبا، ويكتب كل يوم عن الأسرى.
عمي أبو خالد، عشر سنوات حطت اليوم هنا، لك من قلبي قبلة حب ووفاء، ولنا ذكريات ستبقى خالدة، وعدي لك ان أبقى مخلصا للأسرى وقضيتهم كما عهدتني.
عيسى قراقع .. يسوع الأسرى، ربما أنت هكذا وأكثر، هي الحقيقة.
ثائر شريتح
مدير الإعلام / هيئة الأسرى