الرئيسية / مقالات
تقليصات «الاونروا» مدخل لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين
تاريخ النشر: السبت 04/08/2018 11:52
تقليصات «الاونروا» مدخل لتصفية  قضية اللاجئين الفلسطينيين
تقليصات «الاونروا» مدخل لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين

 

تامر عوض الله

■ شهدت قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ سبعة عقود حملات إسرائيلية ـــــ أميركيةوصلت إلى ذروتها منذ إعلان الولايات المتحدة الأميركية عن خطة «صفقة العصر»، وأصبح حق العودة في مهب الريح،وباتمطروحاً بحدة على جدول أعمال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تسعى لشطب حق الفلسطينيين في العودة إلى الديار التي هجروا منها منذ1948، باعتبارهالعقبة الكبرى أمام دولة الاحتلال الإسرائيلي.

الالتفاف على وكالة الغوث

قرار الأمم المتحدة 194 الذي كفلحق اللاجئين في العودة إلى الديار والممتلكاتالتي هجروا منها وتعويضهم المادي والمعنوي لما لحق بهم من عذابات النكبة والتهجير، كان وما زال حجر الأساس للقضية الفلسطينية، لايمكن لأي  طرف من الأطراف التلاعب به أو القفز عنه،وخاصةً أنهمشتقمنالقرارالاممي181. لذا فقد لجأت السياسات الأميركية إلى مدخلين بديلين لشطب حق الفلسطينيين في العودة.

المدخل الأول يتمثل في إضعاف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الاونروا» من خلال تجفيف مواردها المالية، وإلغاء مشاريعها الخدماتية، وإدخالها في أزمات مالية كبيرة،وهذاالأمر يتوافق مع السياسة الإسرائيلية الهادفة لتصفية الوكالة التي أبقت على قضية اللاجئين حية، ما يفقد وكالة الغوث التي تعتمد على تمويل الدول المانحة، مبرر وجودها، تمهيداً لإنهاء هذه القضية.

جراء هذه السياسات الأميركية لجأت «الاونروا» مؤخراً لاتخاذ سلسلة من الإجراءات تمثلت في تقليص خدماتها الإغاثية وتخفيض عدد موظفيها بمناطق عملها الخمس، في قطاع غزة والضفة الفلسطينية ولبنان والأردن وسوريا، ما ينذر بكارثة إنسانية واجتماعية لا يمكن التنبؤ بعواقبها الوخيمة.

فيما المدخل الثاني يتمثلفي المشاريع التي تطرح في الكونغرس الأميركي، التي تستهدف قضية اللاجئين، كان أخرها مشروع قانون إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني ليقتصر على من شردوا من ديارهم على يد العصابات الصهيونية في نكبة عام 1948 فقط، واستثناء ذريتهم وذويهم من الأجيال اللاحقة، بحيث يتراجع عدد اللاجئين، ليصبح لدى «الاونروا» أقل من 40 ألف لاجي فقط من أصل 6 ملايين لاجئ حسب التعريف الأممي للاجئ الفلسطيني،ما يؤدي إلى تصفية حق العودة مع مرور الزمن.

 

شاهد تاريخي وقانوني

ومن مسؤوليات وكالة الغوث التي تقرر إنشائها في العام 1949، وبدأت أعمالها في العام 1950 فيتقديم خدمات إنسانية أساسية، هي بالنسبة  لكثير من الأسر الفلسطينية اللاجئة بمثابة الهواء الذي يستنشقونه، من خلال تقديم خدمات الإغاثة والتعليم والتشغيل والصحة،والتي شملت نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني في العالم، بل أصبحت فلسطينياً ودولياً الشاهد الحي على المأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني منذ العام 1948، مما يتوجب عليها في هذا الوقت بالتحديد أن تنأى بنفسها عن أية شبهات سياسية تتعلق بـ«صفقةالعصر»،وأن لا تقف عاجزة أمام هذه السياسات الخطيرة والصعوبات، والعمل على تذليل العقبات أمام اللاجئين الفلسطينيين الذين واجهوا معاناة اللجوء والتشريد،ومواصلة تقديم كافة أشكال الخدمات لهمإلى حين عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم وفق القرار 194.

حذر من تعريب القضية

ويحذر مراقبون من خطورة  تلك الدعوات لإنشاء منظمة عربية إسلامية لإغاثة اللاجئين بديلة عن «الاونروا» تهتم بقضايا اللاجئين الفلسطينيين وخدماتهم في الدول العربية المضيفة، بذريعة أن الوكالة الأممية أصبحت تتراجع في أداء مهامها، وتمارس سياسات الإذلالللاجئين.تكمن خطورة هذا الاقتراح كونه يفتح الباب أمامتخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته  القانونية والإنسانية في إغاثة اللاجئين الفلسطينيين، ما يعفي إسرائيل من مسؤولياتها السياسية والقانونية والأمنية عما لحق بالفلسطينيين المشردين، ويعفيها من المساءلة عن المجازر والجرائم التي ارتكبتها بحقهم خلال سنوات عمر النكبة التي تجاوزت السبعين عاماً، بحيث تتحول قضية اللاجئين من قضية فلسطينية إسرائيلية إلى قضية فلسطينية عربية.

ويرى مراقبون أن التصدي لمشروع تصفية قضية اللاجئين وحقهم بالعودة، يكون من خلال تفعيل حركة اللاجئين كمفتاح للدفاع عن حق العودة، والتأكيد على مكانة «الاونروا»كمنظمة أممية تعنى بقضايا اللاجئين الفلسطينيين إلى حين تطبيق القرار 194، وممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية لإلزام الدول المانحة بالوفاء بالتزاماتها تجاه الوكالة الدوليةلكي تواصل تقديم خدماتها للاجئين، ورفض تخفيض خدماتها، أو تجفيف مواردها، أو إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني.

ويقترح المراقبون انهإذا أرادت أي من الدول العربيةتقديم المساعدات المالية للاجئين، فينبغي أن لا يكون عبر«الاونروا»، بل يكون عبر المنظمات الأهلية العاملة في أماكن تواجد اللاجئين، وفق مشاريع مدروسة ومخطط لها جيداً، دون أن يتنكر أحد لواجبات «الاونروا»، أو يساهم في تكريس فكرة إعفائها من مسؤولياتها.

خلاصة القول، إنالعجز الماليلوكالة الغوث ليس قضية مالية، بل هي قضية سياسية بامتياز لإنهاء عمل الوكالة، وبالتالي تصفية قضية اللاجئين التيتعتبرها الولايات المتحدة العائق الأبرز في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتصفية قضية اللاجئين وحق العودة هدف تسعى إليه إسرائيل جاهدة منذ عقود ،لهذا تعمل الإدارة الأميركية الجديدة إلى تجفيف المساعدات المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017