كتبت اسراء بشارات
لم تسلم قرية قوصين الواقعة إلى الغرب من مدينة نابلس من سياسات الاحتلال اللامنهجية في مصادرة الأراضي كباقي قرى الضفة الغربية.

لكنها إلى جانب ذلك تعاني نوعاً آخر من الاحتلال يختلف عن باقي محيطها يتمثل في الاحتلال البيئي، وهي مشكلة بدأت من مصادرة الاحتلال لأراضي القرية لغرض إنشاء منطقة صناعية إسرائيلية قريبة منها.

يستيقظ سكان القرية في أغلب الأيام، وخاصة في الفترات الصباحية، على انتشار غيوم ضبابية فوق المصانع الإسرائيلية التي لا تبعد إلا أمتاراً قليلة عن منازلهم لتفوح بعدها نسمات خانقة من الهواء المليء بالأتربة والدخان.

يقول عضو جمعية التنمية والبيئة في قرية قوصين جمال الباز: "قرية قوصين باتت بؤرة للتلوث البيئي الناجم عن المناطق الصناعية الإسرائيلية والمعروفة باسم "بار أون" المقامة على الشريط الغربي للقرية بجانب مستوطنة "كدوميم"، حيث قام الاحتلال بمصادرة ما يقارب (2000) دونم وأقام عليها منطقة صناعية تحتوي على مصانع كيماوية ومصانع للدباغة والجلود بالإضافة للكسارات".

ويرجع الباز تدهور الوضع البيئي في منطقة قوصين بالدرجة الأولى لمخلفات مصانع الاحتلال من مواد كيماوية وانبعاث الغبار الملوث الناجم عن وجود الكسارات بالقرب من بيوت المواطنين، مما سبب انتشار الأمراض لا سيما ضيق التنفس.

ويشير الباز لسبب آخر لذلك، وهو تقصير الجهات الرسمية في تقديم التوعية اللازمة للسكان بخصوص آلية التخلص من النفايات.

تجدر الإشارة إلى أن مستوطنة "كدوميم" قامت بالأصل على أنقاض معسكر للجيش الأردني تم تحويله فيما بعد إلى معسكر لجيش الاحتلال،وخلال فترة السبعينيات تم تحويل المعسكر تدريجياً إلى مستوطنة مقامة على مساحة (1000 دونم) تقريباً من أراضي قرية كفر قليل ويقطنها (2500 )مستوطن، ولم يكتف بمصادرة أراضي القرية، ليصادر أيضاً (2000) دونم من أراض قرية قوصين القريبة لإقامة المصانع والكسارات مما زاد الطين بِلة.

بدوره يقول رئيس مجلس قروي قوصين عمر أبو نمري: "تتربع القرية على جبل يقع إلى الغرب من مدينة نابلس بالضفة الغربية، وهي ذات مناخ معتدل هادئ، مما جعل منها محطاً لأنظار من يبحثون عن هناء العيش الهادئ في معزل عن ضجيج المدينة،ويعيش في القرية قرابة ألفي نسمة، يعمل معظمهم بالزراعة والقسم الآخر في مؤسسات السلطة الفلسطينية. "

ويضيف أبو نمري أنه تم وضع خطة تنموية للنهوض بالقرية، ولكن المجلس يعاني من نقص في الموارد وإمكانياته محدودة لاستصلاح الأراضي وتعبيد الطرق وإقامة أماكن ترفيهية للأطفال والسكان،خاصة أن مساحة القرية صغيرة مقارنة بعدد السكان حيث تبلغ مساحتها حوالي (4000 )نسمة.

وينوه أبو نمري إلى أن أهالي القرية من مالكي الأراضي القريية من مستوطنة كدوميم يسمح لهم بزيارة الأراضي المصادرة مرتين من كل عام؛ الأولى في شهر أربعة لحراثة الأرض وري شجر الزيتون التي تشتهر المنطقة بزراعته، والمرة الثانية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول لقطف ما يمكن قطفه من ثمار الزيتون المثقل بغبار الكسارات القريب من الأراضي الزراعية،وهو ما أدى إلى إثقال كاهل الأراضي الزراعية وتدهورها، في ظل افتقار القرية أساساً إلى أهم موارد الزراعة مثل قلة المياه، مما يعيق توسع القرية في مجال استصلاح الأراضي واستهلال الزراعة المروية.

يقول أحد المواطنين في القرية: "طوقنا الاحتلال من الغرب بمنطقة صناعية، فشاعت الأمراض في المجتمع ويلاحظ تواجد كثير من الخنازير البرية تهاجم حقولنا ومزروعاتنا، ناهيك عن اختفاء الحيوانات الأليفة مثل الغزلان بفعل الهواء الملوث، وفقدان الطبيعة لأهم مركباتها الحيوية من نضرة واخضرار".

ويناشد مجلس قروي قوصين الجهات الرسمية والمعنية لتقديم الدعم والمساعدات للنهوض بالقرية وتسليط الضوء على المشاكل البيئية المنتشرة فيها.