رغم كل التقارير عن قُرب انتهاء عصر الصحافة الورقية المطبوعة، وتحويلها إلى المنصات الإلكترونية والمواقع، سواء الخبرية الإلكترونية أو شبكات التواصل الاجتماعى، فى ظل لجوء المواطنين إلى شبكة الإنترنت، فإن عملاق التواصل الاجتماعى «فيسبوك» كان له رأى آخر.
فقد أطلقت شركة «فيسبوك»، فى خطوة مفاجئة، مجلة ورقية تحمل اسم «Grow»، أسندت رئاسة تحريرها لـ«كيت ماكسويل»، مديرة التحرير السابقة فى مجموعة «سوهو هاوس آند كو»، وبدأت بالفعل فى توزيعها بالعاصمة البريطانية لندن، خلال الشهر الجارى.
الغريب أن إصدار المجلة، الذى جرى منتصف الشهر الجارى، جاء دون أى دعاية أو طرح إعلانات حول المنتج، وهو ما أرجعه مراقبون وخبراء إلى رغبة «فيسبوك» فى تجنب عدم النظر إليها على أنها «ناشر».
وتأتى رغبة «فيسبوك» تلك على الرغم من أن ثلثى البالغين فى الولايات المتحدة يعترفون بأنهم يحصلون على بعض أخبارهم من وسائل التواصل الاجتماعى، وبالطبع فى مقدمتها «فيسبوك».
وحسب عدة صحف عالمية، منها «الجارديان» البريطانية، فإن المجلة الجديدة مطبوعة فصلية ربع سنوية، وتعد «منصة فكرية» حول الأشخاص الذين يتحدون الوضع الراهن.
وقالت ليلى وودنجتون، رئيس التسويق التجارى لـ«فيسبوك» فى شمال أوروبا، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن مجلة «Grow»، بمثابة منصة للتواصل بشكل مباشر مع عملاء الشركة من خلال مطبوعة ربع سنوية، جنبًا إلى جنب مع قنوات التسويق المطبوعة عبر الإنترنت.
وكشفت عن أن العدد الأول من مجلة «Grow» يحتوى على صفحات وموضوعات غالبًا ما تُرى فى المجلات الاعتيادية الأخرى، على رأسها حوار صحفى مع أوسكار أولسون، المدير الإبداعى لشركة الأزياء «H & M»، الذى اختارته المجلة موضوعًا للغلاف، متضمنًا صورة «أوسكار».
وتضمنت موضوعات المجلة، أيضًا، تقريرًا يستكشف صعود العلامات التجارية المتخصصة، و«فيتشرات» حول الصناعات التكنولوجية المزدهرة فى باريس والشرق الأوسط، ومقالة تحتوى على رسوم توضيحية تشبه قصص الأطفال حول «وصفة الطعام المثلى» التى تضم مكونات غامضة مثل «الحماس» و«الشغف» و«الوضوح» و«الحب»، وغيرها من الموضوعات المتنوعة.
وتوزع المجلة، التى أطلقتها «فيسبوك»، مجانًا فى الصالات الأولى ودرجة رجال الأعمال فى المطارات ومحطات القطارات، بجميع أنحاء المملكة المتحدة، ومنها مطار «هيثرو»، كما أنها موضوعة على رفوف العرض المزخرفة بالنباتات الخضراء المورقة للتأكيد على معنى اسم المجلة «Grow» أى «النمو».
وعن ذلك تقول «وودنجتون»: «نعلم أن رجال الأعمال لديهم وقت محدود للقراءة الطويلة فى العمل، لذلك أصدرنا هذه المجلة الورقية التى ستكون متاحة خلال الرحلات الجوية التى يقومون بها».
ومن خلال المجلة، تتطلع «فيسبوك» للتركيز على الأحداث فى جميع أنحاء العالم، وتستهدف القراء فى المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والسويد، خلال العام الجارى، مع خطط للانتشار فى دول أخرى حول العالم العام المقبل.
وتساءلت مجلة «فايس» الأمريكية: «لماذا تدخل فيسبوك صناعة الطباعة الآن؟»، مشيرة إلى أن هذا السؤال تزداد أهميته بالنظر إلى أن «فيسبوك» و«جوجل» كانتا المهندسين الرئيسيين لعملية انتهاء الطباعة على مدى العقد الماضى.
وقال آندى بار، مؤسس وكالة إعلامية ورقية: «أرى ذلك كنشاط بيع ناعم لبعض رجال الأعمال الأكثر ثراء فى الخارج، الذين سيقرأون المجلة وهم فى انتظار الرحلات الجوية، خاصة مع حرص (فيسبوك) على الإعلان من خلالها عن الفرص الأوسع والابتكارات التقنية التى تقدمها».
ورأى «بار» أن التوازى الغريب بين أكبر شبكة اجتماعية فى العالم ومنتج طباعة محدود المدى مصمم ببساطة، جاء لتوسيع نطاق التغطية المجانية لعمل «فيسبوك»، مضيفًا: «حملة تسويقية ملتوية يعرفون أنها ستحظى باهتمام العالم، وتهز عالم الصحافة المطبوعة، وقد نجحت».
وحسب تقرير «الجارديان»، فإن المجلة «أنيقة لا تشبه مجلات أخرى»، مشيرًا إلى أن فكرة إطلاق مجلة تابعة لـ«فيسبوك» بدأت فى حدث صغير بالريف الإنجليزى قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، مع توقعات بأن تصبح من أهم وأبرز المطبوعات الورقية المخصصة للاقتصاد ورجال الأعمال.
ولم تكشف «فيسبوك» مصدر تمويل المجلة، وسياسة توزيعها، وجمهورها المستهدف، والموضوعات المستقبلية التى ستحرص على نشرها.