منذ بداية العام الحالي كثر الحديث عن ما سمي (صفقة القرن) والتي تتضمن حلا نهائيا للقضية الفلسطينية وكذلك للصراع العربي الإسرائيلي وبداية مرحلة جديدة من العلاقات العربية الإسرائيلية عنوانها التطبيع السياسي والاقتصادي وغيره بين الجانب العربي والجانب الإسرائيلي.
وحسب ما تم طرحه عبر الصحف والتسريبات الأمريكية والإسرائيلية وكذلك العربية، فإن صفقة القرن هي بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية وليس حلا لها، وبدأت بوادر تلك الصفقة حين أعلن الرئيس الأمريكي عن الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس وتم التنفيذ فعليا.
الموقف الفلسطيني والمتمثل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض الصفقة جملة وتفصيلا لأنها لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، بل على العكس هي طمس وتضييع للحقوق الفلسطينية الثابتة (القدس واللاجئين وحدود العام 1967 وغيرها)، ولكن ما أثار القلق لدى القيادة الفلسطينية هو تساوق بعض الدول العربية مع تلك الصفقة ومساعدة الجانب الأمريكي على تمريرها لدى الجانب الفلسطيني، لكن الضغوط العربية على الرئيس الفلسطيني لقبول الصفقة لم تأتي أُكُلها، حيث ظل الموقف رافضا لمخرجات الصفقة وتبعاتها.
في الفترة الأخيرة وفي ظل شعور الإدارة الأمريكية بتراجع فرص نجاح تطبيق صفقة القرن نتيجة الرفض الفلسطيني لها ومعه الجانب الأردني الذي يرفضها أيضا، لجأت الإدارة الأمريكية إلى محاولة أخرى عبر أطراف أخرى لتطبيق بعض بنود تلك الصفقة من خلال محاولة قيام كيان فلسطيني مستقل في قطاع غزة، وبدأت ملامح تلك الخطة تظهر في الفترة الأخيرة عبر المفاوضات الغير مباشرة بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي برعاية مصرية لتوقيع اتفاق تهدئة بين الجانبين ورفع الحصار وعقد هدنة طويلة وإقامة مشاريع اقتصادية ضخمة وحلحلة الأمور كافة في القطاع.
واستغلت إسرائيل وأمريكا الوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة وازدياد الضغوط الداخلية على حركة حماس نتيجة الظروف الاقتصادية البائسة هناك، للضغط على حركة حماس للدخول في تلك المفاوضات الغير مباشرة ومحاولة فرض الشروط الأمريكية والإسرائيلية من خلال التلويح بالعصا والجزرة، حيث الوعود بتحسين الوضع الاقتصادي وإقامة المشاريع الاقتصادية ان وافقت حماس على تلك الخطة، أو التلويح بالقوة والعمل العسكري إن رفضت تلك المبادرة.
وكان واضحا كذلك استغلال الطرف الإسرائيلي لقضية الانقسام الداخلي بين حماس وفتح، للضغط أكثر على حركة حماس للقبول بتلك المبادرات وتعزيز سلطتها في قطاع غزة على حساب السلطة الوطنية الفلسطينية. المخيف في تلك المحاولات هو الخطة الأمريكية الإسرائيلية لإقامة كيان فلسطيني مستقل في قطاع غزة، والتفرغ بعدها للسيطرة الكاملة على الضفة الغربية عبر تكثيف الاستيطان ومصادرة الأراضي وتقويض السلطة الفلسطينية فيها، وإنهاء الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة كاملة السيادة على الأراضي التي احتلت في العام 1967.
يجب على الأطراف الفلسطينية كافة وبالتحديد حركة حماس، التنبه للمخطط الأمريكي الإسرائيلي الرامي إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر بوابة قطاع غزة، من خلال إقامة كيان فلسطيني في القطاع تقوده حركة حماس وعقد اتفاق هدنة طويل الأمد ليُفسح المجال بعدها للجانب الإسرائيلي للتفرغ بضم الضفة الغربية وإنهاء الكينونية الفلسطينية فيها وتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي.
اسم الكاتب
اياد حسن القرم
المؤهل العلمي ماجستير تخطيط وتنميه سياسيه _جامعه النجاح الوطنيه
ناشط شبابي وباحث سياسي