نابلس- فارس عودة- بينما تتجول في أزقة البلدة القديمة لابد أن تشاهد إحدى محلات تنجيد اللحف وصناعتها, فهذه المهنة القديمة، ما زالت تصارع للبقاء، في ظل غرق الأسواق الفلسطينية والعربية بالمنتجات العالميه والصينية بالتحديد، والتي تشهد إقبالا كبيرا نظرا لرخص أسعارها مقارنة بالمنتج المحلي.
نظام منى شاب في العقد الثالث من عمره, التقيناه في إحدى محلات تنجيد اللحف في البلدة القديمة، وهو منهمك في تنجيد إحدى اللحف، فهو تعلم هذه المهنة عن والده الذي ورثها هو أيضا، فالعائلة امتهنت تنجيد اللحف "أباً عن جد"، كمال قال.
انتماء للمهنة
فنظام يعمل في هذه المهنة منذ أن كان في العاشرة من عمره، مشيرا إلى أن المحل الذي يعمل فيه افتتح قبل مئة عام على الأقل, وهي حرفة دخيلة على المدُن, حيث أن أول من امتهنها هم البدوّ، ومن ثم القرويين، وبعدها وصلت إلى المدن الكبرى وخصوصا مدينة نابلس، المعروفة بعراقتها وأصالتها وحرفها المتنوعة والفريدة.
منى الذي يعمل في هذه المهنة منذ نعومة أظفاره يعتبر أنها تحتاج إلى حب ورغبة وانتماء، أكثر من حاجتها إلى الجهد، فكلما أحب الشخص مهنته وانتمى لها أبدع فيها.
وحول آلية صنع اللحف وتنجيدها نوه إلى أنهم يستخدمون آلة تسمى آلة نفش الصوف, بالإضافة إلى العصا التي يستخدمونها لفرد الصوف داخل قطعة القماش، أما قديما فيروي عن والده أنهم كانوا يستخدون ثلاث أدوات رئيسية وهي: القوس، والمدقة، والسيخ.
خطر الاندثار
وتواجه حرفة تنجيد اللحافات خطر الاندثار مثل بقية الحرف التقليدية، إذا لم تلق اهتماماً مجتمعياً وإعلاميا، ليعي المجتمع أهمية مثل هذه الحرف التقليدية في رسم تراث أي بلد، وتمنى منى أن تخلد هذه المهنة التي أحبها وتعلمها من والده إلى زمن طويل، في عصر صناعي تسيطر عليه الآلات الحديثة.
واختتم منى حديثه بالقول: "عندما يكبر ابني قليلاً سأعلمه هذة الحرفة حتى أقوم بواجبي تجاهها، وأساهم في الحفاظ عليها، كي لا تنقرض وتُمحى من ذاكرة الفلسطيين بعد أن كانت مهنة أساسية يعتمد عليها الناس في صناعة أغطيتهم".
على الرغم من قدم هذه المهنة واقبال الناس على الأغطية المصنعة آليا، ما زال الكثيرون يفضلون اللحافات المصنعة يدويا عند المنجد، نظرا لمتانتها وجودتها العالية مقارنة بغيرها.
