توالت الانتقادات والتحليلات التي صدرت بُعيد ما نُقل عن الرئيس محمود عباس أنه سيوافق على كونفدرالية مع الأردن -في حالة واحدة فقط- هي إذا قبلت إسرائيل بأن تكون جزءاً من منها. جزء من هذه الانتقادات تأتي في إطار المناكفة السياسية وتصدير مواقف إعلامية لا أكثر، لكن قراءة تحليلية بسيطة للمشهد السياسي الفلسطيني وتطلعات وثوابت القيادتين الفلسطينية والأردنية يدرك تماماً أن خيار الكونفدرالية طالما بقي مشروطاً بتحقيق دولة فلسطينية كاملة السيادة وبرغبة الشعبين الأردني والفلسطيني. وبالنسبة إليّ فأنا لم أقرأ تصريح الرئيس خارج رغبته نسف الاقتراح من أساسه لما اشترط أن تكون اسرائيل جزءاً من هذه الكونفدرالية، ذلك لأنها سترفض على الأرجح الانضمام إليها. والذي يعرف اسرائيل يعرف أنها ترتجف كلما انعطف مسار الحديث نحو الدولة الواحدة متعددة القومية. هل تذكرون موجة التندّر التي انطلقت بعد تصريح القذافي –رحمه الله- لمّا أطلق العنان لأفكاره وهو يتحدث عن مقترح اقامة دولة "اسراطين"؟ كان على درجة كافية من الوعي ليبث الهلع في صفوف اليمين الإسرائيلي آنذاك. فقيام دولة كاسراطين ستكون كفيلة على سبيل المحاكاة للقضاء على حلم المشروع الصهيوني لأن كفة التوزيع الديمغرافي راجحة لصالح الفلسطينيين، فغزّة "الولّادة" وحدها كفيلة بذلك.
أذكر تصريحاً لجلالة الملك عبد الله الثاني في معرض ردّه على سؤال أثار قلق الاردنيين حيال المستقبل قبل عشر سنوات؛ بأن "الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين". ويعي الملك بهذا التصريح حجم المؤامرات ومشاريع التسوية التي تستهدف كلّا من الأردن وفلسطين.
لأجل كل ذلك على المتصيّدين لتصريح الرئيس أن يُفرغوا ذخيرتهم في الإتجاه الصحيح.