نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا ذكرت فيه أنه قد تم عرض مقترحين اثنين على البرلمان اللبناني فيما يتعلق بإنتاج القنب لأغراض طبية، حيث تعد محافظة البقاع أحد أهم مناطق إنتاج القنب في بلاد الأرز.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن بلدة اليمونة تتميز ببحيرتها داكنة اللون وأشجار التفاح والمنازل الفخمة التي تطل من بين المباني القديمة. كما تشتهر هذه البلدة، التابعة لمحافظة البقاع، بانتشار حقول زراعة القنب. ومن جهتها، لم تستطع أية سلطة لبنانية إيقاف زراعة هذا النوع من النباتات سواء عبر استعمال القوة أو حتى عبر عرض برامج بديلة.
وأفادت الصحيفة أن المواطن اللبناني، أبو عصام، البالغ من العمر 60 سنة، ينحدر من عائلة لها تاريخ عريق في زراعة القنب، حيث نوه خلال عودته لقريته الأم التي ترعرع فيها بأنه "لولا أموال الحشيش التي كان والدي يرسلها لي، لما كان لي مركز عندما رحلت إلى بيروت، حيث كنت أبلغ من العمر آنذاك 18 سنة". وقد عرفت زراعة القنب والأفيون في محافظة البقاع أوجها خلال الحرب الأهلية في لبنان خلال الفترة الممتدة بين سنة 1975 وسنة 1990.
وأشارت الصحيفة إلى أن زراعة القنب أضحت بمثابة مشكلة في لبنان، الذي يحتل مركزا متقدما من بين أكبر منتجي هذه النبتة على المستوى العالمي، إذ لم يصادق البرلمان اللبناني بعد على تقنين هذه الزراعة بغية استخدام القنب لأغراض طبية. ومن جهته، تحدث رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، خلال شهر تموز / يوليو عن إمكانية تشريع زراعة القنب.
وأضافت الصحيفة أنه مع نهاية شهر أيلول /سبتمبر، انطلق جني محصول القنب في قرية اليمونة. ومن جانبها، لم تشن قوات الأمن منذ عدة سنوات أية حملة للقضاء على زراعة نبات القنب في محافظة البقاع، حتى تتجنب الدخول في مناوشات مع الأهالي.
ونقلت الصحيفة على لسان أبو عصام قوله إن الدولة "لم تكن قادرة على توفير بديل عملي يعوض زراعة القنب، حيث ثار القرويون، مستخدمين في بعض الأحيان الأسلحة الثقيلة، في وجه الجنود المكلفين بتدمير حقول زراعة القنب". وتعتبر محافظة البقاع منطقة مهمشة من قبل السلطات، كما تعيش فيها طوائف مختلفة حيث ينتمي أغلب متساكنيها إلى الطائفة الشيعية. علاوة على ذلك، عانت هذه المحافظة من الأزمة الاقتصادية.
وصرحت الصحيفة أن أبا عصام يعرف جيدا كل أسرار قرية اليمونة التي يعيش فيها قرابة 1500 ساكن ينتمي أغلبهم إلى عشيرة آل شُرَيف. وقد نجحت هذه العشيرة في بناء ثروات عندما كان سعر الحشيش يبلغ أكثر من 1000 دولار للكيلوغرام الواحد، أي ما يعادل 850 يورو، من خلال تهريبه. كما تمتلك هذه العشيرة مرائب تغطيها ستائر حديدية يتم فيها معالجة القنب في الشتاء قبل عرضه على البيع.
ونوهت الصحيفة بأنه بالنسبة لرئيس بلدية اليمونة، طلال شريف، تتمثل الأولوية في إقرار عفو عام عن "مزارعي الحشيش" الذين يشكلون أغلبية المزارعين في القرية خاصة وأن أغلب التجار ومهربي المخدرات مراقبين من قبل الجهات المعنية. وفي الغالب، تتحول الحملات الأمنية التي تعنى بمطاردتهم إلى مواجهات مباشرة. وفي هذا السياق، أشار طلال شريف إلى أن "الحشيش يعد المحصول الوحيد الذي يضمن فيه المزارع عائدات من استثماره".
وفي سياق متصل، أشار أبو علي، وهو أحد مزارعي القنب، إلى أنه لا يمكن اعتبار مزارعي الحشيش أثرياء إذا ما حققوا أرباحا تبلغ قيمتها بضعة آلاف من الدولارات سنويا. وعلى الرغم من أن القنب اللبناني، الغني برباعي هيدرو كانابينول، يعتبر الأكثر قيمة في العالم، إلا أن السوق العالمية تعاني من كساد مع تنوع المنتجات التي تتسبب في انهيار الأسعار. وبالنسبة لأبي علي، لن يوقف تشريع زراعة القنب لاستعماله في الأغراض الطبية، عمليات التهريب.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن أهالي بلدة اليمونة لطالما نددوا بما اعتبروه تهميش الدولة لهم، حيث تعمل العيادة الموجودة في البلدة مرة واحدة في الأسبوع، كما تعاني المدرسة العمومية في اليمونة من فقر لدرجة أن معظم الأطفال يتعلمون خارج البلدة. بالإضافة إلى ذلك، تعد الطرقات في حالة يُرثى لها، وتعاني البلدة من انقطاع متكرر في الكهرباء على غرار أي منطقة أخرى في البلاد.