الرئيسية / مقالات
الماراثون..
تاريخ النشر: السبت 29/09/2018 09:06
الماراثون..
الماراثون..

كتب رامي مهداوي

متوجهاً صباح يوم الجمعة من رام الله الى قريتي شويكة قضاء طولكرم، كانت عند باب مدخل قرية ترمسعيا شرطة إسرائيلية معززة بقوات عسكرية تغلق الطريق، يُشير الشرطي بإصبعه بشكل دائري وبصوت صارخ "لف وارجع.. طريق مسكره... في ماراثون". أصبح المستوطن يمارس الرياضة بأريحية مطلقة وعلينا أن نتحمل أعباء سعادته واستمتاعه بالطبيعة!!
في انتفاضة 87 كان المستوطنون بشكل خاص والإسرائيليون بشكل عام يرتعدون رعباً وخوفاً عند سيرهم بطرقاتنا، وفي عام 2018 أصبحنا نحن من يخشى السير على طرقاتنا بين المدن والقرى الفلسطينية، وللأسف المشهد مؤلم أكثر بكثير حتى وصلنا لمرحلة بأن قطعان المستوطنين يهجمون على القرى والمدن بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
أكثر من نصف مليون مستوطن مُسلح متواجد على أرضنا، يمارسون حياتهم الطبيعية بشكل اعتيادي مستمتعين بمياه وتراب وجبال وسهول وأشجار بلدنا. من لا يخرج من حيز المدينة التي يتواجد بها لن يفهم ما أقول، حيث أن المشهد الجغرافي إذا ما تم النظر له من خلال عين الزمن سنجد بأن ما تبقى لنا كشعب فلسطيني هو الحيز المكاني الذي نسكن به فقط أي أصغر من مفهوم "الغيتو"، منذ أكثر من 20 عاما وأنا أتنقل بشكل خاص بين مدينتي رام الله وطولكرم وبين محافظات الوطن بشكل عام وأشاهد كيف يتشكل المشهد بالكامل لصالح دولة المستوطنين.
أخشى ما أخشاه خلال عقد من الزمن؛ سنصبح الأقلية العربية في دولة المستوطنات المقامة بالضفة الغربية، وسيطبق علينا قانون القومية اليهودية كما هو الحال في داخل الكيان إسرائيل، فيصبح أهل الأرض عبارة عن مجرد سكان لا ينطبق عليهم حتى مسمى مواطن ولو درجة ثانية، كأننا عبيد في مزارعهم لهم المتعة ولنا السمع والطاعة!!
بالتأكيد أصحاب الأرض سيجدون طرقهم الخاصة للوصول الى المنطقة التي يريدونها، لهذا قررت دخول بلدة ترسمعيا ومنها الى بلدة المغير لأصل الجنوب الشرقي من محافظة نابلس، المستعمرات في كل مكان حتى القرى الفلسطينية عقربا، عورتا، بيت فوريك محاطة من جميع الاتجاهات بالمستعمرات "جيتيت" "محورا" "معاليه افرايم" "ايتمار" أصبحنا أقلية على الطرقات، أقول لذاتي أصبحنا غرباء مع هذا التشكُل الاستعماري الذي يخدم توجه المخططات الصهيونية.
وصلت أخيراً قريتي بعد هذا الجهد وضياع الوقت وإهدار للبنزين، ومنظر الشرطي الذي منعني من إكمال طريقي بسبب ماراثون المستوطنين في مخيلتي، أشرب فنجان القهوة وأبدأ كتابة مقالي هذا وأنا مشغول الفكر .. متى سينتهى الماراثون حتى أتمكن من العودة الى رام الله!!

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017