في الأضراب الشامل الذي دعت اليه يوم أمس الأول 1/10/2018م لجنة المتابعة العربية العليا في الداخل المحتل عام 48م وبالتنسيق مع القوى الوطنية والإسلامية في الأراضي العربية المحتلة عام 67م وبالتزامن مع ذكرى هبة القدس والأقصى وذكرى شهداء الدفاع عن الأقصى عام 2000م , والذي عم كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني بما فيها مخيمات اللجوء والشتات في الأقطار العربية المجاورة ,وجاء رداً طبيعياً على جملة القوانين العنصرية التي أقرتها ما يسمى الكنيست الإسرائلي وكان اّخرها قانون الدولة القومية اليهودية عملاً على تكريس نظام الأبرتهايد الصهيوني العنصري وشطب وجود الشعب العربي الفلسطيني من على الخارطة الجغرافية التي شكل فيها الشعب الفلسطيني منذ اّلاف السنين مكانة تاريخية وحضارية كانت جزء لا يتجزء من تاريخ وحضارة الأمة العربية موطن الحضارات ومهبط الرسل والأنبياء ومهد الرسالات الخالدة .
لقد شكل الإضراب الشامل لدى الشعب الفلسطيني منذ القدم وتحديداّ زمن الاستعمار والإنتداب البريطاني معولاً رئيسياً في النضال ضد كافة أشكال الظلم والإستعمار ,وقد تميز شعبنا بإستخدام الإضراب الشامل كأحد أبرز وسائله النضالية منذ ثورة ال 36م ضد الإنتداب البريطاني وسياساته الداعمة للعصابات الصهيونية وسماحه بهجرة اليهود المتصاعدة الى فلسطين ,وقد إستمر الإضراب حينها ستة شهور متتالية أفضى الى إضطرار حكومة الإنتداب الى التراجع وإصدار الكتاب الأبيض الذي يقلل من اّثار وقع وعد بلفور المشؤوم على الفلسطينيين .
وفي الإنتفاضة الفلسطينية الأولى عام 87م كان الإضراب الشامل من أهم ما تميزت به الإنتفاضة الأولى الى جانب الحجارة والمقلاع تعبيراّ عن وحدة الشعب وإصطفافه جنباً الى جنب بإرادة فولاذية لا تنكسر رغم شدة القمع والقتل والحبس والتنكيل في مواجهة الإحتلال الصهيوني وجيشه الذي لم يتورع عن إرتكاب جرائم الأبادة الجماعية ,وعلى طريق مواصلة الكفاح الشعبي طويل الأمد بإتجاه تحقيق كامل أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال وتحرير فلسطين كل فلسطين.
لقد جاء الإضراب الشامل الأخير في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية من حالة إنقسام وتشرذم ومراوحة سياسية ذات المكان جراء فشل خيارات التسوية السلمية وما رافقها من إحباطات لدى الشارع الفلسطيني,أضافة لما يكابده شعبنا جراء جرائم الاحتلال اليومية بحق المدنيين العزل وجملة قوانينه العنصرية والتي كان اّخرها إقرار قانون القومية اليهودية ,وكذلك تصاعد وتيرة الإستيطان والتهويد في أراضي الضفة الغربية بشكل هستيري ومحموم الى جانب أعمال الهدم التي طالت العديد من البلدات العربية وخصوصا في النقب المحتل ومحاولات الاحتلال الحثيثة مؤخراً لهدم بلدة الخان الأحمر شرقي القدس بهدف فصل وتقطيع أوصال الضفة , ولا ننسى في السياق صفقة القرن التي أعدها المعتوه ترامب كوصفة سحرية للإجهاز تماماً على القضية الفلسطينية وعروبة القدس.
إن التزام الشعب العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجده بالأضراب الشامل الذي دعت اليه لجنة المتابعة في الداخل المحتل ولجنة القوى الوطنية والإسلامية في رام الله بداية الشهر الجاري أعطى للعالم أجمع أبلغ رسالة فلسطينية مفادها أن شعب البطولات والملاحم الأسطورية والإنتفاضات المباركة قادر اليوم على تجاوز حالة الأنقسام السياسي وكل الإحباطات جراء فشل مشروع التسوية السلمية للصراع العربي الصهيوني والنهوض مجدداً وموحداً لا يعدم الوسيلة في مواصلة مشروعه النضالي والكفاحي وبشتى الوسائل التي تمكنه من إسترداد كامل حقوقه العربية في فلسطين التاريخية ومنها حق العودة وتقرير المصير وتبييض السجون من أسرى الحرية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
بقلم : ثائر محمد الشولي
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
تشرين أول - 2018