الرئيسية / مقالات
نتاج 101 عام على وعد بلفور
تاريخ النشر: الأحد 04/11/2018 13:24
نتاج 101 عام على وعد بلفور
نتاج 101 عام على وعد بلفور

د. خالد معالي

101 عام مضى على وعد بلفور، والذي نشبعه نحن العرب والفلسطينيون شتما وشجبا واستنكارا كلما حانت ذكراه، وكأن الشجب واللطم سيعيد حقوق الشعب الفلسطيني، او يعيد الامور الى نصابها الصحيح.

قد يظن المرء للوهلة الاولى ان بريطانيا فعلت خيرا بتصديرها لمشكلة اليهود في اوروبا الى قلب العالم العربي والاسلامي، لكن نظرة متفحصة نرى ان ما فعلته هو نقل المشكلة الى مكان صعب ومعقد، أفشل وسيفشل مخططات اوروبا، وبالتالي انهاء دولة الاحتلال التي زرعوها عنوة.

بريطانيا ووعدها المشئوم والاحتلال ليسوا قدر العرب والشعب الفلسطيني، فقدرهم العمل والتضحية لكنس الاحتلال، كون العالم من حولنا لا يرحم ولا يعترف بالضعفاء؛ بل يحترم كل من يأخذ بأسباب القوة ويفرض كلمته فرضا، وينتزع حقوقه انتزاعا .

في ذكرى وعد بلفور 101، مثال على انتزاع الحق بحكمة وبصيرة هو ما صرح به آ"في يسسخاروف" المراسل العسكري لموقع "واللا " العبري حيث قال: يجب ان نرفع القبعات أمام قائد حماس يحيى السنوار الذي نجح في إخضاع حكومة "إسرائيل" دون أن يجر قطاع غزة للحرب فقد أدار أسلوب مقاومة شعبية جديد لم نعهده من قبل على مدار شهور طويلة، لقد نجح السنوار ونجحت حماس في السيطرة على مجريات الأوضاع في غزة وفي" إسرائيل" أيضا.

صحيح ان بريطانيا زرعت بالقوة دولة الاحتلال في قلب العالم العربي والإسلامي، وتسببت بعدة حروب بالمنطقة، وبمعاناة متواصلة لأكثر من 13 مليون فلسطيني، عبر مجازر تم بعدها طرد وتهجير لهذه اللحظة قرابة سبعة مليون فلسطيني في منافي الأرض، دون أن يرف جفن لبريطانيا، ودون أن تعتذر بعد 101 عام عن كل ما تسبب به هذا الوعد،

ما زالت بريطانيا لا تملك رصيد كاف من القوة أخلاقية تدفعها للإقرار بذنبها وجريمتها بحق شعب فلسطين، بعد 101عام على وعد بلفور، وإلا كيف نفسر إصرارها على عدم الاعتذار عن وعد بلفور؟

نتذكر رئيسة وزراء بريطانيا التي احتفلت بمئوية وعد بلفور وعبّرت عن فخرها بدور بريطانيا في إقامة دولة "إسرائيل"، في دلالة على عدم الالتفات لمناشدات ومطالب العرب للاعتذار، في استخفاف واضح وبَيِّن.

شتان بين من يطالب ويملك القوة لتحقيق مطالبه، وبين من يطالب دون قوة، فالعلاقات بين الدول تقوم على القوة، وليس على الحق والعواطف والدموع، والبكاء والحزن على وعد بلفور لا يجدي نفعا، ولا يقدم ولا يؤخر.

المحزن والموجع للقلب، هو ان هناك من يرى أن منظمة التحرير اعترفت بوعد بلفور عبر اتفاق "اوسلو"، فإذا ما قارنا بين وعد بلفور واتفاق "أوسلو" نجد أن هناك اعتراف من قبل المنظمة ب"اسرائيل"، والذي جعل بريطانيا وكيان الاحتلال ينتشون بنشوة النصر.

خلال 101 عام، استطاعت بريطانيا تمزيق العرب شر ممزق، ونجحت بالاستفراد وتحويل القضية الفلسطينية من قضية العرب والمسلمين الأولى، إلى قضية تخص الفلسطينيين وحدهم، ومن ثم تم تقزيمها لتمثلها منظمة التحرير دون حركة حماس والجهاد اللتان لا تعترفا ب"اسرائيل"، بل تفكران وتخططان لموعد كنس وإزالة كيان الاحتلال.

بريطانيا عبر وفائها بوعدها الذي عجزت كل الدول الاستعمارية عبر التاريخ عن بلورة هكذا وعد خطير وغير مسبوق؛ ما زال حتى هذه اللحظة يقتل ويدمر ويزرع الدمار والخراب في العالم، وجلب معه وما زال كل الشرور، بريطانيا ومعها أمريكا تحاول بعد 101جعل السرطان جزءا أصيلا من العالم العربي والإسلامي وهو ما ينافي طبيعة الأشياء وحقيقة أن السرطان لا حل له سوى الاستئصال.

بعد 101 عام، منظمة التحرير اعترفت بحق اليهود في فلسطين عبر"اوسلو"، مع أن وعد بلفور لم يطلب هذا الأمر، على أمل إقامة دولة فلسطينية، والمفارقة أن الذي أقيم مكانها هو دولة للمستوطنين في الضفة الغربية.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017