الرئيسية / مقالات
حوادث الانتحار في فلسطين الي اين؟ الاسباب.. الدوافع.. العوامل ...الوقاية ..والعلاج وهل تتحول الى ظاهرة في المجتمع الفلسطيني؟
تاريخ النشر: الثلاثاء 17/06/2014 10:46
حوادث الانتحار في فلسطين الي اين؟ الاسباب.. الدوافع.. العوامل ...الوقاية ..والعلاج  وهل تتحول الى ظاهرة في المجتمع الفلسطيني؟
حوادث الانتحار في فلسطين الي اين؟ الاسباب.. الدوافع.. العوامل ...الوقاية ..والعلاج وهل تتحول الى ظاهرة في المجتمع الفلسطيني؟

 كتب امجد السائح

ان التغيرات الاجتماعية التي حدثت في فلسطين في الفترة الاخيرة تركت الكثير من الاثار السلبية على المجتمع الفلسطيني،فاصبح هناك غلاء بالاسعار،واصبح هناك الكثير من التغيرات الاقتصادية،وبالعادات والقيم والتقاليد مما ترك اثار ايضا على الافكار،ومن هذه الاثار ايضا محاولات الانتحار خلال السنوات الاخيرة وكل ذلك كان نتيجة العولمة ووسائل الاعلام الغربية التي بدات تسيطر علينا في العالم العربي وتنشر افكار هدامة لا تتناسب مع عادتنا وتقاليدنا وثقفتنا الاسلامية ودينا الحنيف،وافرزت زيادة كبيرة في المشكلات والامراض الاجتماعية مثل:حالات الطلاق،والمشكلات الزوجية،وتوتر العلاقات الزوجية،والعنف الاسري،وتسلط الاباء على الابناء،وتندنى مكانة المرة في المجتمع وحرمانها احيانا من ابناؤها كل ذلك ساهم في ظهور الانتحار في مجتمعاتنا العربية.

وتكثر الان الصعوبات والضغوط النفسية والاجتماعية على الفرد،وتتفاوت ردود الافعال تجاه هذه الضغوط،فنجد من يقاوم هذه المشكلات بما لديه من قدرة على التكيف ويتغلب عليها فيعيش في سعادة مع نفسه والاخرين،في حين ان اخر لا يمتلك نفس القدرة من التكيف والتعامل مع هذه المشكلات فتكبر وتتعاظم،ولا يستطيع حلها لتصبح عقداً نفسية ومشكلات الى ان تصل به الى المرض النفسي وتؤدي احيانا الى الانتحار.

فالانتحار يعتبر من ابشع الحوادث الماساوية للبشرية التي يكون فيها القاتل والمقتول نفسه،فتلك القدرة الغريبة التي يقدر عليها الفرد لينهي حياته بنفسه،من خلال المشاعر اليائسة التي يمتلكها لحظة فقدان الامل،في ظل كثرة التعقدات والضغوطات التي يواجهها الفرد في المجتمع والتي بدورها تدفعه الى الاضطربات النفسية مما يولد الصراعات النفسية لدية لحد الازمات الحادة،وبالتالي يتولد لديه السلوك العدواني والتقليل من قيمة الذات،وسلوك تدمير الذات دون رادع وينتج عنها صعوبات مختلفة ومنها الانتحار(1).

الانتحار من الظواهر التي اثارت انتباه العلماء،فتعددت الافكار والاراء حولها،ويمكن ان نلخص ذلك المفهوم : القيام الذاتي بتدمير الذات والوصول بها الى الاعتقاد بان الموت هو افضل من الحياة،ولو تعمقنا بهذه السلوك لوجدنا حتى الحيوانات تقوم بهذا السلوك ومن ابرز هذه الحيوانات التي تقوم بهذا السلوك هي الحوت والقرد والشمبانزي.

تلجا الشخصية الى صناعة موتها بنفسها بسبب عدم القدرة على التكيف مع المحيط الخارجي أو بسبب تعرضها الى سلسلة من الاحباطات المستمرة،وهي ايضا ظاهرة انتشرت كثيرا في الوقت الراهن،فنسمع بين الحين والاخر عبر وسائل الاعلام انباء حول اقدام فرد ما على التخلص من حياته بسبب تعرضه لضغوط مالية او اجتماعية او عاطفية او عصبية. هذه الظاهرة موجودة في كل المجتمعات وقد حظيت بالكثير من الاهتمام في  الفترة الاخيرة في المجال البحثي والوقاية والعلاج سواء على المستوى الاجتماعي او الفردي بسبب التزايد الكبير في نسبتها بين شرائح جميع افرد المجتمع.

وفي تعريف الانتحـــار لغويا :هو " كل فعل أو أفعال يقوم بها صاحبها لقتل نفسه بنفسه وقد تم له ذلك وانتهت حياته نتيجة هذه الأفعال"،اما تعريف الانتحـــار اصطلاحاً فيجب ان نميز بين نوعين من الانتحار هما : الانتحار الحقيقي، أي الموت الجسدي، والانتحار النفسي. فالانتحار الحقيقي يعرف بأنه " قتل الإنسان لنفسه عمداً. أما الانتحار النفسي  يعرف بأنه: نوع من الانتحار غير الصحيح حيث يزهد البعض في الحياة تماماً ويبغضونها، وتدفعهم عوامل اليأس إلى تحطيم أنفسهم فيصابون بحالات مرضية(2).

وفي لسان العرب الانتحار مصدر للفعل انْتَحَرَ، وهو إصابة الإنسان نفسه لقصد إفنائها، ويُقال الانتحار هو الإجهاز على النفس ذاتها بأي طريق كان. ويقال: انتحر الرجل أي نحر نفسه(3).

ان من اهم الاسباب في اختيارنا لموضوع الانتحارهو الانتشار الكبير والملفت للنظر لهذه الظاهرة لدى الشباب على مستوى العالم عامة والعالم العربي خاصة نظراً لما تعانيه هذه الفئة من مشاكل اجتماعية ونفسية كالبطالة,الفقر,والمخدرات.والاهم من ذلك ان قيام الثورات في بعض الدول العربية ساهم في ارتفاع معدلات الانتحار ولا ننسى ان الشرارات الاولى لاندلاع هذه الثورات هو انتحار شاب عاطل عن العمل بتونس عن طريق حرق نفسه مما اثار انتباهنا لهذا الموضوع و فكرنا في البحث في هذه الظاهرة .

ويشير علماء الاجتماع أن ظاهرة الانتحار لا تتعلق باللحظات الحالية التي يعيشها المنتحر،بل هي تتعلق بالماضي الذي كان يعيشه حيث الرواسب النفسية العميقة والمتراكمة التي كان يواجهها في مرحلة ما قبل الانتحار،التي تتطورت وشكلت ازمة نفسية أي الى نقطة لا رجعة فيها،ويجب ان نشير هنا ان ليست كل ازمة نفسية تؤدي الى الانتحار.وفي هذا الصدد نشير ان الانتحار سلوك متعدد الدوافع يظهر عندما يحدث خلل بالتوازن ما بين غريزتي الحياة والموت،فلا يكون وليد اللحظة حين تنفيذه،انما يكون موجوداً في طبقات الوعي العميقة او الغائرة،وينشط في ظروف معينة ليكون الخيار الوحيد الذي يراه الفرد في تلك اللحظة على انه الحل الوحيد والافضل.وهو بهذه المعنى ليس حدثاً عشوائياً،وإنما هو منظومة فكرية ووجدانية وسلوكية تنتظم أجزاؤها عبر السنين والأحداث ليبرز كوسيلة للخروج  من مأزق أو أزمة لدى شخص وصل الى حالة من انعدام الامل وقلة الحيلة وضاقت أمام  عينيه الخيارات أو تلاشت وهو قد ارسل إشارات استغاثة لكنها لم تصل إلى من يهمه الأمر،أو وصلت ولم يسمعها أحد، أو سمعت ولم يفهمها أحد، أو فهمت ولم يستجب لها  أحد، وهنا وقعت الواقعة(4).

فالسلوك الانتحاري يمكن ان يكون له وظائف ثلاثة مختلفة : فهو بالنسبة للبعض وسيلة تجنب،الهروب من وضع هم عاجزون عن قبوله.وهو لاخرين يقابل الارتداد ضد الذات،ارتدا دافع عدواني لم يكن يمكنه ان يوجه ضد الغير،فهم يعتدون من خلاله على الاخرين حين بعتدون على حياتهم،حين يواحه الاخرين المحطين بهم الحزن،وتانيب الضمير،وهو اخيراً رسالة يائسة تعبر عن ضروب اللوم الموجهة للغير على اللامبالاة،كما تعبر عن العجز عن السيطرة على وضع صعب،وهم يعنانون(المنتحرين) من عاطفة العزلة والنبذ(5).

لعل فلسطين ليست بعيدة عن هذه المشكلة فالتغيرات الاجتماعية الت تعرضت لها فلسطين بالسنوات الاخيرة كان لها كثيراً من النتائج السلبية ومنها هذه المشاكل الانتحار،فتشير الاحصاءات الرسمية الى وجود هذه المشكلة وتزايد حجمها،والحوادث التي تشر بالصحف المحلية بين الاخين والاخر،فيخشى ان تتحوا هذه المشكلة الى ظاهرة في المجتمع الفلسطيني.

والشيء الملف للنظر هو ان ظاهرة الانتحار ليست وحدها المشكلة التي تواجه مجتمعنا الفلسطيني,بل هناك ظواهر عدة سلبية تكبّل مجتمعنا بتداعياتها الخطيرة التي تزداد حدتها ووتيرتها يوماً بعد يوم ,وما يهمنا هنا حوادث الانتحار في مجتمعنا الفلسطيني،فقد ازدادت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة بشكل كبير وغريب,وليست هناك إحصاءات دقيقة من قبل المؤسسات المختصة لظاهرة الانتحار في مجتمعنا لكنها تلاحظ من خلال الحوادث المتكررة في واقعنا , وللأسف الشديد مجتمعنا يفتقر إلى المؤسسات المختصة التي تبحث عن أسباب هذه الظواهر التي تحيط بنا من كل صوب , وتقدم الحلول الصحية لها, فقلة الكوادر والمؤسسات الأكاديمية العلمية في مجتمعنا دليل على عدم قدرتنا لمواكبة التطورات الهائلة التي تجري في هذا المجال .

احصائيات وارقام حول معدل انتشار الانتحار في الدول الاجنبية

في اعلان لمنظمة الصحة العالمية حول أعداد المنتحرين سنوياً كان مليون ومائة ألف منتحر سنويا،فهو لم يقتصر على بلد دون الاخر،بل بات ظاهرة عالمية،حيث كان يعرف سابقا ان اهم سبب للانتحار هو الفقر او الصدمات العاطفية فقط،لكن بمرور الوقت كشقت وسائل الاعلام  الحديثة وجود دوافع اخرى للانتحار.وفي ههذ الشأن كشفت إحصائية أمريكية حديثة نشرتها صحيفة 'يو إس إيه توداي' الأمريكية  في عددها الصادر في التاسع من مارس2005 عن ازدياد حالات الانتحار في الولايات المتحدة مقارنة بجرائم القتل. وقد أكدت الإحصائية تسجيل 29 ألف حالة انتحار سنويا بواقع 80 حالة يومياًويعني ذلك 3 حالات انتحار مقابل جريمتي قتل، وعزي  ذلك إلى زيادة حالات الاكتئاب ومشاعر القلق بالإضافة إلى الأمراض العقلية والنفسية، وقد بلغت حالات الانتحار في ولاية أوريجون وحدها 518 حالة مقابل 71 جريمة قتل عام 2002.وفي احصائية اخرى تشير الى ان 1000 شخص ينتحرون كل يوم على مستوى العالم أى حوالى 42 شخص كل ساعة،وفي أمريكا  ينتحر 75 شخص كل يوم ، أى شخص كل 20 دقيقة ، أى 25 ألف حالة انتحار فى  السنة .في فرنسا كشفت دراسة فرنسية في عام 2004 أن 160 ألف فرنسي يحاولون كل عام الانتحار يموت منهم 32 يوميًا, العديد منهم من الشباب خاصة من النساء بسبب الاكتئاب والضغوط الشديدة والتسابق على تحقيق الربح المادي.وأظهرت الدراسة التي أجرتها 'جون شوكيه' رئيسة الاتحاد القومي الفرنسي لمكافحة الانتحار أن ظاهرة الانتحار تصيب جميع الطبقات الاجتماعية في فرنسا بدون استثناء, حيث تتركز عملية الانتحار بشكل كبير بين الشباب في المرحلة السنية ما بين 16 و17 سنة.في اليابان  ذكرت الشرطة اليابانية عام 2004 أن معدلات الانتحار كانت 34,427 وهي عالية جدًا حيث يقوم من يدينون بالبوذية بقتل أنفسهم. وأفادت مصادر صحفية نقلاً عن الناطق باسم الشرطة أن الزيادة بلغت 71% عن الأعوام السابقة .

وفي المانيا كشفت إحصائية ألمانية عن أن محاولات الانتحار بين الشباب في ألمانيا ببلغت محاولة واحدة كل أربع دقائق ، وأن متوسط ضحايا الانتحار وصل إلى قتيل كل 47 دقيقة ، وأشارت الإحصائية إلى أن عدد ضحايا الانتحار في ألمانيا تجاوز في الآونة الأخيرة إجمالي عدد ضحايا مرض الإيدز وإدمان المخدرات وقضايا القتل ، حيث أصبح الانتحار بين الشباب الألماني ثاني أكبر أسباب الوفاة بعد حوادث المرور(6).

والرقم العالمى المتوسط لمعدل الإنتحار هو 12,5 شخص لكل 100,000 من مجموع  لسكان ، وهناك ما يسمى بحزام الإنتحار وهو يضم الدول الاسكندنافية  سويزرلاند وألمانيا والنمسا ودول أوروبا الشرقية بالإضافة إلى اليابان حيث بلغ معدل الإنتحار فى هذه الدول 25 شخصاً لكل 100,000 من السكان.اما أعلى معدل للانتحار قد سجل فى هنجارى ( المجر ) وهو 35 منتحر لكل 100,000 من السكان،وفى المقابل وجد أن أقل معدلات الانتحار 10 لكل 100,000 من السكان توجد فى مصر وأيرلندا وأسبانيا وايطاليا،وتحتل كوريا الجنوبية أعلى نسبة انتحار في العالم، بمعدل13 ألف كوري خلال العام بحد أدنى33 حالة في اليوم، وتحتل اليابان المركز الثالث في العالم.

احصائيات وارقام حول معدل انتشار الانتحار في العالم العربي

في ظل  العصر الذي نعيش فيه عصر التسارع المعرفي الكبير وعصر القلق والازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعايشها العالم،كان لابد من الاشارة الى خطورة ظاهرة الانتحار التي بدأنا نسمع عنها ونعايش الكثير منها في مجتماعتنا العربية،وكأن العدوى انتقلت لنا من المجتمعات الغربية،فتشير إحصائيات عام 2010 لمنظمة الصحة العالمية أن نحو مليون شخص في العالم ينتحرون سنويًا، أى بما يعادل حالة انتحار واحدة كل40 دقيقة! ما يرفع معدلات الانتحار بنسبة 60% فى جميع أنحاء العالم عن الخمسين سنة الماضية.وعلى مستوى الوطن العربي وحسب ما نشرت «مؤسسة الفكر العربي للدراسات والبحوث» عام 2010 فقد وصلت نسبة المنتحرين إلى 4 أشخاص لكل 100 ألف بعد أن كانت 2  لكل 100 ألف قبل سنوات، ففي تونس مثلاً، تشير الإحصاءات ذاتها إلى أنَّ عدد حالات الانتحار قد وصل الى (1354) حالة في العام2010 مقارنة بـ (905) حالات في العام 2008، وفي الأردن سُجّلت (56) حالة انتحاريّة ناجحة بين العامين 2009-2010، و(314) محاولة انتحاريّة فاشلة، أمّا في اليمن فقد وصلت حالات الانتحار نسبة هائلة (3651) حالة ناجحة في الأعوام الثلاثة الأخيرة. وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجيّ، شهدت دولة الكويت في الأعوام الأربعة الأخيرة رقما مرتفعًا حوالي (614) حادثة انتحار، بينما شهدت دولة الإمارات(24) حالة، وسلطنة عُمان (23) حالة، والبحرين (45) حالة، وقطر(8) حالات. وفي مصر أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الى ان هناك (104) آلاف محاولة انتحار في مصر خلال عام 2009، وأغلبهم من الشباب في المرحلة العمرية من 15 - 25 وتمكّنَ منهم ما يقارب (5000) حالة من الانتحار، لدواعي ضيق فرص العمل أمامهم، وصعوبة التخلّص من الديون، وارتفاع نفقات الزواج.وفي المغرب ذكرت معلومات إحصائية أكاديمية أن أكثر من مليونين و900 ألف مغربيّ لا يُخفُون رغبتَهم في وضع حدّ لحياتهم، نتيجة للفقر والبطالة وانسداد آفاق العمل المُجدي(7).

فلسطينيا الأرقام توضح الحجم الحقيقي لواقع الانتحار

بينت التقارير الصادر عن الادارة العامة للشرطة في رام الله إلى أن عدد محاولات الانتحار في الضفة بازدياد ملحوظ من عام 2008 إلى 2012 ،فوضحت التقاريير الصادر عن  إدارة التخطيط والبحوث في الشرطة الفلسطينية في الضفة أن نسبة محاولات الانتحار في الضفة الغربية قد اظهرت ارتفاعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، وأن نسبة الفتيات اللواتي يحاولن الانتحار أكثر من نسبة الشباب، الامرالذي يبعث على القلق،.فبينما يعزوا المراقبين هذا الأمر إلي حالة الضغط الاجتماعي والاقتصادي، يرى آخرون أن الأسباب الكامنة وراء ذلك هي غياب الوازع الديني ومحاولة الهروب من الواقع خاصة في ظل الارتفاع الملحوظ في نسبة البطالة والفقر في مدن الضفة المحتلة.وتشير تقارير الشرطة  إلي أن عدد القضايا المسجلة في الشرطة لعام 2011 بلغت (345) قضية محاولة انتحار نتج عنها 12 حالة وفاة بارتفاع ملحوظ عن العام 2009 حيث سجلت الشرطة( 312) قضية محاولة انتحار نتج عنها وفاة 8 حالات،أما العام 2008 سجلت الشرطة فيه(204)محاولات انتحار نتج عنها وفاة 12 حالة (8).

 والشي الملفت للنظر أن نسبة الانتحار ومحاولة الانتحار الأعلى كانت في نابلس في تقريبا 35 في المئة(4حالات انتحار و117 محاولة)،وتاتي بعدها في المرتبة التانية كل من محافظتي رام اله والخليل بنسبة 17 %، ويشير العقيد عدنان الضميري في الشرطة الفلسطينية، إلى ان هناك علاقة واضحة بين تردي الأوضاع الاقتصادية وبين زيادة نسبة الانتحار،«فمدينة نابلس كانت صاحبة الحظ الأوفر من التدمير الاقتصادي، وارتفاع نسبتي الفقر والبطالة، لذا نرى أن أعلى نسبة سجلت فيها».وأكد الضميري ايضا أن الكثير من الحالات لا يتم الإبلاغ عنها، في وقت يمكن للبعض تورية انتحار أحد أفراد الاسرة، وخصوصاً الفتيات، تحت بند «السقوط من علو» وسجل 173 حالة، أو بند «التسمم» وسجل 350 حالة. فبعض الفتيات(9).

وقد رصدت جمعية الوداد للتأهيل المجتمعي للعام 2011 في دراستها 10 حالات انتحار و363 محاولة كتب لها النجاة،مشيره الى ان الاناث لهم الحظ الاكبر في محاولات الانتحارفي حين ان نصيب الذكور من الوقيات جراء الانتحار اكثر،وبينت الدراسة أيضا الانتحار في قطاع غزة ليس ظاهرة وانما هو مجرد مشكلة ظهرت مؤخرا وهي بحالجة للمتابعة الحثيثة من الجهات المختصة،وان الراي السائد حول بأن السبب الرئيسي للانتحار هناك هو تدهور الاوضاع اللاقتصادية المرتبطة بالحصار هو عارعن الصحة،موضحتاً ان ان السبب الرئيسي له هو العامل الاجتماعي الشخصي والعائلي،مشيرة الى دور غياب الحوار الأسري لحل المشاكل، إلى جانب تأثير وسائل الإعلام،والمسلسلات التركية في نشر ثقافة الانتحار , وانفتاح الشباب والفتيان على مشاهد العنف التي تعرضها التقنية الحديثة هي أيضا أسباب رئيسية(10).

ومع انقضاء عام 2013 سجل رسمياً في قطاع غزة انتحار فتاتين فقط،بالرغم ان هناك محاولات انتحار كبيرة،وبالاشارة الى مصدر أمني في الحكومة المقالة فقد أكد أن العام 2013 سجلت فيه عشرات محاولات الانتحار لدى المواطنين في ظل ظروف مختلفة, مؤكداًً إلى أن محاولات انتحار بشكل تتم بشكل شبه يومي تصل إلى مستشفيات قطاع غزة سواء باستخدام آلات حادة أو الشنق أو تناول كميات كبيرة من الأدوية (11).

وفي بعض الاراء الفلسطينية المختلفة حول الظاهرة :

أوضح مسؤولون في الشرطة الفلسطينية ومراكز حقوقية،أن حالات الانتحار في الضفة الغربية وصلت إلى أعلى معدلاتها في عام 2009،وهي في ازدياد مستمر،مشيرة إلى أن غالبية الحالات من الإناث وصغار السن.ولا توجد إحصاءات دقيقة لعدد حالات الانتحار بسبب التعتيم عليها من قبل أصحابها خوفا على سمعة ومكانة عائلاتهم في المجتمع المحافظ،حيث يلجأ البعض إلى تسجيلها على أنها حالات وفاة بسبب شرب دواء عن طريق الخطأ أو السقوط من مكان مرتفع وغيره من الأساليب .

اشار محمد أبو حميد في إن الانتحار لم يصل حد الظاهرة،ولا ننكر وجود حالات انتحار،وذلك يتطلب منا فلسطينيا وضع وسائل وقائية اولاً وثم علاجية كي لا تتحول العملية إلى ظاهرة،وقد اكد ان عوامل الإحباط والضغط النفسي والاجتماعي هما سبب دائم للانتحار.

واشارت أهيلة شومر مديرة مؤسسة سوا على انه يتم الاشارة دائما لى موضوع الانتحار لاننا اصبحنا نسمع الكثير عن القصص والحالات عنه،واوضحت ان مؤسستها تتلقى الكثير من الاتصالات على خط حماية الطفل الفلسطيني 121من تهديد الكثيرين بالانتحار من مختلف شرائح المجتمع،وذكرت في جملت ما ذكرت انه من الملاحظ ان وراء حالات قتل النساء يكون فيها انتحار قسري، أو إجبار على الانتحار وتسجل كأنها انتحار(12).

ويشير بعد المختصين الى ان المجتمع الفلسطيني اذا كان قد شهد مؤخرا قصصاً عن الانتحار فان ذلك بكل تأكيد حدث غريب ودخيل على شعبنا الفلسطيني،يستدعي منا جميعا البحث في أسبابه ودوافعه،وقيام كل الجهات المعنيّة بأدوارها، بدءًا من الشخص الذي يفكّر في الانتحار، ومرورًا بالمؤسسات المجتمعية، وليس انتهاءً بالجهود الحكومية.

أرقام ودلالات نفسية في اسباب ومعدلات الانتحار

وجدت احدى الدراسات ان غالبية المنتحرين بنسبة(98%) مصابين بأمراض نفسية أو عضوية فى حين  أن نسبة ضئيلة جداً منهم بنسبة(2%) كانوا أسوياء؛بمعنى أنهم غير مرضى.ويشير هذا الرقم ان المرض المنتحرين كانو فاقدي القدرة على التحكم في دوافعهم نحو الانتحار،بمعى انعم مجبرين نحو الانتحار،وان 2% فقط من المنتحرين هم الذين انتحرو مختارين وهم الاسوياء،فهم بشهادة العلم الاحصائي مرضى مجبرين غير مسؤولين عما حدث،ويستحقون التعاطف والاحساس بالذنب منا لهم،ولكن حين نمعن النظر بشكل موضوعي الى هذه النظرة يبدوا ضعيفاً،حيت لا يستطيع ايا منا القول ان كل مريض انتحر كان فاقد الاختيار او فالقد الوعي والبصيرة على الرغم من ضغوط المرض الشديدة والقاسية(13).

تؤكد احد الدراسات التي غطت 1200 حالة انتحار ان 28% من الذكور الشباب المنتحرين،و42% من الاناث الفتيات المنتحرات كانو يعانون خلال حياتهم اليومية امراض نفسية على راسها الاكتئاب.واشارت احصائية اخرى صادرة عن الداخلية الكوتية ان معدل الانتحار هناك ازداد ابان الغزو العراقي للكويت،وكانت عدد حالات الانتحار من 27 حالة عام 1991م إلى 43 حالة عام 1992م ووصلت إلى 56 حالة في عام 1993م ، ووصل العدد عام 1997م إلى 51 حالة انتحار، أما عام 2002م فقد شهد أعلى معدلات حيث قدرت حالات الانتحار بالمئات وهو ما يدفع إلى التشكيك في اعتبار الغزو العراقي مسؤولاً عن ارتفاع معدلات الانتحار، والدليل على ذلك أنه رغم انتهائه مازالت المعدلات في تزايد مستمر(14).

الانتحار قديم قدم البشرية والحضارات

الانتحار قديم قدم البشرية والحضارات،مارسته شعوب كثيرة في طقوسها، فالإغريق مثلاً نظروا لمفهوم الانتحار نظرة فلسفية،ونظر ارسطو للانتحارعملاً موجهًا ضدّ قوانين المجتمع والدولة والأعراف الإنسانية المتداولة، ودعا إلى معاقبة كلّ من يقدم عليه(15).

واليونان وخاصة الفيلسوف طاليس اعتبروه عملاً غير أخلاقي يضر بالمجتمع والعائلة،واليهود توجهوا لوسيلة الانتحار لتجنب اهانات جيوش الروم ليتركوا ديانتهم. كما أستعمل الرهبان البوذيين الأنتحار كوسيلة للمعارضة الأجتماعية،في اليابان قديما اعتبره السموراي انه اسلوب اتأكيد الولاء للرؤساء،واستخدمها ايضا الطيارين اليابان في الحرب العالمية الثانية كتأكيد للشجاعة والاسنعداد للتضحية لانتصار اليابان،اما الفيثاغورسية تؤمن بالتناسخ والخلود،حتى أن فيثاغورس نفسه ادعى في زمانه بأنه متجسد حينذاك للمرة الخامسة،وتعتقد البوذية بان المثل الأسمى الذي يمكن أن يصبو أليه الفرد هو الوصول إلى حالة " النرفانا "،فالوجود  شر على الإنسان،والموت وسيلة للتحرر من مظاهر الحياة الخادعة،وينظر البابليون إلى الموت على انه مخيف،اما السومريين والاكديين يرون ان الحكام بعد الموت يعيشون حياة أخرى،ولذلك يدفن معهم مرافقوهم وزوجاتهم وحاشيتهم وحرسهم وعدتهم. اما الهند واليابان يكون الانتحار مصدر شرف عندما تحترق الزوجة بجانب زوجه الميت أو مثل طياري الكاميكازي الانتحاريين وبعض المجتمعات تجعل الانتحار كجريمة وخطيئة لا تغتفر، وعادة ما يشعر أقرباء المنتحر بالذنب والعار والهجر(16).

دوافع انتشار حالات انتحار الشباب والمراهقين في المجتمع البريطاني كمثال للمجتمع الغربي

يتسائل الكثير من الناس في المجتع حول الاسباب ابتي تدقع الشباب الى وضع نهاية لحياتهم،ومنهم الاختصاصين النفسيين والاجتماعيين،فيجدون صعوبة بالغة في البحث والاجابة عن هذا التساؤل بشكل واف،فالانتحار لدى الشباب في بداية مرحلة المراهقة او وسطها هو نتاج للسلوك الانحرافي،ودخول الشباب في ازمة المعاناة،واليأس والتي تحتاج الى مساعدة الاخرين،فمن الملاحظ ان مرحلة المراهقة هي من اكثر المراحل التي تشهد ظاهرة الانتحار وذلك بسبب حالة عدم الاستقرارالاجتماعي والنفسي للمراهق في هذه المرحلة ،اضافة الى التغيرات السيكولوجية والجسمانية وألاسرية.

وفي هذا الصدد تشير احدى الدراسات الى ان المراهقين من فئة (أقل من 18عامًا) هم الاكثر اقداماً على الانتحار،ويفسرون ان ذلك بسبب التفكك الأسريّ، والانفصام العقلي، والفشل فى الدراسة وغيرها من الاسباب، يمثل الانتحار ثلث المسببات المؤدية إلى وفاة المراهقين حسب التقاريير.فوصلت نسبة حالات انتحار الشباب في المملكة المتحدة 72%،وفي دراسة نشرت في مجلة علم النفس البريطانية وجدت هذه الدراسة ان المنتحرون الشباب بين (15-19) سنة يختارون الان الشنق الوسيلة الفضلى للقضاء على حياتهم.

وفي تقرير ورد في جريدة (غارديان) اصدرتة احدى الجمعيات المعنية في تخفيف ومكافحت الانتحار،ومساعدة الذين يتعرضون لضغوط نفسية قد تدفعهم الى الانتحار،وعللت ارتفاع نسبة الانتحار لدى الشباب البريطاني للاسباب الاتية:

زيادة نسبة الضغوط الاجتماعية،الاخفاق في الحصول على نتائج وانجازات اكبر في المدرسة،والصعوبات خلال العام الماض،ويشير التقرير الى اسباب الانتحار لدى الكمابار كما يلي :الوحدة، والحرمان، وانهيار الصحة، وتناقص الفرص المتاحة، والعيش في ظروف غير مناسبة، والخوف من وقوعهم عبئاً على الآخرين.ويذكر نفس التقرير أن هناك من يقتل نفسه في بريطانيا كل ساعتين ويعتبر هذا أشد إثارة للقلق من الرقم الذي تعلنه الدولة سنوياً عن الذين ينتحرون وهو (5000)،وكذلك هناك أكثر من 200 ألف محاولة انتحار ويعتقد أخصائيون في الأمراض النفسية أن برامج التوعية بشأن الانتحار والاستخدام الفعال لعقاقير الاكتئاب والجلسات التأهيلية ساهمت في تراجع الظاهرة في التسعينات(17).

علامات ومؤشرات تنذر ان لدى الشخص رغبة بالإنتحار

اكثر ما يلفت النظر بالإنتحار انه من النادر جداً ما يكون قرار إرتجالي أي وليد اللحظة،فيظهر بالعادة في الايام والساعات ما قبل ان ينهي الانسان حياته وينتحر بوادر وعلامات،منهاالتفوه بعبارات مثلاانني لا استطيع الإستمرار" ، " لم يعد هناك شيء يهم بعد " أو حتى "إنني  فكر في إنهاء الأمر كله".والامر الهام هنا ان تؤخذ هذه العبارة والملاحظات على محمل من الجدية بشكل كبير.وايضا من العلامات يصبح الفرد مكتئباً أو منطو على نفسه،يتصرف بطيش وتهور،يظهر تغير ملحوظ في السلوك أو المواقف أو المظهر ،يتتم تسوية شؤونه الخاصة ويتصرف بالممتلكات والامور الثمينة لديه، تعاطي المخدرات أو الخمر،المعاناة من خسارة كبيرة أو تغيير في طبيعة الحياة(18).

واهم ميزة تظهر على الشخص الذي ينوي الاقدام على الانتحار هو الاكتئاب؛أي الشعور بالحزن الشديد،الاحباط،والعجز وعدم القيمة،والياس من الحياة ومن تغير الواقع،ويجب ان نشير ان لكل حالة انتحار خصوصيتها التي تختلف عن الاخرى،الا انه يوجد اشارات مشتركة يظهرها المقدمون على الانتحار ومنها: تغيرات مفاجئة بالسلوك مثل التغير في نمط الطعام او النوم،اهمال الدراسة او العمل،اهمال العلاقات الاجتماعية والمظهر الخارجي،التحدث عن الموت والانتحار بطريقة غريبة،الانسحاب من الانشطة المعتادة وعدم الاهتمام بها كالسابق،التحدث عن فقد الأمل والشعور بالذنب أو اليأس، القلق النفسيّ، الخمول، السوداوية، الانعزال والانطواء، الشكوى من الصداع، قلة التركيز،الحقد على المجتمع، أحيانًا تعاطي المخدرات والمسكرات،التخلّص من المقتنيات الشخصيّة الثمينة وهو مؤشر هام كثيراً للانتحار.فوجود هذه المؤشرات يحتاج ويستحق الاهتمام من الاشخاص المحطين به كالوالدين او المقربين منه،فوجود عدد منها يعتبراً دليلاً واضحاً ان الشخص في خطروعلينا الاهتمام به والمتابعة(19).

العوامل التي قد تؤدي إلى قيام الشخص بالانتحار

1.الأمراض النفسية والعقلية: مثل الشلل الجنوني العام، والتخلّف العقلي، والصرع.

2.اضطراب الشخصية: مثل الشخصية الهستيرية، والشخصية غير الناضجة انفعاليًا، والشخصية العاجزة، والشخصية الانطوائية، والمدمنون على الكحول أو المخدرات.. وكل هؤلاء يفكرون في الانتحار.

3. المشاكل الأسرية واحترام الذات: مثل الصراعات الأسرية الشديدة بين أفراد الأسرة وخاصة الوالدين،تواجد الطفل أو المراهق مع زوجة أب قاسية او زوج أمّ قاسٍ، التعرض المتكرر للطفل بالضرب والإيذاء أو الحرمان العاطفي،إهمال للطفل وحاجته النفسية والجسدية،تعرّض المراهق للنقد المستمر وعدم احترام ذاته ومشاعره،حالات الاغتصاب للنساء،تعليم الوالدين المتدني. قد تؤدي جميعها إلى الوصول إلى حالة اكتئاب شديدة ومن ثم التفكير في الانتحار..

4.المشاكل الاقتصادية: كالفقر، والبطالة وعدم الحصول على المهن اللازمة على الرغم من الشهادات والمؤهلات، أو فقدان المهنة أو المنزل.

5.الفشل: مثل الفشل المالي أو التعرض للخسائر،أو الفشل العاطفي،أو الدراسي،أو الاجتماعيّ، أو المهني.

6.الشعور بالذنب أو الوحدة: ويُعتبر هذا سببًا رئيسيٍّا في الانتحار،والرغبة في عقاب الذات،أو الشعور بالوحدة والاعتقاد بأن العالم لا يفهمه ولا أحد يشعر به، وبسبب عدم القدرة على توجيه العقاب للآخرين فيوجه العقوبة لذاته، وتكثر هذه الحالة عند المراهقين وغير الناضجين فكريًا أو المضطربين نفسيًا.

7.المشاكل الصحية الخطيرة: فالحالة الصحية لها علاقة مباشرة بالاكتئاب والانتحار، فالمرضى المصابون بأمراض مستعصية الشفاء كالإيدز والسرطان، أكثر إقبالا على الانتحار.

8.أسباب بيولوجية: كاختلالات في التوازن الهرموني وخاصة لدى الفتيات أثناء البلوغ، أو فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، أو اضطرابات في الغدة الدرقية أو في سكر الدم، أو عدم التوازن الكيميائي في المرسلات العصبية. قد تسبب الاكتئاب أو الانتحار.

9. ضعف الوازع الديني: مثل البُعد عن الدين وضعف الإيمان بالله واليوم الآخر، وقلة التوكل على الله،وعدم الخوف من الله تعالى.

10.توفّر النماذج وإساءة وسائل الإعلام في التعامل مع القضية: كطرح قصص لشخصيات شهيرة قامت بالانتحار.

11.سهولة الوصول إلى المواد المميتة: كالأدوية والسموم والقفز من الأماكن المرتفعة(20).

وفي دراسة فوزة في السعودية حول انتحار الاناث هناك،وحول العوامل المؤدية الانتحار،او محاولات الانتحار،فاظهرت الدراسة ان العوامل تتراوح بين المشاكل العائلية بنسبة 46.7%،وان اكثر المشاكل العائلية هي الخلاف مع الاب،وعدم قيول الاسرة زواج الفتاة من شخص تحبه،وفاة الاب ومشاكل مع زوج الام،التفكك الاسري،الشك في اخلاقيات البنت في الاسرة من قبل الاب،الحمل بسبب سفاح الاقارب داخل الاسرة ،انحلااب الاب والام،خلافات مع الاخوة والاخوات.مشاكل زوجية بنسبة 26.5% مثل ضربالزوج للزوجة،التهديد المستر بالزواج من اخرى.الصراع مع الاخرين بنسبة 13.3% متث المشاك مع الاصدقاء في المدرسة.تاثير الامراض النفسيةعلى الانتحار او محاولة الانتحار وبلغت 17.4.واخيراً تعاطي المخدرات والادمان  عليه بنسبة بلغت 2.4% فقط(21).

أليات الوقاية والتقليل من حالات الانتحار

حسب تقاريير منظمة الصحة العالمية فإنه: «لا يمكن منع جميع أشكال الانتحار، ولكن يمكن منع غالبيتها، باتخاذ بعض التدابير اللازمة». وللتصدي  والقضاء على هذه الظاهرة يجب علينا ان نحدد الاسباب المباشرة وراء كل محاولة من محاولات الانتحار على حدا،فمعرفة السبب هي الخطوة الأولى للحل،فالطبيب مثلاً حتى يعالج المريض وحتى يقديم العلاج المناسب لابد أن يعرف السبب وراء المرض،والذي يساعد على ذلك هو معرفة المؤشرات التي يرسلها الشخص الذي يرغب او سيحاول الانتحار والتي تدلل على نية الشخص الانتحار،وهنا يمكن الاشارةالى بعض الاقترحات للتقليل والوقاية منها :

1. توعية وتثقيف الفرد بعاقبة الانتحار وحكمه في الاديان وخاصة الدين الاسلامي كما جاء بالقران الكريم والسنة النبوية حول حكم المنتحر بالاسلام .

2. التعاون ما بين الجهات  المسؤولة لتقييد الإعلام والصحافة عند نشرهم عن قصص المنتحرين المشهورين وطرقهم المستخدمة، وعدم إثارتها بطرق محفِّزة،فالاعلام غير المنضبط الذي نعيشه الان يساعد صغار السن والمرضى النفسيين وضعاف النفوس إلى تقليد الآخرين والتأثر بهم .

3.عدم اهمال التهديدات التي يطلقها الفرد والمتعلقة بإيذاء الذات أو نية الانتحار،وإيلاءها الاهتمام الكافي،فمعظم حالات الانتحار التي تحدث تكون بعد إنذارات سابقة،ويندر حدوث الانتحار بدونها،والتكيد على ضرورة اعطاء هذه الفئات إعطائهم العناية النفسية الكافية، والاستماع لمشاكلهم ومعاناتهم،ومحاولة تقديم الحلول لهم والدعم المعنوي والرعاية والعطف، وخاصة المراهقين والمرضى.

4.زيادة التواصل الاسري والإنصات للأشخاص المقربين والأصدقاء والأبناء او من يمرون بظروف صعبة، والتواصل العاطفي معهم، وعدم الضغط على الأبناء بخصوص التحصيل الدراسي، وعدم مقارنتهم بآخرين أو انتقادهم المستمر أو إحراجهم والاستهزاء بهم.

5.معالجة الأمراض النفسية والاضطرابات لدى الفرد كالاكتئاب والفُصام والإدمان .. الخ وإدخاله المصحة النفسيّة إن لزم الأمر، وعدم الخجل أو انتظار تفاقم الحالة.

6. عمل برامج تأهيلية علاجية تتشارك فيها الأسرة والمدرسة مع المعالِج النفسي،والتركيز على الجوانب الإيجابية لديه،ومساعدته على القيام بدوره في المجتمع،ومساعدته في قليل الصراعات الأُسريّة(22).

في المحاولات الدولية للوقاية والتصدي للانتحار

بالرغم من ازدياد الانتحار وزيادة المحاولات على مستوى الدولة العربية وذلك من خلال المؤشرات الاحصائية الدلة على الظاهرة الا ان الاهتمام العلمي عربيا بالظاهرة لا يكاد يصل الى الاهتمام به كما لدى الدول الغربية وامريكا،فمن مظاهر الاهتمام به عالميا  به ما يلي:

1.اصبح لديهم علماً مستقلاً بذاته يطلق عليه اسم علم الانتحار وهو يدرس ظاهرة الانتحار والوقاية منها،واصبح هنالك علماء متخصصون بالانتحار يدرسون علم الاوبئة،والاجتماع،والاحصاء،والديموجرافيا،وعلم النفس الاجتماعي،واطباء نفسيون وعلماء نفس اكلينيكي،واخصائيون اجتماعيون ،ومتطوعوت متدربون،ورجال دين.

2.اجراء الدرسات حول المحولات الانتحارية ونسب الانتشار،والتعرف على المتغيرات النفسية والاجتماعية والاقتصادية والاسرية والمعرفية المرتبطة بالانتحار،ووضع مقاييس لقياس تصور الانتحار او البنية المعرفية التي تميل الى الانتحار.

3.الوقاية من الانتحار،وارشاد وعلاج من يحاول الانتحار او من يحمل افكار انتحارية.

4.انشاء مراكز للوقاية من الانتحار: وهي مراكز توفر خدمة الطوارئ او التدخل عند حدوث الازمات.

5.اصدار عدة دوريات لدراسة الانتحار مثل دورية الانتحار والسولك المهدد للحياة(23).

راي الدين في الانتحار وتحريمه  :

هنا الانتحار يعني تعدي الإنسان على نفسه، أي قتل النفس عمداً متعمداً،وهو هنا من كبائر الذنوب،فقتل النفس ليس حلاً للخروج من المشاكل،والوساوس التي ترواد النفوس ويحرم الانتحار بكل وسائله،سواء الموت أو إتلاف عضو من أعضائه أو إفساده أو إضعافه بأي شكل من الأشكال،وقد جاء التحذير عن الانتحار بقول ربنا جل جلاله :{ ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً }، وقال تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } .وغيرها الكثير الكثير من الايات،فالانتحار ليس علاجاً ولن يكون كذلك ولا باي حال،وهو حرام بكل صوره وأشكاله،ولايمكن ان يكون دواءً يوصف للمعضلات والمشكلات،وهو يسبب الحرمان من الجنة،ويجلب سخط الرب،فالانتحار منهي عنه نهي تحريم لما فيه من إزهاق النفس البشرية بغير وجه حق(24).

الأديان السماوية جميعها كانت ضد ظاهرة الانتحار البشري،المسيحية أصدرت قرارات بتحريم الانتحار في عام (639م)،وقبلها وبعدها جاء في بعض موادها : " إن الانتحار جريمة وخطيئة " " تحرم على كل من انتحر طقوس " الدفن الجنائزي"(25).

حالات الانتحار وتفسير نفسي للمختصين

ارتفاع حالات الانتحار في قطاع غزة والضفة الغربية ساهم في دفع "فلسطين الآنالى تسليط الضوء على الجانب لمشكلة الانتحار لمعرفة الاسباب والتكوين النفسي للأشخاص الذين يفكرون في الانتحار،فاشار المختص بالشوؤن النفسية في قطاع غزة فضل أبو هين ان الانتحار مرض اجتماعي ناتج عن الشعور بالإحباط وفقد قيمة الحياة ومتعتها،مؤكداً على دور الوضع الاقتصادي الصعب في دفع الاشخاص للتفيكر في الموت وتفضيله على الحياة، وأضاف خلال مقابلة خاصة بـ "فلسطين الآن":"إذا انفتحت آفاق الحياة على الشخص فهو يفكر في الحياة، أما إذا انغلقت آفاقها أمامه وكرهه الناس يغلق أمله في الحياة، الموت والحياة موجودان داخل الإنسان ويفاضل بينهما".وشدد ابو هين على ان الاشخاص الذين يفكرون بالانتحار يكون لديهم تحقيق هدف معين،وحين ينجحون في التخطيط  للانتحار يصبحون في قمة السعادة،واكد ابو هين كاخصاصي نفسي ان الانتحار هو مرض اجتماعي وهم عار على الحكونة كونه يعكس فشلها في في مواجهته  وفي عدم قرتها على تحقيق ما يريد الشعب،معتبراً ان الانتحار في الفترة الاخيرة اصبح ظاهرة في غزة والضفة بسبب حدوث هذه الظاهرة في وسط سلطة كبيرة للعائلة وفي مجتمع متماسك،واوضح من خلال العمل في علاج هؤلاء الناس الذين يفكرون بالانتحار ان هناك تبدلات جسدية وفكرية تطرأ عليهم بسبب التفكير،ليصلون الى مرحلة تكون اجسادهم وانفعالاتهم مبرمجة نحو طريق واحد فقط هو الانتحار،مؤكداً الى ضرورة اخضاع هذه الحلات للعلاج النفسي،واعطاؤهم الادوية من قبل المختصين الى ان يعودو لوضعهم الطبيعي،ولم ينسى الاختصاصي النفسي ابو هين وسائل الاعلام داعيا اياهم الالتفات لهذ الظاهرة الخطيرة،وضرورة توجيه نصائح غبرهم لافراد المجتمع وخاصة اولياء الامور في كيفة التعامل مع اولادهم حتى لا يصلو الى هذه المرحلة المتطرفة من التفكير(26).

ومن الأهمية بمكان ان ندرك على المستوى الشخصي انه ليس هناك سوى عدد قليل من حالات الانتحار التي تحدث بدون إنذار، فمعظم الاشخاص المنتحرين يعطون إنذارات واضحة عن نواياهم. ويجب هنا الاهتمام الواجب لجميع التهديدات التي يصدرها  المنتحرون والمتعلقة بإيذاء الذات. وإضافة الى ان الغالبية العظمى من الذين يحاولون الانتحار يكتنفهم التناقض وعدم اليقين من الرغبة في الموت

صفات ومميزات تتوفر لدى الشخص المنتحر

1- الخلل على صعيد الأنا،وعدم استطاعته أن يبلور طاقاته الدفاعية كي يتعامل مع الناس ومع واقعه.

2- ضعف في الصور الخيالية.

3- الطعنة النرجسية : وتحدث عندما يوظف الشخص كل طاقاته الذاتية حول شيء معين ولا يفكر في شيء آخر وإذا فشل في هذا الشيء تخيل الفشل.

4- عدم قدرته على تخطي ظروفه.

5- ليس لديه قدرة على التأقلم مع المحيط والأوضاع المختلفة.

6- ضعيف الثقته بالنفس،ولديه الحاجة إلى الامتداح الدائم من الآخرين وطمأنينتهم له.

7- لديه شخصية تتميز باللامسؤولية،وهو بلا هوية جنسية،ولا يمتلك الاستقرار العاطفي والنفسي،ويعيش بحالة فراغ مستمرة ويشعر بالاكتئاب.

8- عنف على الذات نابع من كبت،وصعوبة في التعبير.

9- شعوره بالنقص والخسارة، وهو شعور ممكن أن يكون واقعياً وخيالياً.

10- بالرغم من الحل موجود دائماً ولكنه وصل إلى درجة لا يرى غير الانتحار حلاً مناسباً(27).

الكيمياء العصبية والانتحار: 

من خلال اجراء الدراسات على اجسام الذين حاولو الانتحار اتضح أن مستوى السيروتونين ينخفض فى مرضى الاكتئاب الذين يحاولون الإنتحار،ويم رصد هذا الانخفاض بقياس مادة ( 5 - هيدروكسى إندول أسيتيك أسيد ) فى السائل النخاعى،وقد وجد ان هناك علاقة ارتباط بين انخفاض السيروتونين والسلوكيات الإندفاعية والعدوانية. ووجد ايضا فى بعض الحالات ارتفاع مستوى الكورتيزول فى البول،وعدم استجابة الغدة الدرقية للتأثير المحز لهرمون ….TSHالخاما فيما يتعلق بالاضطرابات العضويه والانتحار:فتزيد معدلات الانتحار فى وجود الأمراض العضوية التالية :السرطان،أمراض الجهاز العصبى،اضطرابات الغدد الصماء،اضطرابات الجهاز الهضمى،اضطرابات الجهاز البولى والتناسلى .

علاج الانتحار

تكمن معالجة حالات الانتحار في الوقاية اكثر من العلاج،فيجب احاطة كل من يعاني من حالة نفسية هشة او من الانهيار العصبي ...الخ بالعناية الطيبة والنفسية،بشكل حثيث ومستمر وعلى المدى الطويل،وتناول الدواء عند الحاجة،والمراقبة المستمرة من قبل الاهل والاصدقاء والاقارب وتكون خطة العلاج اما فى المستشفى أو خارجها حسب الحالة فى ثلاث نقاط : الأولىتخفيف الألم النفسى بكل الوسائل،الثانية : التدعيم والمساندة،الثالثة : اعطاء بديل للانتحار.اما عن العلاج فى المجتمعات ذات النزعة الدينية القوية،فيمكن مساعدة المريض من خلال تغيير تصوراته وتخيلاته نحو الإنتحار،ففى معظم الاديان هناك زجر وتخويف من الإنتحار وبدلاً من كونه راحة وخلاص فى خيال المريض نجد أن التصور الدينى يجعله مصيراً مخيفاً حيث يخلد المنتحر فى جهنم يتعذب بالوسيلة التى استعملها فى الإنتحار،وهذا التصور وحده فيه عكس للمنظومة الانتحارية برمتها وفيه غلق لباب الخيار الانتحارى،وفى ذات الوقت فيه فتح لباب ألامل فى رحمة الله والأمل فى تفريج الكربات مهما كانت ومهما عظمت مثل : الخيانة الزوجية والعنوسة و الصدمات العاطفية تدفع السيدات إلى الإنتحار(28).

الانتحار في فلسطين هل هو بظاهرة ودور العوامل الاقتصادية في ذلك

للاجابة على هذا  التساؤل يواجه الباحثون صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومات الدقيقة الخاصة بالانتحار،في ظل ما يحيط مثل هذا النوع من القضايا من تكتم وسرية شديدتين من قبل الجهات المختصة او المعنية او الاهل. ويرفض الكثير من المسؤولين والأكاديمين إطلاق صفة (الظاهرة) على حوادث الانتحار في فلسطين،انها لا تكاد تكون سوى حالات نادرة الحدوث هنا او  هناك ،ويرون أن من أهم الأسباب المباشرة التي تؤدي الى الإقدام على الانتحار هو العوامل الاقتصادية،يؤكد مسؤولون أمنيون وأكاديميون آخرون أن عدد الحالات والحودث الانتحارية شهدت تزايداً محلوظاً خلال السنوات الآخيرة،وبالعودة الى العوامل الاقتصادية نجد ان الشخص الفقير احيانا يزداد عنده الإحساس بالغبن والظلم بشكل مستمر ودائم،فتتولد لديه حالات العداء للآخرين،ويقدم على الانتحار بعد أن يشعر بالعجز الكامل.وبالرغم من الأعداد المخيفة لحالات الانتحار، إلا أنها تظل نسبة ضئيلة ولايمكن وصفها بالظاهرة.وخير مثال على ذلك احدى حالات حرق الذات التي نفذها احدهم في مركز مدينة نابلس خلال فترة ليست بعيدة(29).

اراء المدارس المختلفة ومناصريها في تحليل اسباب الانتحار

نظرية فرويد(التحليل النفسي)افترض فرويد هنا وجود غريزتين هما غريزة الموت وغريزة الحياة أو غريزة الهدم والتحطيم تقابلها غريزة اللذة والبناء،وخرج بنظرية الطاقة الحياتية العامة وسماها (الحزن) أو الحداد والاكتئاب،ويفسر فرويد في نظريته الانتحار: بأن المنتحر يقع فريسة لغريزة وانفعال عدائي سادي اخفق في التعبير عن نفسه، فانعكس على الداخل (الذات نفسها ليقتلها).والاكتئاب هنا عنصر حساس في خلق هذه الميول العدائية،بمعنى اخر ان فرويد يرجع الانتحار إلى أسباب نفسية داخلية، وأن الانتحار ناتج عن مشاعر الحب الأساسية الموجهة نحو موضوع داخلي،وتحولت هذه المشاعر إلى غضب وعدوان كنتيجة للإحباط، ولأن موضوع الحب داخلياً أو جزء من الذات، فإن المشاعر العدوانية توجه نحو الذات(30).

اما راي النظرية السلوكية في الانتحار فهي تشير الى انه ينجم عن فقدان متوقع لمعززات ذات قيمة عالية مثل عمل،اصدقاء..الخ،فهم حسب هذ النظرية لا يتوقعون الحصول على تعزيزات من بقائهم في الحياة،فلذلك يجدون بالتفكير بالموت تعزيزاً ايجابياً،ويرون بالموت انهم يجلب لهم اشياء يحبونها مثل الانتباه والشفقة والانتقام(31).

أما المدرسة المعرفية ترى الانتحار برؤيا النفق أو التفكير غير المرن حيث أن الحياة مريعة ولا يوجد حل سوى الانتحار والبعض رأى الانتحار أنه تعبير عن البكاء الرمزي أو للفت الانتباه.فسرعالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم الانتحار بسبب العوامل اجتماعية من خلال تكسر الروابط الاجتماعية والانعزال،وقد تؤثر عوامل الضغوط النفسية وعدم القدرة على كبحها وخاصة الفقر والبطالة.ويرى إريك فروم بالانتحار انه صراع بين الداخل والخارج وعدم الالتفات للعوامل الحضارية الاجتماعية(32).

وفي نظرية الضغوط لـكلاود وأوهلين: "إن حالة اللامعيارية في المجتمع تجعل الأفراد مشوشين وغير قادرين على التمييز بين الأعراف التي توجه سلوكهم،وتتوالد الضغوط عندما تكون الأعراف الاجتماعية غير واضحة أو متصارعة أو ضعيفة،أو عندما تفشل في تقديم الفرصة للأفراد لتحقيق حاجاتهم،وهذا يؤدي إلى الإحباط،والإحباط يؤدي إلى الانحراف والانتحار،ومن أهم الأبنية الاجتماعية الضاغطة (الفقر) الذي يدفع إلى الانحراف"(33).

اما نظرية تكامل المكانات فتشير هذه النظرية الى ان معدلات الانتحار لمجتمع ما متباينة عكسياً مع استقرار واستمرارية العلاقات داخل المجتمع،فاستقرار واستمرارية العلاقات داخل المجتمع متباينة مباشرة مع مقدار تمثل أفراد المجتمع لأنماط العقوبات الاجتماعية ومتطلباتها والتوقعات التي يضعها الآخرون عليهم.اما النظرية الاقتصادية ترى هذه النظرية تطبيق النموذج الاقتصاي في اتخاذ القرارات على سلوك الانتحار،فاختيار الفرد لقرار كالانتحار ناتج عن أننا نكّون قائمة من البدائل ونرتبها بتراتيب معينة حسب تفضيلنا لهذه الاختيارات في الموقف الراهن،ونختار البديل الأكثر تفضيلاً وتمر هذه العملية بنوع من التصفية،حيث يوجد عدد من الاندفاعات التي تكون الفعل،بعضها يسمح له بالمرور والبعض الآخر لا يسمح له،وفي السلوك الانتحاري من الممكن منع هذا السلوك من خلال عدد من المصافي الأخلاقية،والدينية،والاجتماعية،ويمكن السماح له بالتنفيذ إذا تم تعديل واحد أو أكثر من هذه المصافي(34).

أما تفسير بعض خبراء علم الاجتماع للظاهرة،فهم يعزونها لضعف الإيمان والشخصية، فنىحظ الان معظم الشاب أصبح عندما يواجه مشكلة ما ولا يقدر على مواجهتها، يعتبر الأمر نهاية المطاف وبالتالي يلجأ للانتحار،ويضيف خبراء اخرون أن بعض الشخصيات مبنية على مفاهيم مادية،وفي ظل الظروف المادية الضاغطة لا يستطيعون إشباع حاجاتهم،مما يؤدي بهم للشعور بالفشل والاكتئاب ومن ثم محاولة الهروب من المشكلة عبر الانتحار(35).

 لماذا لم يعرف مجتمعنا الفلسطيني هذه الظاهرة إلا مؤخراً؛ فيرجع ذلك إلى أسبابٍ منها :

1.سياسية الانفتاح الإعلامي والثقافي غير المضوبط الذي نعيشه،الأمر الذي ادى الى تقليد الآخرين والتأثر بهم في كل شأنٍ

2.المشكلات الأُسرية الكثيرة التي أصبحنا نعانيها؛والتي ترتب عليها نتائج مؤسفة مثل التفكك الأُسري،وانتشار بعض الظواهر الاجتماعية السلبية التي يأتي من أبرزها جريمة الانتحار .

3.التأثر الشديد لدى صغار السن ومحدودي الثقافة بما تبثه القنوات الفضائية من أفكارٍ وطروحاتٍ وموضوعاتٍ تحث بصورةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة على الانتحار(36).

ابعاد الانتحار في فلسطين في اوخر الانتفاضة الاولى وبداية الانتفاضة الثانية

وفي دراسة نادية الدباغ حول لانتحار في فلسطين والتي نشرت في بريطانيا عام 2005،اشارت الدباغ الى دور الضغوط الاجتماعية اثاراً علي الحالات المسجلة على كل من المرأة الفلسطينية من جهة فهي تعيش في مجتمع يطلب منها الالتزام بقانون العفة والحفاظ على طهارتها،وعلى الرجل من جهة أخرى المطالب دائماً بإثبات رجولته، وتوفير الأمان الاقتصادي لعائلته،فان هذه الضغوط تزيد من مخاطر اقدام الرجل او المرأة علي الانتحار

تري الدباغ في هذا الشان ان في فلسطين بعدين للانتحار،الاول متعلق بالخطاب العام عن الظاهرة نفسها،والثاني فهو الافعال التي يقوم بها الافراد بعيدا عن اعين الناس اثناء محاولتهم ايقاع الاذي بانفسهم.فالانتحار في المعني الفلسطيني حسب الكاتبة يرتبط بالثقافة التي بدأت تتراكم مع بدء العمليات الاستشهادية وتبني الحركات الاسلامية لها في المعركة ضد اسرائيل،ثم دخول التنظيمات الوطنية الاخري ساعة الفعل. وفي ضوء ذلك يمكن الحديث عن ظاهرة قتل للنفس ذات بعد ثنائي: الاستشهاد والانتحار، وهذان البعدان متضادان ومتعارضان في نفس الوقت، فالاستشهاد يعتبر فعلا عاما، ضروريا في المعركة من اجل الحرية، فيما ينظر الي فعل الانتحار، باعتباره قتلا للنفس،في الاولي تمجيد لقتل النفس اما الثانية فتعتبر عاراً.وتؤكد الباحثة انه بعد مقارنة العينات الغربية مع العينات الفلسطينية تظل الثانية قليلة،بالغم من تشابه ادوافع احيانا ما بين الاثنتين الا ان مجتمعنا الفلسطين يظل مجتمعاً محافظاً متديناً،لهذه فان نبةالحلات تكون فيه قللية جداً  مقارنة مع الغرب.

واكدت الدباغ ان الحياة بلا عمل تترك اثرا مدمراً علي الرجال،فزيادة معدلات البطالة،والوضع الاقتصادي السييء الذي تزايد تفاقمه في مرحلة ما بعد اوسلو يترك اثراً ليس بسيطاً على المجتمع الفلسطيني.وتعكس الدراسة ومن خلال قصص الشبان والشابات الذين حاولوا الانتحار اثر الاحتلال والحرب والعنف السياسي علي المجتمع الفلسطيني.ولهذا فمجمل الحالات التي قدمت تظهر اثرا واضحا للحرب،والاحتلال الذي حاول سرقة الارض والثقافة والهوية من الفلسطينيين.وتقول الدراسة ان اوسلو لم يؤد الي السلام في الشرق الاوسط، فالمعاناة الفلسطينية استمرت حتي بعد اوسلو، والقلق النفسي زاد معدله عام 1994 اكثر مما لوحظ اثناء الاحتلال الاسرائيلي في الثمانينات.

وتشير الباحثة الى انه عندما يصبح المجتمع عرضة للضغوط النفسية،فان اثارها تظهر بالضرورة علي الحلقة الاضعف،وهي النساء الفلسطينيات،اللاتي كان لديهن السبب الواضح من اجل البحث عن حبوب مهدئة واخذها دفعة واحدة،وهذا الكتاب شهادة عن النساء الفلسطينيات والجماعات الضعيفة في المجتمع العربي التي كان عليها البحث عن اساليب متعددة للتصدي للوضع من اجل النجاة بدلا من كونه كتابا عن الضعيفات اللاتي يدفعن للانتحار(37).

دوافع الانتحار

من الجائز ان يكون الانتحار محاولة للاحتجاج علي الوضع الاجتماعي المتعلق بدرجات التحديث،وفي البحث عن الاسباب التي تدفع الاشخاص لاحداث ضرر علي انفسهم،تشير(الدباغ)ان الكثير من الحالات وبسبب التغييرات التي حدثت في المجتمع الفلسطيني، والتعرض الدائم لعدد من العوامل التي تدفع للكآبة والامراض النفسية،فان من يقدمون على الانتحار بسبب رؤيتهم لوضعهم الاجــــتماعي،باعتبارهم اناس لا حول لهم ولا طول،ومن هنا فان اخذ بعض الحبوب او احداث اذي جسدي يعتبر نوعا من انواع الاحتجاج او وصولهم لحالة من اليأس والقنوط. 

فزيادة حالات الانتحار في فترة ما بعد الانتفاضة حسب ما ترى وتفسر الدباغ من خلال تغيير اشكال الضغط النفسي وبسبب الضغوط النفسية الكبيرة التي شهدها المجتمع الفلسطيني في حقبة التسعينات من القرن السابق،علي كل الاصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.وقد اظهرت دراسة اجراها براين باربر علي الاطفال الذين شاركوا في الانتفاضة ولاحظ خلالها قدرة هذا الجيل على التعافي سريعا من رضوض الانتفاضة،حيث افاد الى دور البعد الديني والايديولوجي،والتركيبة العائلية القادرة علي التكيف والتعافي السريع امام الاوضاع السياسية المتغيرة(38)

خصائص يتميز بها الأشخاص الذين يقدمون على الانتحـار :

فقد اهتم بعض الباحثين المختصين بدراسة الصورة الإكلينيكية التي تصف الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار،ومن خلال معرفة ما قد يميزهم من خصال يمكننا على أساسها تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الشروع في الانتحار،وقام فريق من الباحثين بدراسة نحو 30.000 شخص مودعين ببعض المستشفيات،ثم أُخضعت هذه البيانات للتحليل سعياً إلى تحـديد أي المتغـيرات تمـثل أفضل المنبئات للانتحار، وذلك بما يلي:

وجد انهم الأكبر عمراً،والأكثر من حيث المصادر المالية،والاكثر اكتئاباً،والاكثرمن ناحية الإدمان والاضطراب الانفعالي في الأسرة،والاكثر من جهة الانحرافات الجنسية،واكثر انلس تم إيداعهم السابق في مصح أو مركز للطب النفسي،والاكثر من جهة الخسارة مالية فادحة،والاكثر ضغوط شخصية،ولاكثر تغيراً بالوزن زيادة أو فقدان،والاكثر من ناحية أفكار الاضطهاد، رد فعل الاختصاصي،ومع ذلك،ينبغي أن نضع في الاعتبار أن هذه الخصال لا تنطبق جميعها، أو حتى معظمها على الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار(39).

الخاتمة

وفي الختام نلاحظ ان ظاهرة او عملية الانتحار تحتوي على ثلاثة مكونات سلوكية هي: الفكر،والارادة والفعل،وتبين لنا أن ألاسباب التي تدفع بالشباب إلى الانتحار من الجنسيين كلها تتعلق بمشاكل عائلية وعلى رأسها الخلافات بين أفراد الأسرة،أو خلافات زوجية أو طلاق،اومشاكل اجتماعية مثل اليأس الناتج عن الفقر و البطالة،اضف إلى ذلك إصابة بعض المنتحرين بأمراض عقلية و نفسية و جسمية إلى جانب الفشل في العلاقات العاطفية.

وقد اثار هذا الموضوع بداخلي عدة علامات استفهام،لكثرة حدوثه في المحيط المجتمعي حولنا بعد ان تكاثرت الاخبار المفاجئة للحالات المنتحرة من الجنسين،التي رأت في فعل الانتحار خيار نهائيا لحياتها لمسسببات خاصة بكل حالة على حدة، ولكن مقالة عابرة قد لا تنبه لحجم هذه المشكلة التي قد تستفحل وتزيد في السنوات المقبلة.

فليس من السهولة بمكان على اي انسان مهما كان دينه او جنسه،ان يقدم على قرار انهاء حياته بيده،لو لم يجد ان كل ابواب الحياة قد اقفلت في وجهه،ولم ينتبه احداً من اهله او مجتمعه لأشارات قد يكون ارسلها عبر تصرفات او سلوكيات تنبئ على وجود خلل ما في قدرته على مواجهة ضغوطات الحياة،والمأساة تكون اكبر اذا كان الذي اقدم على فعل الانتحار من بلد إسلامي معروف بترابطه الاجتماعي والاسري ومحافظته رغم كل المشاكل الموجودة فيه.

فكل ذلك يجعل فعل الانتحار امراً ليس بالعابر أو العادي وانما يهزنا بقوة وعلينا التنبيه لموضوع حساس واخذ بالانتشار في مجتمعنا،ويجب علينا جميعاً ان نتعاون في وضع شبكة أمان بالشراكة مع كافة المؤسسات لوضع خطة وطنية شاملة كي لا تصبح ظاهرة.فالإنتحار فلسطينياً لم يصل الى حد الظاهرة،لكن هناك بعض الحالات،وهذا يتطلب منا أن نضع الوسائل الوقائية والعلاجية كي لا تتحول عملية الإنتحار إلى ظاهرة، ونحن نعرف أن عوامل الإحباط والضغط النفسي والاجتماعي هما سبب دائم للإنتحار.وفي هذه الصدد لا نملك سوى ان نسلط الضوء على عليها من خلال بعض التوصيات :

ضرورة توجيه خطباء المساجد والدعاة بتوعية الناس وتحذيرهم ما حكم الانتحار وما عقابه عند الله،دعوة ذوي الاختصاص في مجال الخدمة الأسرية والإرشاد النفسي التركيز على التعامل مع المشكلات النفسية والاقتصادية للتقليل من آثارها على المجتمع الفلسطيني والمؤدية إلى ظاهرة الانتحار،وضرورة توافر أخصائية اجتماعية في جميع مراحل التعليم داخل المؤسسات التعليمية المختلفة،والاهتمام بعقد المحاضرات والندوات التي تشتمل على المواضيع التي تبصرهم و تنور لهم طريق المستقبل بهدف تحقيق الطمأنينة النفسية والاجتماعية لديهم، إخضاع الظواهر السلبية في المجتمع للدراسة والبحث حتى تُعرف أسبابها ودواعيها، ومن ثم تبدأ خطوات الوقاية منها ، وإيجاد العلاج المناسب لها،التعامل مع المرأة بشكل أنساني وإحساسها بالتوافق والأمن الاجتماعي،علاج المشاكل الأسرية بصورة عقلية ومحاولة تقديم الخدمات الاجتماعية التي ترفع من مستوى الأسر، وتوعية أفراد الأسرة بأهمية التماسك والترابط الاجتماعي داخل الأسرة.


المراجع  المعتمدة :

(1).ابراهيم احمد الزعبي،مشكلة الانتحار في الاردن من وجهة نظر اسلامية ونفسية "دراسة ميدانية"،مؤته للبحوث والدراسات،سلسلة العلوم الانسانية،المجلد 28.،العدد 5، 2013.

(2).فايد، حسين،دراسات في السلوك الشخصية.ط1، القاهرة، مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع،2004.

(3).ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ( د.ت)  لسان العرب.

(4).http://www.annabaa.org

 

(5) .http://www.a7tajk.com

(6).http://www.moheet.com

(7).http://modjahidin.yoo7.com

 

(8).http://paltimes.net/details/news

 

(9).مرجع سابق annabaa.org

(10).http://www.raya.ps

 

(11).http://www.fateh-voice.ps

 

(12).http://www.saffad.com

 

(13).مرجع سابق modjahidin.yoo7

(14).عادل عبد الرحيم،مكان العرب في ظاهرة الانتحار،2006. 

(15). سيد محمود طواب،النفسية والإرشاد النفسي،مركز الاسكندرية للكتاب،2008.

(16).http://www.ahewar.org.

(17). مرجع سابق.annabaa.org

(18). مرجع سابق modjahidin.yoo7

(19).http://www.alwaei.com

 

(20).http://www.asbar.com

 

(21).فوزه ياسين قعيد عواد خضر، بعض العوامل الدافعة لانتحار الإناث في مدينة الرياض،رسالة ماجستير غير منشورة ،جامعة الملك سعود،1429.

(22).تقرير منظمة الصحة العالمية حول الانتحار عام2010.

(23).هبة محمد على حسن   ،المعاناة الاقتصادية وتقدير الذات وعلاقتها بتصور الانتحار لدى الشباب الجامعي.

(24).http://www.saaid.net

 

(25).مرجع سابق ahewar.org

(26). مرجع سابق paltimes.net

(27).http://hayatnafs.com

 

(28).مصدر سابق modjahidin.yoo7

(29).http://www.forum.ok-eg.com

 

(30).الجيوش، ناجي،الانتحار، دراسة نفسية اجتماعية للسلوك الانتحاري.القاهرة، مؤسسة الشبيبة للإعلام والطباعة والنشر،د.ت

(31). صالح شروخ،مدخل علم الاجتماع،دار الشروق للنشر والتوزيع،2002.

(32).http://www.brooonzyah.net

 

(33).مرجع سايق الجيوش.

(34).ذياب البدانيه،جريمة قتل النفس في المجتمع الأردني : دراسة من وجهة نظر علم الاجتماع, مكتبة أمان للمصادر،1995.

(35).مرجع سابق paltimes.net.

(36).http://www.a7tajk.com

 

. Suicide in Palestine Narratives of Despair By Nadia Taysir Dabbagh Hurst& Company London/ 2005  (37)

(38)http://www.passia.org

 

(39).Motto, J.A., Heilborn, D.C., & Juster, R.P.(1985) Development of a Clinical Instruments to Estimate Suicide Risk. Archives of General Psychiatry, `1985, V.42, P.680-686

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017