د. خالد معالي
قراءة لغة الجسد ل"نتنياهو" في مؤتمره الصحفي الذي عقده مساء الاحد 18\11\2018، كشفت عدم ثقته فيما يقوله، وانه يراوغ ومأزوم، ويريد كسب المزيد من الوقت لحكومته المتراجعة، فإعلام الاحتلال ومحللوه السياسيين، اتفقوا هذه المرة على ان الحكومة تشهد ازمة حادة بفعل استقالة "ليبرمان" كنتاج لفشل جولة قصف غزة ليومين متتالين، وهو ما يشير الى ان غزة كسبت الجولة بالنقاط، ونجحت في ايجاد شرخ عميق في حكومة"نتنياهو" قد يطيح بها خلال الايام القادمة في حال استقالة"نفتالي بينت".
قبل مؤتمره الاعلامي كذب "نتنياهو"، عندما قال ان المقاومة استجدت التهدئة ووقف اطلاق النار، فالمقاومة طيلة الحرب العداونية عام 2014 لم تستجدي، ولم ترفع ولو راية بيضاء واحدة، فهل ستستجدي وترفع الراية البيضاء خلال يومين من القصف عام 2018!؟
كذب "نتنياهو" حين راح يمدح نفسه، وكذب حين قال في مؤتمره وقبل مؤتمره ان هناك امور لا يستطيع كشفها للجمهور دفعته لوقف اطلاق النار، وهو ما يعني فشل وتبرير لهزيمته امام غزة، فالتبرير والزعم بأمور سرية أسهل الطرق لخداع جمهورة من الناخبين.
كذب "نتنياهو" حين قال:"نحن في طريقنا للحرب. وهذا سيكون قريبًا ومحفوفًا التضحيّة. سننتصر على أعدائنا لكن دون التقليل من التحدي الماثل أمامنا"، والسؤال هنا وما الذي كان يمنع "نتنياهو" من مواصلة قصف غزة وكسب الحرب كما يزعم!؟
كذب وخسر "نتنياهو" برفضه تبكير الانتخابات وتوليه منصب وزير الأمن، الشاغر منذ استقالة "أفيغدور ليبرمان"، الأسبوع الماضي، وذلك على الرغم من تهديد حزب "البيت اليهودي" أنه سينسحب من الائتلاف ويسقط الحكومة، وراح يزعم ان كيانه في حالة حرب مستمرة، وكأن الاحتلال اصلا كان في يوم من الايام ليس في حرب متواصلة.
كذب "نتنياهو" مجددا عندما صور المرحلة الحالية مثل عشيّة اجتياح الجيوش العربيّة لدولة "إسرائيل" بعيد قيامها عام 1948، فأين هي الجيوش العربية الآن، ومقاومة غزة في المرحلة الحالية غير قادرة على اجتياح دولة الاحتلال، وكل ما تقوم به هو الدفاع عن نفسها وافشال جولات الاحتلال وهو ما حصل بدليل ازمة حكومة "نتنياهو" الحالية والتي قد تعصف به في حالة استقالة "بينت".
صدق "نتنياهو" في عبارته التي قال فيها ’عملية عسكرية مستمرّة’"، وقوله في جملة اخرى "لا نستبدل حكومات أثناء عملية عسكريّة مستمرة"، اذن الاستنتاج المنطقي يقول ان الجيش لم يحقق اهدافه من الضربات السابقة وهو يواصلها، مما يعني فشل ما سبق من جولات بالنسبة للاحتلال، وهنا اراد "نتنياهو" كذبا ان يلعب على وتر استمرارية حكومته مقابل استمرارية ما اسماها عملية متواصلة ومستمرة.
كذب "نتنياهو " في مقصده الحقيقي من تصريح بالقول:"تحدثت إلى كلّ رؤساء أحزاب الائتلاف، وقلت لهم: هذا وقت إبداء ألمسؤولية لا تسقطوا الحكومة، خصوصًا في فترة أمنية حساسة كهذه"، صحيح ان امن الاحتلال حساس وان لا تقوم لدولة الاحتلال قائمة دون الأمن كونه كيان مصطنع قائم بالقوة الظالمة، لكن هنا تحديدا اراد استدراج الاحزاب والجمهور في كيانه الى مظلة الامن الحساسة، والتي هي اصلا حساسة منذ قيام الكيان ولا جديد في الأمر ولكنه كسياسي محنك يريد ان يتلاعب بجمهوره واستغلال عامل الخوف من ذهاب الامن.
المحلل للشؤون العسكريّة في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أشار الى إمكانية خوض نتنياهو حربًا من أجل ترميم صورته التي تضررت خلال الأسبوع الأخير بفعل الأوضاع في غزّة، وهذا دليل على ان "نتنياهو" خسر الجولة، وارباك "نتنياهو" لن تكون نتاجه الذهاب الى حرب كونه ادرى القادة في الكيان بصعوبتها وصعوبة ربحها.
يقول" فيشمان " بانه كلّما نجح نتنياهو في تأجيل الانتخابات أكثر، كلّما زاد احتمال الذهاب إلى حرب. "الإسرائيليّون" سيكونون أسرى الخطر الوجودي في ظل التهديد المتنامي، ولا حلّ لذلك إلا ضربة عسكريّة استثنائيّة"، وهنا يوجد اقرار في الوعي الجمعي لمجتمع الاحتلال بان غزة تهدد خطر وجودي على دولة الاحتلال، لكن ضربة عسكرية لن تحصل لكلفتها الكبيرة، وهنا راح "نتنياهو" يلعب على وتر الخطر الوجودي كي يجعل مجتمع الكيان يلتف حوله.
ما حصل في جولة غزة الاخيرة من نجاح للمقاومة انعكس سلبا على مستقبل "نتنياهو" السياسي، ولن يكون هناك ما يرفع من شعبية "نتنياهو" في الانتخابات القادمة بعد اخفاقه وكشف قواته الخاصة، وفشله في جولة غزة مؤخرا، والتي اوجعت الاحتلال وجعا كبيرا وعملت زلزال سياسي في دولة الاحتلال.
صحيح ان غزة اطاحت بوزير جيش الاحتلال الذي توعد هنية بالقتل خلال 48 ساعة في حال استلامه لوزارة الجيش، واذا بال 48 ساعة في الجولة الاخيرة تطيح ب"ليبرمان، دون أي أسف عليه، وستطيح قريبا بحكومة "نتنياهو" عبر تفككها في حالة استقالة وتهديد حزب "البيت اليهودي" بقيادة "نفتالي بيت " والمتوقع مساء اليوم الاثنين.